لا تضطروا الحكومة إلى الغش! - مقالات

  • 11/2/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

قابلني في المسجد بعد الصلاة، فقال لي: «هل سمعت عن آخر أخبار التشكيل الوزاري؟!»، قلت له: «لا لم أسمع»، فسرد لي أسماء عدة، فقلت له: «ما شاء الله، من أين جئت بهذه الأسماء؟»، قال لي: «من مصادر موثوقة وأنا متأكد من ذلك»، فقلت له: «ولكنك أعطيتني قبل أيام أسماء أخرى مختلفة»، فقال: «لقد غيروها»! بورصة التشكيل الوزاري لا تكاد تتوقف حتى قبل أن يكلّف أمير البلاد رئيساً للوزراء، ولا شك أن وسائل الاتصال الاجتماعي تلعب دوراً كبيراً في تضخيم الأمور وطرح الأسماء وترويج الإشاعات! معظم دول العالم تخضع التشكيل الوزاري لموافقة المجلس النيابي، وفي ذلك فوائد كثيرة، منها إرغام الحكومة على أخذ موافقة الشعب في الوزراء الذين يتولون إدارة شؤونه، لا كما يحدث الآن من مفاجأة الشعب بوزراء قد لا يكون مقتنعاً بهم أو قد يكون كارهاً لهم! الأمر الآخر هو أن مجال الاختيار في نظام مشاركة الشعب يعطي ضمانات قوية بعدم التنصل للحكومة الجديدة ورفضها عند أدنى أخطاء تقع منها وعدم المسارعة إلى نسفها بحجة فشلها! ما دمنا لا نعمل ضمن نظام الأحزاب، فإن الحكومة لا تجد من يدافع عنها ولا من يتصدى للذين يسعون لزعزعتها، وقد كانت حكومتنا في السابق تعتمد نظام بذل العطايا لنواب الأمة وإرضائهم من أجل كسب ودهم وإسكاتهم عن النقد والتحرك لإسقاط الحكومة، ولكن ذلك الأسلوب قد تسبب في أضرار كبيرة وتلقى انتقادات كثيرة وجرد العديد من النواب من ثوب الحياء! وهذه هي المرة الأولى التي تخلت فيها الحكومة عن ذلك الأسلوب وتركت وزراءها يدافعون عن أنفسهم، إضافة إلى تقليص العطايا التي كانت تسبغها سابقاً على النواب من علاج في الخارج ومزارع وغيرها، لكننا قد شاهدنا النتيجة حيث تحركت مجاميع من النواب أو من المتنفذين من خارج المجلس لتوجيه دفة المجلس نحو أهداف مرسومة تسببت في إسقاط وزيرين من الأسرة الحاكمة، وبذلك حرمتهما - ولو موقتاً - من تقلد المناصب الكبيرة في الأسرة! ولا شك أن صراع الأسرة له تأثير قوي على تلك التحركات التي وصفتها في مقالاتي سابقاً بأنها مدروسة وقد دُبّرت بليل! لو عاد التشكيل الوزاري بالطريقة العشوائية نفسها التي تشبه إخراج الساحر من قبعته أرنباً وعصا وحية وغيرها، فإن المتوقع هو أن يعود التأزم من جديد، وأن يتم التضحية ببعض الوزراء المؤثرين من أجل إيصال رسالة مفادها رفض الحكومة والمسارعة لإسقاطها! إن نظامنا الانتخابي هو نظام معقد ولا يمكن التحكم بمخرجاته أو توجيه دفته، بل يمكن التلاعب به بسهولة من بعض المغامرين، فنحن نفرح لعدم سعي الحكومة إلى رشوة النواب أو السعي للسيطرة عليهم عن طريق الرشاوى، لكننا نحزن بسبب سهولة تحكم قوى خارجية بقرارهم وتوجيه دفتهم! إن الحل هو في وضع آلية لحسن اختيار الوزراء وضمان رضى الشعب عنهم، أو قد يكون الحل في شعبية الوزراء والحرص على توزير أكبر عدد من أبناء الشعب - حتى الوزارات السيادية - والتركيز على توزير الكفاءات على حساب المحسوبية والعلاقات! إن العالم يتغير من حولنا وما لم نسرع إلى التكيف مع تلك المتغيرات، فإن ضريبة الوقوف ومقاومة التغيير قد تزداد إلى أن تشل حياتنا السياسية وتتسبب في تمزيق مجتمعنا وبذر العداوات المتأصلة بين أبناء الشعب!

مشاركة :