القاهرة ـ محمد الشاعر | أكد خبراء سياسيون ومفكرون أقباط أن اللحمة الوطنية المصرية قوية بما يحول دون إسقاط الدولة، إلا أن للتفجيرين اللذين استهدفا كنيستي مار جرجس في طنطا ومار مرقس في الإسكندرية آثاراً، قد تتعلّق بعلاقة الأقباط بالكنيسة، وتقليل الدعم المباشر من الأقباط للدولة. المفكر القبطي الناشط نجيب جبرائيل قال لـ القبس: إن «آثار التفجيرين بلا شك لا تقع على المسيحيين فقط، لكن على المصريين بشكل عام، وهي آثار كارثية ومتكررة». وأضاف: «المسيحيون يظنون أن المشكلة في دواعش مصر، لكن الدولة جزء من المشكلة، سواء بالنسبة إلى الناحية الأمنية، أو طريقة محاربة الفكر المتطرّف، وهي منظومة يدخل فيها الإعلام والتعليم والسياسة، ولا يمكن القضاء على الإرهاب عبر الطريقة الأمنية فقط، فيجب وضع مناهج تعليمية جديدة، وتغيير لغة الخطاب الديني». وأكد جبرائيل «وجود قصور أمني، لأنه جرى تفكيك عبوة ناسفة في كنيسة مار جرجس في طنطا منذ عشرة أيام، بما يؤكد أن الكنيسة كانت مستهدفة، وهناك مطالبات مسيحية بضرورة إقالة وزير الداخلية، كما أنحو باللائمة على مجلس النواب؛ لأنه ليس لديه أولويات قومية، وأصبحت أولوياته تتمثل في إسقاط العضوية وتقديم النواب للقضاء، أما القوانين المتعلقة بمكافحة الإرهاب فلا تقع في نطاق أولوياته»، مشيرا إلى أن «الأقباط يعلمون تماما قوة اللحمة الوطنية، ولكن يعزّ عليهم تكرار واستمرار الضربات التي تستهدفهم من دون اتخاذ إجراءات حاسمة من الدولة». الثأر السياسي من جهته، أوضح السكرتير الثاني لمجمع الكنيسة الإنجيلية في مصر القس رفعت ذكري لـ القبس أن «التفجيرين يهدفان إلى تشويه صورة مصر وإظهارها على أنها ليست آمنة، وكذلك بث الفرقة بين المسلمين والمسيحيين، لكن جذور الاستقرار في مصر عميقة، وأستطيع أن أقول إنها أزمة وستمر». وتابع: «نتمنى عدم تكرار مثل هذه الحوادث ذات الآثار السلبية على المدى البعيد، والتي تسعى إلى إسقاط الدولة، لكن مصر أقوى وأكبر من أن تؤثر فيها مثل هذه العمليات». بدوره، قال المفكر الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية عمرو الشوبكي لـ القبس إن «التفجيرين لهما أكثر من هدف، فهما رسالة إلى النظام لكيفية تعامل تنظيم داعش مع الأقباط، حيث إنه لا يتعامل مع الأقباط فقط على أنهم أهل ذمة، أو مواطنون من الدرجة الثانية، كما كانت الحال في حقبة الثمانينات، ولكنه يتعامل معهم كأحد الأنظمة السياسية الحاكمة، أو الداعمة للرئيس ونظامه». وأضاف: «تحدث داعش في تسريبه المصوّر الأخير عن الأقباط على أنهم جماعة سياسية، وما يجري هو نوع من الانتقام من هذه الجماعة، وهذا الكلام مغلوط، فالمسيحيون ليسوا جماعة سلطة، لكن ما يروّجه «داعش» في دعايته يستهدف الانتقام من المسيحيين، وينعتهم بصفات النظام السياسي نفسها، كما أنه يحرص على إفقاد النظام طرفا داعما له، وبالتالي فهو يستهدف المسيحيين وفقا للبعد الطائفي والديني، وهذا ليس الهدف الأساس، فالبعد الأكبر هو الانتقام والثأر السياسي باستهداف المسيحيين، باعتبارهم قوة داعمة للنظام». وأكمل الشوبكي: «في المجتمع مقومات كثيرة للتعايش، لكن هناك قطاعات كثيرة ومتنوعة في الأسرة المسيحية، خاصة من شباب الأقباط، ينتقدون القيادات الكنسية، لأنها تؤيد النظام بشكل كامل، فالكتلة المسيحية فيها تنوع مثل بقية المجتمع المصري، والتفجيران سيكون لهما آثار طفيفة على علاقة الأقباط بالنظام، كتقليل أو تخفيف الدعم المقدّم للنظام حاليا، أما على النظام المجتمعي فسيكون للتفجيرين آثار طفيفة، لأنه في الأزمات الكبرى يوجد نوع من التماسك والتلاحم بين المسلمين والأقباط، خاصة أن الغالبية العظمى من المسلمين يرفضون هذه الممارسات الإرهابية».
مشاركة :