أكدت الولايات المتحدة الأميركية أول من أمس الجمعة، أن الصين لا تتلاعب بعملتها لتحفيز صادراتها، مضفية بذلك طابعاً رسمياً على التحول الذي أبداه مؤخراً الرئيس الأميركي دونالد ترمب في هذا الشأن، وحذرت في الوقت نفسه ألمانيا في مسألة فائضها التجاري. واتهم الرئيس الأميركي خلال حملته الانتخابية بكين مراراً بخفض سعر عملتها الـ«يوان» عمداً، وتعهد بالتحرك حيال هذا البلد من «اليوم الأول» لولايته، مجازفاً بإشعال حرب تجارية بين البلدين. إلا أن ترمب تراجع الأربعاء الماضي عن هذه التأكيدات وتبنى موقفاً مختلفاً تماماً، تجسد في التقرير نصف السنوي لوزارة الخزانة الأميركية حول أسعار الصرف، الذي صدر أول من أمس الجمعة، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. وجاء في التقرير أن «لا أحد بين كبار الشركاء التجاريين للولايات المتحدة يستوفي المعايير، التي تعرّف عن تلاعب في أسعار الصرف». واستعرض التقرير إجراءات 6 دول لديها فائض تجاري حيال الولايات المتحدة، هي الصين وألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وسويسرا. وأوضحت وزارة الخزانة أنها أخذت علما بالتغيير الذي أجرته الصين في السنوات الأخيرة، إذ قررت السماح بتقلب سعر عملتها بحرية أكبر وفقا لطلبات السوق، إلا أنها امتنعت عن تبرئة ثاني اقتصاد في العالم بشكل كامل، وطالبت «بأدلة» تؤكد أن هذا التطور يشكل «تغييراً سياسياً دائماً»؛ وليس مجرد تقلبات ظرفية. وتؤكد وزارة الخزانة الأميركية في تقريرها أيضا أنها «ستراقب بشكل وثيق» الممارسات الصينية في مجال أسعار الصرف، وتدعو بكين إلى فتح أسواقها بشكل أكبر أمام البضائع والخدمات الأميركية. وقالت الوزارة إن «الصين تواصل اتباع سياسة واسعة النطاق تحد من إمكانية دخول المنتجات والخدمات المستوردة إلى أسواقها»، معبرة عن «قلقها» من استمرار العجز الأميركي في المبادلات مع بكين (347 مليار دولار في 2016 في مبادلات المنتجات). وقبل وصوله إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني) الماضي، هاجم ترمب مراراً بكين واتهمها بالقيام بممارسات تجارية غير نزيهة، كما هددها بفرض رسوم جمركية باهظة على بضائعها، إلا أنه خفف من انتقاداته في هذا المجال أيضا، وأكد الأسبوع الماضي أنه يمكن أن يغض النظر عن العجز مع الصين مقابل دعم بكين لتسوية الأزمة مع كوريا الشمالية. وفي مؤشر على تغير اللهجة، دعا وزير الخزانة ستيفن منوتشين، أول من أمس الجمعة، الشركاء التجاريين للولايات المتحدة لتجنب «ممارسات غير نزيهة مرتبطة بعملاتها»، من دون أن يسمي الصين. وفي تقريرها، تضغط الخزانة الأميركية أيضا من جديد على ألمانيا، إذ تعرب عن «قلقها» إزاء ما تسجله الولايات المتحدة من عجز يقارب 65 مليار دولار في الميزان التجاري مع ألمانيا. وأكدت وزارة الخزانة أن «ألمانيا بصفتها رابع أكبر اقتصاد عالمي ينبغي أن تساهم في نمو الطلب، وفي تحقيق تدفقات تجارية أكثر توازناً». وكان مستشارون مقربون من ترمب هاجموا مرات عدة ألمانيا التي اتهموها خصوصا باستغلال ما تعتبره انخفاضاً في سعر اليورو لتحفيز صادراتها. وفي الماضي، دعت إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما أيضا برلين إلى إنفاق مزيد من الأموال لتحفيز الطلب الداخلي، لكن السلطات الألمانية لم تلب هذا الطلب.
مشاركة :