أثار استغرابي حرص الولايات المتحدة الأمريكية الشديد هذه الأيام على عودة وتيرة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، التي توقفت منذ العام 2010م جراء عدم وفاء الجانب الإسرائيلي بأي التزام دولي تجاه الشعب الفلسطيني، ومنبع الاستغراب راجع إلى أن الأمة العربية تعيش اليوم أضعف حالاتها السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية، في ظل تشتت أجواء الربيع العربي، وانشغال الدول الكبرى بقضاياها الداخلية، كما خفَّ ارتباط كثير من الدول الإسلامية بالقضية الفلسطينية من حيث اعتبارها قضية مركزية في أجندتها السياسية، ناهيك عن ضمور العلاقة بين إيران وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) جراء أحداث سوريا. وقبل كل ذلك استمرار حالة الانقسام الحاد بين مختلف القوى والفصائل السياسية الفلسطينية، وتقطع جُل الخيوط الرابطة بين بعض تلك القوى مع من يساندها على الصعيد العربي بخاصة، فحركة حماس متأثرة بسقوط حكومة الإخوان المسلمين في مصر، وآخرون تقطعت بهم السبل جراء انشغال النظام السوري بحربه الداخلية، والسلطة الفلسطينية لم تجد البديل لتلك الأنظمة العربية، التي كانت تمثل الداعم السياسي لها في صراعها الوجودي مع الكيان الإسرائيلي على أقل تقدير. أمام هذا المشهد المزري يجتهد وزير الخارجية الأمريكي لعودة مفاوضات السلام من جديد، والسؤال: ما الذي يدفع إسرائيل لتقديم أي تنازل للشعب الفلسطيني والعالم العربي وهم في أضعف حالاتهم السياسية والعسكرية؟ ما الذي يفرض عليهم قبول المبادرة العربية للسلام وقد رفضوها حين صدورها، وكان العرب في حال أفضل مما هم عليه اليوم؟ لماذا يلتزم الساسة في إسرائيل بوقف الاستيطان ولا أحد يستطيع أن يجبرهم على ذلك، كما لا يستطيع أحد أن يمنعهم من الاستمرار في بناء المزيد من المستوطنات؟ ثم ما شأن اللاجئين الذين طال بهم الشتات دون بصيص أمل؟ أمام كل ذلك، حتما في الأمر شيء. في تصوري فإن اللحظة الراهنة للكيان الصهيوني هي أفضل اللحظات التاريخية للضغط على السلطة الفلسطينية للاعتراف بيهودية الدولة العبرية، والتاريخ شاهد على ذلك، إذ كان أول اجتماع رسمي للفلسطينيين ومن ورائهم العرب مع الإسرائيليين في العاصمة الإسبانية مدريد، على أعقاب سقوط الاتحاد السوفيتي الذي أدى إلى حدوث خلل في التوازن العربي، وأبان عن هيمنة الولايات المتحدة وحلفائها على الساحة السياسية. في تلك الفترة اضطرت منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة أبوعمار للاعتراف سياسيا بكيان دولة إسرائيل، ومشروعية وجودها على أجزاء من الأرض الفلسطينية، وخاض الفلسطينيون بعدها سنين طويلة من المفاوضات العديمة الجدوى دون تقدم حقيقي ملحوظ، واليوم كأني بذات المشهد يُعاد بناؤه، وأخشى أن يكون الثمن في هذه المرة اعتراف السلطة بيهودية دولة إسرائيل مقابل ثمن وهمي بخس. zash113@gmail.com zash113@gmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (51) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :