إيران تواجه معضلة تشتت مكونات البيت السياسي الشيعي في العراق يعكس الجدل المتصاعد في العراق حول قضية رئاسة التحالف الوطني المكوّن من أبرز القوى والتيارات السياسية الشيعية، مقدار التصدّع الذي طال البيت السياسي الشيعي من الداخل بفعل اشتداد الصراع بين مكوناته مع اقتراب الانتخابات التشريعية المقررة لربيع سنة 2018، والتي قد تقترن هذه المرّة بدخول العراق حقبة جديدة في مرحلة ما بعد تنظيم داعش، وما يستدعيه ذلك من تغييرات مطلوبة في قواعد اللعبة السياسية، أقلّها تغيير الوجوه المستهلكة المسؤولة عن إيصال البلد إلى وضعه الصعب القائم حاليا، والتي لن تكون مقبولة من الشارع الذي كسر جدار الصمت واعتاد الاحتجاج. ودفعت الأخبار التي راجت مؤخّرا بشأن إمكانية ذهاب رئاسة التحالف الوطني إلى رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، التيار الصدري الذي يقوده رجل الدين الشيعي مقتدر الصدر، إلى الابتعاد خطوة أخرى عن باقي مكونات التحالف بإعلانه على لسان أحد قياداته عدم اهتمامه باختيار رئيس جديد للتحالف. وظلّ مقتدى الصدر ونوري المالكي طيلة السنوات التي أعقبت الاحتلال الأميركي للعراق من ألدّ الخصوم داخل البيت السياسي الشيعي، وعادت الخصومة لتشتعل بينهما من جديد مع بروز طموحات للصدر في الارتقاء بشكل مباشر إلى منصّة حكم العراق بعد أن استهلك الفشلُ السياسي الذريع ألدَّ خصومه وأعدائه. واعتبر نائب رئيس الهيئة السياسية للتيار الصدري جعفر الموسوي أن التيار ليست له علاقة بتسمية رئيس التحالف الوطني كونه خارج التحالف، معتبرا أن هذا الأمر بكل الأحوال يرجع للتحالف نفسه. وقال الموسوي في بيان إن “كتلة الأحرار ليست جزءا من التحالف الوطني، واختيار أي شخصية لرئاسة التحالف الوطني لا يعنينا”. وأضاف “مسألة اختيار رئيس للتحالف أمر راجع للتحالف نفسه الذي هو من وضع النظام الداخلي”، لافتا إلى أن “من بين فقرات النظام الذي أقره التحالف أنه لا يجوز أن يكون رئيسه من نفس الكتلة أو الحزب الذي يكون منه رئيس الحكومة”. نوري المالكي المعروف بكثرة الصراع لا يمثل رجل الوفاق المطلوب إيرانيا لاستعادة وحدة البيت السياسي الشيعي ولا تمثّل وحدة البيت السياسي الشيعي عموما، ومن ضمنه التحالف الوطني على وجه الخصوص، مصلحة حيوية للقيادات الشيعية للبقاء في مركز القوة الذي يتيح لها مواصلة قيادة البلد، فحسب، بل تمثّل أيضا مطلبا ملحّا لإيران المهتمّة بالإبقاء على أتباعها في المـواقع التي تتيح لهـم الإمساك بمقاليد السلطة في العراق وتوجيه سياساته وفق مصالحها، خصوصا وقد عاد الصراع على النفوذ في البلد ليشتعل مع بروز توجهات لدى الإدارة الأميركية الجديدة لإعادة تركيز نفوذ الولايات المتحدة في العراق والمنطقة. سراب/12
مشاركة :