«يا سيّدتي.. لا هذا الصّمتُ يناسبني لا هذا الوقت يسامحني أهربُ من كلّ الدنيا وإليك أعودُ ولا أدري». هكذا يكتبُ إحساسهُ إليها بعفوية وصدقٍ واضحين، ليؤكده بنص آخر تحت عنوان «لا زلت هنا»: «غاب المساءُ وأظلم الليلُ البهيم سأنتظر وأتى الشّروقُ ولم أبالِ ما السّبب كانت تودّ بأنني أبقى هنا وأنا أودّ لقاءَها غابتْ وقلبي ها هنا». أطلقَ على ديوانهِ الشّعري الذي نشره منذ خمس سنوات (بداية)، ما كان حقّا إلا بداية مطرٍ، بل إحساس كبير راح ينمو بين الحروف بوهج الرغبة في العطاء مع المضيّ الحثيث نحو الأفضل، إنه الشاعر عبد العزيز الفيصل الذي لا ينفك يبحث عن المعرفة بشغف، يطرق أبواب أصحاب العلم ليستزيد، يعمل بجهد مطوّراً مهاراته اللغوية، كما ينضمّ بين الحين والآخر إلى الدورات التي تعنى بالشعر وأوزانه، المعنى والمبنى، الإلقاء وغير ذلك، هذا الشغف الذي يسكنه جعل بدايته المتواضعة الهادئة التي لا تخلو من الإبداع، تقفز أشواطاً في التطور صوب بحر جماليات ممتدّ الأطراف. ومن ديوانه (بداية) نصّ عنوانه (الحاضر الجميل) يقول فيه: لا تفكّر في زمانٍ قد مضى واجعل الحاضرَ شمساً لا تغيبْ لو رأيتَ الجرحَ في الحضن ارتمى اترك الأيامَ تأت بالطبيب. قد تكونُ البداية التي أهدى إليها سطورَهُ الأولى أمّاً، أختاً، زوجة، لكنها على أي حالٍ حزمة ضوءٍ أخرجت حروفهُ الغافية الخجلى من دوامة السؤال، حول جدارتها في الخروج إلى شوارع السطور والقلوب والعيون، منحتها الطريقَ فسارعت تشرئب نحو الضّوء بلا وجلٍ أو قلق، إذ الحقائق فينا ربّما تدخل سباتاً ممضّاً طويلاً لكنّها تستيقظ مارداً جباراً.. تنهضُ دفعةً واحدة. للشاعر ديوان آخر لم تتح لي فرصة قراءته والاطلاع على مضمونه، لكنه يتسلّح بصورة عامة فيما يكتب، بحسّ مرهفٍ يقودك إلى لوحة من عشبٍ نديّ، تجمع هسهساتها بين كفيك لتهرب صوب روحك، يكتب من القلب فلا يطرق إلا القلب، يجلُّ الأحلامَ فلا تنجب له إلا جميلَ القول والصّور. أتابع كتابات عبد العزيز معظمها على مواقع التواصل الاجتماعيّ، يشدّني ما يكتبه، تسرقني ومضاته، تحفّزني لأكتب ردوداً تليق بها شعراً فشعراً. ومما أعجبني من مقطوعاته: أجترّ حبلَ المنى واليأسُ سكّيني فمن يلملمُ باقي العمرِ يلهيني أواه كيف يكونُ القلبُ منتظراً ما بينَ يأتي ولن يأتي إلى حين سأشتكيه إلى الأيامِ تنصفنا ولعبة الشّوق لن تبقى لتغريني خولة سامي سليقة
مشاركة :