مفهوم أردوغان والدويلة و«الإخوان» للعلمانية (1-3)

  • 4/25/2017
  • 00:00
  • 24
  • 0
  • 0
news-picture

يبدو أن الزميل النائب السابق مبارك الدويلة قد غمرته الحماسة لنتائج الاستفتاء على الدستور الجديد في تركيا فأساء فهم هذه النتائج، مصدرا أحكاما تبوح عن عدم فهم للعلمانية، فنشر مقاله المختصر: «ولا عزاء للعلمانية.. !» في القبس بتاريخ 2017/4/19. كما عكس المقال جهلا بتاريخ تركيا وشخص مصطفى أتاتورك، وحتى برؤية حزب العدالة والتنمية للعلمانية. وقد أدى عداء الزميل الدويلة الدوغمائي للعلمانية أن يفترض خطأ أنه يلتقي مع أردوغان برؤيته للعلمانية. وعلى العكس من ذلك فقد أبدى طيب رجب أردوغان موقفا مدافعا عن العلمانية عندما شرح في أبريل 2016 سبب تميز العلمانية: «هي أن يكون نظام الحكم على مسافات متساوية من جميع الأديان»، وأضاف أنها الأنسب وذلك «أن حرية الأديان مؤكدة بالدستور التركي، وإذا كانت على مسافة واحدة من جميع الأديان، فلماذا التأكيد على الإسلام عندما أنا المسلم أستطيع أن أعيش بالطريقة التي أريدها. فعندما يستطيع المسيحي أن يعيش بمسيحيته واليهودي بيهوديته والملحد بإلحاده، فإن الموضوع قد انتهى أو اكتمل للجميع». (مصطفى أيكول – ألمونيتور – 15 أبريل 2016). فحماسة الزميل لنتائج الاستفتاء على تحويل تركيا من نظام برلماني إلى نظام رئاسي، أوهمه أن تركيا تخلت عن العلمانية، وأن حزب العدالة والتنمية يحارب العلمانية. فالعلمانية عميقة الجذور في تركيا، وهي سبب رئيسي لتطور تركيا وازدهارها الاقتصادي. والشعب التركي بجميع مكوناته مؤمن بها. فيذكر الكاتب مصطفى أيكول في نفس مقاله في ألمونيتور، أنه في استفتاء أجراه مركز بو للأبحاث عام 2013 ، وجد أن %12 فقط من الأتراك يؤيدون تطبيق الشريعة الإسلامية في الحكم، هذا في مقابل %84 في باكستان، %74 في مصر. وأتساءل يا زميلنا العزيز: أي الإسلاميين تقصد، وأي العلمانيين تقصد في قولك تعقيبا على نتائج الاستفتاء «استبشر الإسلاميون ومحبو الديموقراطية وكارهو الدكتاتورية خيرا وتنفسوا الصعداء، لأنهم شعروا أن مسمارا ضرب في نعش العلمانية والقمع المتوقع منها، بالمقابل شعر العلمانيون ومؤيدو القمع للخصوم وتقييد الحريات العامة بضيق في التنفس ونهاية أحلامهم برؤية تركيا تعود للعلمانية من جديد». إن هذه الفقرة تزخر بالتناقضات والمغالطات. ويبدو أن المهندس الدويلة يخلط بين الدكتاتورية والعلمانية. هذا مع أن الديموقراطية نظام حكم، بينما العلمانية هي موقف نظام الحكم المتساوي من جميع الأديان كما ذكر «العلماني المسلم» أردوغان. ويبدو أن هذا الخلط وسوء الفهم للعلمانية ناتج من جدال حاد خاضه المهندس الدويلة مع أقلام صحافية محسوبة على العلمانية، داعمة لما جرى ويجري بعد سقوط حكم الإخوان في مصر. وكاتب هذه السطور نشر أكثر من مقال ينتقد ذلك آخرها كان: «هل تتجاوز مصر وسواس الإخوان»، و«الرئيس ترامب والإخوان المسلمين» في 25 يناير و8 مارس الماضيين. وفي الأخير اقتبست من مقال هرب من سجن طره للقيادي في الإخوان جهاد الحداد ونشره في النيويورك تايمز، والذي أظهر فيه الحداد نضجا وقدم رؤية تبوح بارتقاء في مستوى الوعي لدى كثير من قيادات الإخوان في مصر على الرغم من الاضطهاد الذي يتعرضون له. كذلك، ألا يدرك الزميل الدويلة أن الحكومات الأوروبية والمنظمات غير الحكومية في أوروبا، وهي منبع العلمانية، هي الأكثر دفاعا عن حقوق الإنسان والمضطهدين من إخوان وغيرهم في مصر وغيرها. فكيف يسمح ضميرك بمساواة العلمانية بالدكتاتورية والقمع؟ هناك شباب وشابات أوروبيون وأميركيون تعرضوا للإرهاب وأودع بعضهم السجون لجهودهم بالكشف عن المضطهدين والمختفين من المصريين في السنوات الخمس الأخيرة. وعلى الرغم من أن الكثيرين في المنطقة العربية قد بذلوا جهودا لوضع تنظيم الإخوان المسلمين من قبل أميركا على قائمة الإرهاب، فإنهم لم يفلحوا، لأن أصحاب الفكر في الولايات المتحدة من العلمانيين وحتى أن مستشاري ترامب، يدركون فداحة هذا الخطأ، الذي سيعزل القائمين على السياسة الأميركية من الالتقاء بكل من يتعاطف مع الإخوان في المنطقة العربية. فاعتبار الإخوان منظمة إرهابية سيمنع السفير الأميركي في الكويت من أن يلتقي بأعضاء من مجلس الأمة الكويتي. بل أن العلمانية والعاملين في الحقل السياسي، في دول ديموقراطية متشربة بقيم ومبادئ العلمانية، ينظرون باحترام وتقدير لتنظيم الإخوان المسلمين، ويرون أن ممارسة السياسة من خلال هذا التنظيم هي أشبه بنشأة الأحزاب الديموقراطية المسيحية في أوروبا في القرن التاسع عشر، التي تحولت إلى أحزاب علمانية في القرن العشرين. فقد نشرت «الميدل ايست كوارترلي» على لسان مساعد وزير الخارجية الأميركية – دان فريد في ربيع 2007: «أن حزب العدالة والتنمية هو ما يعادل الحزب الديموقراطي المسيحي في أوروبا». لذا فإن العلمانيين إن كانوا في اليابان أو أميركا أو أوروبا يودون أن يروا أحزابا إسلامية مثل العدالة والتنمية في تركيا أو حزب النهضة في تونس، أن تلعب دورا سياسيا في المنطقة، لأنه إذا كان النظام العلماني يبقى على مسافة متساوية من جميع الأديان، فإنه لا يستطيع منع المؤمن والملتزم دينيا من ممارسة السياسة. د. حامد الحمودHamed.alajlan@gmail.comhamedalajlan@

مشاركة :