كتبت الأخت العزيزة الدكتورة موضي الحمود في القبس بتاريخ 16 ديسمبر 2017 مقالاً بعنوان «ملح الكويت وزادها» قالت فيه «يا صاحبي، خلافنا مع الإسلاميين خلاف حضاري، فنحن نريد كويت الانفتاح والتسامح والتآلف، نختلف معهم بجميع تجمعاتهم وانتماءاتهم، لأنهم اختطفوا كويتنا التي نعرف، وألبسوها ثياب التشدد والتعصب، حتى وصل بعض شبابنا للتطرف، ووجهت مناهجنا التعليمية لمخاطبة الماضي وليس المستقبل»، وقالت «وأمعنت في مسح ثقافتنا العربية إلى ثقافة لا نعلم لمن تنتمي، فارتبك الكثير من شبابنا في هويته واحتار»، وأقول طالبت مراراً وتكراراً بالحوار العلمي الهادئ مع الليبراليين والعلمانيين وغيرهم، حتى نضع النقاط على الحروف في ما نختلف فيه ونتفق على المصالح المشتركة لأوطاننا وأمتنا. وبالنسبة إلى آراء الدكتورة موضي أقول: 1 – من ناحية علمية، لا يُقبل أن تقول فئة في المجتمع نحن مع الانفتاح والتسامح والعدل والحرية، وأن الإسلاميين أو غيرهم ضد ذلك، فمعاني هذه المصطلحات ومبادئها تختلف باختلاف الاقتناعات الدينية والعلمانية، فما يراه هذا عدلاً أو حرية، يراه الآخر ظلماً أو فوضى، ولا يوجد أصحاب فكر يقولون نحن مع الانغلاق والانتقام والظلم، ومثل هذا يقال عن توجيه اتهامات عامة، مثل التطرف والاختطاف، ولو ذهبت لأشتكي على جاري في المخفر، وأقول إنه يؤذيني، لكان السؤال الأول: ماذا فعل بالضبط؟ إذن، لا بد من تفصيل الاتهامات وتحديد معاني الكلمات وسماع آراء المتهمين. ونحن للأسف بعيدون جداً عن ذلك، خصوصاً في عالم الفكر والسياسة. 2 – إن كنا بمرجعيتنا الإسلامية نستطيع بوضوح كبير معرفة المعاني والمبادئ الأساسية الصحيحة للعدل والتسامح والانفتاح والحرية وغير ذلك، لأن عندنا القرآن الكريم والسنة النبوية، فإن العلمانيين عاجزون تماماً عن بناء فكر واضح الملامح.. فكل فرد منهم يختار معانيه ومبادئه في العدل والحرية وغير ذلك، ولهذا يختلفون ويتجادلون في ما بينهم حول كل شيء، ويتبادلون الاتهامات بالإمبريالية والخيانة والبرجوازية وغير ذلك، وهذا حدث في الثورة الفرنسية وغيرها، وقيل «الثورة تقتل أبناءها»، وقيل «كم من جرائم ارتكبت باسم الحرية»، وعاشت الثورة الفرنسية لمدة سبعين عاماً في صراعات، وحدث مثل هذا أيضاً بين العلمانيين العرب منذ الخمسينيات وحتى يومنا هذا. 3 – تختلف الدكتورة موضي مع كل فئات الإسلاميين، أي هم، ربما في نظرها، رجعيون أو متطرفون أو منافقون أو جامدون أو ساذجون.. وأخشى أن يكون عندها أن المسلم الحقيقي هو الضعيف المسالم الصامت، وكلنا يعرف أن الأغلبية الساحقة من الإسلاميين والمسلمين ليسوا مؤيدين لتنظيم القاعدة ولا ينتمون إلى فئات رجعية أو منافقة، وأي دراسات علمية ميدانية للدعاة ولأهل المساجد وغيرهم ستثبت ما أقول. وإذا كان الإسلام الدين الصحيح وجاء بلسان عربي مبين، فهل من المعقول أنه لم يفهمه المسلمون؟ وهل العلمانيون هم من على منهج الأنبياء أم أنهم لا يهتمون بمعرفة الدين الصحيح ومعرفة الله سبحانه وتعالى؟ فكل ما يهمهم أمور السياسة والمال والتمتع بالحياة. ولنفترض أن كل الإسلاميين «خوارج»، فهل العلمانيون هم المؤمنون؟ 4 – لا أدري كيف اختطف الإسلاميون الكويت؟ وهل الالتزام ببعض المبادئ الإسلامية مثل منع الاختلاط أو غيره هو اختطاف للكويت؟ وفي اعتقادي واعتقاد كثيرين أن تأثير الحكومة والقبائل والتجار والنواب أكبر من تأثير الإسلاميين، وكلنا يعلم أن الأغلبية الساحقة من وزراء التربية والإعلام والداخلية والدفاع والمالية على مدى نصف قرن هم حكوميون أو ليبراليون أو علمانيون أو مستقلون، وحتى وزارة الأوقاف لم تعد تعطى للإسلاميين، فأين الأدلة على الاختطاف؟ وهل المطلوب إلغاء أي تأثير للإسلاميين وهم القوة الشعبية الأولى في أغلبية الدول العربية إن لم أقل في كلها؟ وأليس هذا تشدداً علمانياً واضحاً جداً؟ بل هو خرق منهم لمبادئهم المعلنة من حرية وديموقراطية وقبول الآخر، بل بعضهم يتحالف مع المستبدين وربما الأعداء في سبيل إبعاد الإسلاميين، وهذا هو الهدف الأول الذي يسعى إليه أعداء الأمة العربية والإسلامية، أي أنهم يخدمون الأعداء من حيث لا يدرون، ويدرك الأعداء أن الإسلام هو ما يجمع العرب، ولهذا ينتجون أنواعاً مشوهة من الإسلام العنيف والمتخاذل، ويدركون أن الإسلاميين هم القوة الشعبية، ولهذا يصنعون إسلاميين مزورين.وللحديث بقية.. عيد الدويهيس
مشاركة :