مفهوم أردوغان والدويلة والإخوان للعلمانية (3 – 3)

  • 4/26/2017
  • 00:00
  • 23
  • 0
  • 0
news-picture

رأيت أن أشير إلى دور أتاتورك في تأسيس تركيا الحديثة، لأوضح للزميل الدويلة وللقارئ الظروف التي أدت إلى نشأة تركيا العلمانية، وأدت إلى انقطاعها عن ماضيها العثماني والذي كان من أسبابه تعاون آخر السلاطين مع القوى الأوروبية. كان هذا الانقطاع عن الماضي العثماني ردة فعل خاطئة صححه أردوغان، لكنه لم يتخل عن العلمانية التي أرسى قواعدها المتينة أتاتورك. ونتائج الاستفتاء الأخير لا تعتبر مسمارا في نعش العلمانية، كما رأى المهندس الدويلة، إنما تركيا تزدهر وتتطور في ظل ثقافة علمانية ونظام سياسي فخور بها وبقيمها. أتمنى أن يراجع المهندس الدويلة أحكامه حول العلمانية، خصوصا أنه ليس إنسانا عاديا وإنما شبه ناطق رسمي لحركة الإخوان المسلمين، وهو التنظيم صاحب التاريخ السياسي العريق في الكويت والذي يدير جمعية الإصلاح، وهي أهم جمعية نفع عام في الكويت. كما أنه يهيمن على الحركة الطلابية منذ أكثر من ثلاثة عقود.  فمن المحزن أن تكون رؤى وقناعات وفهم عشرات الألوف من المواطنين للعلمانية مطابقة لرؤية وفهم المهندس الدويلة. ولا شك أن هناك الكثير من الناشطين ضمن التنظيم وجمعية الإصلاح على علاقة بنخبة أكاديمية في جامعة الكويت وغيرها ممن لهم القدرة على توعية جمهور الجمعية بالعلمانية وقيمها. فالعلمانية هي قيم صديقة للجميع بما في ذلك الإخوان. وحب المعرفة يتطلب التواضع ونقد الذات. وطالما تساءلت إن كانت جمعية الإصلاح تنظم دورات للشباب لحفظ القرآن فلماذا لا تضيف إلى ذلك مسابقات في العلوم والرياضيات؟ ولماذا لا تعلمهم تاريخ تطور العلوم الطبيعية والإنسانية؟ فهذه أحد المسارات لفهم العلوم والعلمانية. كما أننا نحن العرب والمسلمين علينا أن نبذل جهدا في فهمها ودراسة التاريخ الإنساني الذي أدى إلى تطور الوعي ليجد نفسه مقتنعا بقيم العلمانية، وأهميتها في سن قوانين تساوي في الحقوق والواجبات بين جميع الطوائف والأديان والأعراق في الوطن الواحد. وبدل أن يقود المهندس الدويلة معاداة العلمانية، عسى أن يساهم في قيادة – ضمن تنظيم الإخوان وجمعية الإصلاح – لبداية حوار حول العلمانية. وعسى أن يبدأ الحوار بالإجابة عن التساؤل: لماذا اختارت هذه الدول المتقدمة في الشرق والغرب العلمانية مرجعا في تحديد علاقة أنظمة الحكم بالأديان والطوائف؟ وهي بنفس الوقت هي الدول التي تورد لنا السيارات والطيارات والكمبيوترات والأجهزة الطبية وفيها يدرس أبناؤنا العلوم والرياضيات والآداب والهندسة والطب. لا بد من فهم الظروف التاريخية والسياسية التي أدت إلى ارتقاء هذه الدول. فالدول لا تتطور نتيجة لفتح مصنع أو جامعة مميزة وإنما المصنع والجامعة «تجد نفسهما في البيئة التي تحترم قيم العمل ويعيش البشر بحرية ضمن نظام سياسي عادل يأخذ من جميع القيم الإنسانية والأديان». ليس نظاما مثاليا وإنما  قادر على أن يصحح نفسه بنفسه. نشارككم يا مهندس مبارك الإعجاب بطيب رجب أردوغان وبحزب العدالة والتنمية الذي لعب ويلعب دورا في ازدهار واستقرار تركيا. فهل تشاركوننا برؤيته وإعجابه بالعلمانية؟ لقد كانت أحكامكم خاطئة حول العلمانية وفرحكم في غير محله. وإن كان رأيك حول العلمانية هو السائد بين أفراد قواعدكم فهذه مشكلة ليست لكم فقط وإنما لكل الكويت.  لكن لا بد من تواجد آراء منفتحة وطموحة لإحداث تغيير ضمن هذه القواعد. كل الذي نطمح إليه أن تستقى الحكمة من التجربة المأساوية في مصر ونطمح أن يكون حزب النهضة في تونس وحزب العدالة والتنمية في تركيا مثليكم اللذين يحتذى بهما. د. حامد الحمود Hamed.alajlan@gmail.com hamedalajlan@

مشاركة :