مُتلازمة (العقل الفارغ) - فهد بن جليد

  • 4/25/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

حال كثير من أطفالنا في هذا العصر مُحزن, وهم يتعرَّضون لمُشتِّتات ومُعطلات (الذهن) كما أسماها الكثير من الباحثين, في ظل عدم وجود دراسات سعودية كافية وشاملة تبحث المسألة، وتعلِّق الجرس بنشر نتائج مسح لكيفية تفكير أطفالنا (ما دون 18 عاماً), ممن بات اهتمامهم وانشغالهم الأكبر (بقشور) العالم الافتراضي ووسائل التواصل الاجتماعي, عندما يتعاطون بسطحية مقيتة مع الأشياء التي يحصلون عليها, دون أن يبذلوا جهداً ذهنياً كافياً من التفكير. دعونا نُشخِّص الحالة بشفافية، أطفالنا يفقدون الشعور بالتحدي في الواقع، والصبر لتحقيق النجاح, بل إنَّ بذل الجهد لتحقيق -أمرٍّ ما- مرفوض بالنسبة لهم، ورجعية من مُخلفات المدارس القديمة في الحياة, نتيجة السهولة الضَّارة التي يعيشونها عند استقاء الأخبار, المعلومات, الصور, المقاطع, التواصل, متابعة مئات الأشخاص في العالم دون قيمة, الإبحار في عوالم مُختلفة دون عمق, بطريقة خاطئة ومفرِّطة طوال الوقت, وأحياناً بإيعاز وتشجيع من الأهل الذين يتذَّمرون من حياة الأطفال الطبيعية, وتزعجهم تأملاتهم وأسئلتهم لذا يطلبون الهدوء بإشغال الطفل بعشرات الصفحات والمقاطع في جهازه المُحفِّز على الغباء, ويتضح ذلك بتجربة بسيطة عندما ترصد الفرق الكبير بين قدرة طفلك على الحوار والتحدث والتفكير والتأمل معك, في مُقابل لهفته ولهثه وتعامله السريع والاحترافي مع محتوى فارغ وسهل في الأجهزة الذكية البعيدة عن الواقع. الأمر له عواقب وخيمة انتبه لها التربويون الغربيون وبدأوا رحلة العلاج، بينما تجاهلها العرب الذين مازالوا يعتقدون أن (التوأمة) بين الطفل وعالم الأجهزة الذكية هو كل ما نحتاج إليه لبناء الشخصية العربية العصرية المتطوِّرة، مُتناسين أنَّ ذلك يُهدد بولادة جيل بعقل غير مُتماسك، مُغيب عن مُحيطه، وتحديات أمته، وقيَّمه وعباداته، كونه يفتقر للقدرة على إدارة حياته وتحقيق أحلامه بواقعية، لأنَّه ببساطة يبدو (فارغاً وسطحياً) نتيجة -وَأد- الانتباه والتركيز والتأمل والإشباع والتفكير في عقول أطفال العرب المنشغلة دوماً بالتوافه والمُسليات، والمستعملة بلا فائدة. كل يوم يمضي دون تدخل لفرض استخدام رشيد للتقنية والاستفادة منها وتسخيرها، نفقد معه مساحة مُهمَّة وضرورية من (عقل طفل) ربما صنع فارقاً في مستقبلنا، شرط أن نتوقف نحن الكبار -عن الغرق- قبل أطفالنا في ما كل سبق. وعلى دروب الخير نلتقي.

مشاركة :