مُنذ بدأ الانتخابات الفرنسية، اتجّهت الأنظار نحو «الإليزيه» في قلب عاصمة النور، «باريس»، أرقام وإحصائيات مُعقدة عمّا سيُصبح الوضع السياسي، ذلك هو المشهد الرئيسي والمُعتاد، فيما كانت الأنظار تتجه بشكل مُكثف نحو قصة لم نسمع عنها سوى في الأساطير، دارت فصولها بين المرشح المستقل، «إيمانويل ماكرون» ومدرسته السابقة، زوجتهُ الحالية، «بريجيت ترونيو». «زوجتي لن تكون أبدًا خلفي، إذا تم انتخابي، عفوًا اقصد انتخابنا، ستكون دائمًا بجواري، لها دور ومكان» هكذا تحدث المرشح الرئاسي في الانتخابات الفرنسية إيمانويل ماكرون، الحاصل على أعلى نسبة أصوات في الجولة الأولى، أمام مؤيديه عن زوجته بريجيت ترونيو، التي أحبها عندما كانت معلمته في المدرسة وتبلغ من العمر 40 عامًا، بينما كان هو طالبًا في عمر الـ15. بدأت قصة حب ماكرون ومعلمته بريجيت، عندما رآها في المدرسة وكان عمره 15 عامًا، وبعد مرور عامين، أخبرها ماكرون بأنه سيتزوجها، رغم أنه كان يبلغ من العمر 17 عامًا فقط، وكانت هي تكبره بـ25 عامًا، فقد قال لها: «مهما فعلت سأتزوجك»، حسب ما قالت بريجيت في حوارها لمجلة «باريس ماتش» الفرنسية في العام الماضي. ولد «ماكرون» في أواخر ديسمبر 1977، لأسرة من الطبقة الوسطى في شمال فرنسا، ألحقته بالمدارس الكاثوليكية الخاصة، فيما عدا المدرسة الثانوية، وعندّما لاحظوا حُبه الشديد لمدرسته، أبعدوه عن تلك العلاقة، وأُرسل لإتمام دراسته في مدرسة تابعة لمؤسسة للنخبة في باريس. انحدرت «بريجيت» من عائلة برجيت ترونيو من أثرياء الشمال الفرنسى، ومعروفة بحقل صناعة الشوكولاتة والحلويات، ومنها ما هو على اسم زوجها إلى حد لفظى ما، وهو «ماكارون» المتنوعة الألوان، حيث يتولى ابن عم لها حاليا أعمال الأسرة بعد وفاة الأبوين، وكانت متزوجة قبل «ماكرون» وأماً لثلاثة أولاد، أحدهم يكبر ماكرون بعامين. بدأت العلاقة بين الطرفين عندما شارك ماكرون، الذي كان يبلغ 18 عامًا آنذاك، في المسرحيات، التي تقدمها معلمته، على مسرح مدرسة الجيزويت الخاصة في أميان في شمال فرنسا. كانت وقتها بريجيت متزوجة وأم لثلاثة أبناء، وكانت تشرف على نادي الدراما، بينما ماكرون، الذي كان عاشقًا للأدب ويريد أن يصبح روائيًا، عضوًا في ذلك النادي. وبعد فترة انتقل ماكرون من أميان إلى العاصمة، باريس، لإنهاء المرحلة الثانوية، ولم ينقطع الاتصال بينه وبين بريجيت، فقد كانا يتحدثان هاتفيًا طوال الوقت، ويقضيان ساعات طويلة في الحديث، حسبما قال ماكرون في حديثه مع «باريس ماتش». تقول بريجيت في فيلم وثائقي: «شيئًا فشيء، تغلب ماكرون على مقاومتي للأمر بطريقة مذهلة وبصبر طويل»، وتابعت: «لم يكن مراهقًا، بل كانت لديه علاقات متوازنة مع الآخرين»، ويقول أحد زملائه في أيام الدراسة: «كانت المدرسة مُعجبة بالكامل بقدراته الكتابية، وكانت تقرأ أعماله باستمرار في الحصص الدراسية»، مضيفًا أنها كانت «قصة حُب من أول نظرة». مع الوقت ربطتهما علاقة حب قوية، لم تستطع معها بريجيت الاستمرار في زواجها، فتطلقت عن زوجها، وانتقلت إلى باريس للعيش مع ماكرون، ومشاركته الحياة، ومنذ ذلك الحين لم يفترقا أبدًا، وقد قررا الاثنان ألا ينجبا أطفالا. لم يتزوج الأثنان إلا في عام 2007، ومع ذلك لم تأخذ بريجيت لقب عائلة ماكرون بعد الزواج، ولكنها دائمًا بجانبه تسانده وتساعده، فيقول ماكرون تعليقًا على ذلك: «هي موجودة دائمًا في حياتي، وكانت دائمًا موجودة». واعترف ماكرون بفضل زوجته عليه أمام الجميع، خلال خطابه الشهر الماضي في إطار حملته الانتخابية، فقد قبّل زوجته على المنصة، وقال: «أدين لها بالكثير لأنها ساهمت كثيرًا لكي أصبح الشخص الذي أنا عليه الآن». يذكر أن «ماكرون» تخرج من المدرسة العليا فى 2004، عمل كمفتش عام للمالية لمدة ثلاث سنوات، ثم انتقل بعد ذلك ليعمل فى لجنة مهمتها إيجاد سياسة مالية تدعم الاقتصاد الفرنسى تحت رئاسة جاك أتالى، مستشار الرئيس الاشتراكى الراحل، فرانسوا ميتران. وفى 2008، ترك «ماكرون» مجال الإدارة العليا والتحق بمصرف «روتشيلد» ليكتشف عالم أسرار البنوك والمالية، وفقًا لحواره مع جريدة «لوموند» الفرنسية، قائلا: «لقد تعلمت مهنة، واكتشفت كيف يسير عالم المال والاقتصاد». يُعتقد أن ماكرون، 39 عامًا، وزوجته بريجيت، 64 عامًا، هما السكان الجدد للإليزيه، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى تقدم مرشح الوسط على منافسته مرشحة اليمين مارين لوبن، زعيمة الجبهة الوطنية في جولة الإعادة، ليصبح بذلك أصغر رئيس عرفته فرنسا في تاريخها الحديث، وستصبح بريجيت، 64 عامًا، السيدة الأولى.
مشاركة :