علينا وضع حلول بتوفير سبل العمل الحقيقية، وليس على الأرصفة والشوارع أو على العربات، بلا منهجية عمل أو عمل مؤسسي حقيقي، ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية هي العنصر الأساسي في سن التشريعات
بادي ذي بدء، أرفع عقالي تحية للمرأة السعودية، الأستاذة نورة الغامدي، بعدما اختارتها -قبل أيام- مديرية الدفاع المدني في دبي، متحدثةً في ملتقى الإمارات السابع لتكنولوجيا السلامة من الحريق، لأنها متخصصة في تقنية النانو، وأوضحت مديرية الدفاع المدني في دبي، أن استضافة نورة الغامدي في الملتقى كانت بهدف نقل خبرتها إلى جميع المختصين في مجال الإطفاء، في ظل الحرص على تعزيز هذه التكنولوجيا في دول الخليج العربي.
ولمن لا يعرف الأستاذة نورة الغامدي، أقول: هي سيدة سعودية تخصصت في دراسة ماجستير تقنية النانو في كندا، لتعالج مرضى السرطان، الذي أصيبت به والدتها وتوفيت بسببه.
وبعد 8 سنوات من دراسة هذه التقنية في الخارج، عادت لتبحث عن وظيفة على رغم ندرة تخصصها.
ذهبت إلى المراكز المتخصصة لتقنية النانو والجامعات في المملكة، وتم رفضها، لأن وظائفها «للرجال فقط»، بينما تحجج آخرون بعدم وجود وظائف شاغرة، فلم تجد، فما كان لها بعد رحلة المعاناة إلا أن تفتح «طاولة» لبيع الشاورما على كورنيش الدمام.
السؤال المطروح: كم عدد الجامعات السعودية التي حاولت الاتصال بهذه السيدة، خصوصا أن وسائل الإعلام لطالما تحدثت عنها كثيرا؟ كم عدد المراكز البحثية التي طلبت من الأستاذة نورة الانضمام للعمل معها؟
نعم، هي فرحة ممزوجة بأسى، وإلا هل يُعقل بهذه القدرة الوطنية الكبيرة، ذات التخصص النادر، أن يضيق بها أفق وظائف الوطن، فلا تجد لها وظيفة تليق بما تحمله من علم؟، أيُعقل أن تكون كل هذه الجامعات والكليات والمعاهد ومراكز الأبحاث والمستشفيات، وغيرها، لا تجد فيها نورة موطئ قدم لوظيفة تستقطبها؟!
في الواقع، حين نستعرض حجم البطالة النسائية في المملكة، نجد أنها ارتفعت من عام 1999 إلى 2016 بنسبة 125%، والبطالة للجنسين ارتفعت إلى مستويات 12,1% من 11,6% بين عامي 2015 و2016، وفق إحصاء الهيئة العامة للإحصاءات، وبلغ عدد العاطلين عن العمل نهاية الربع الثالث 2016، 693,784 فردا، النساء منهم 439 ألفا، أي 63% من حجم البطالة، وأن 70% من البطالة النسائية حاصلات على البكالوريوس، و42% من العاطلات عن العمل أعمارهن بين 25 و29 عاما، وأكثر من نصف العاطلين «ذكورا وإناثا» من الجامعيين الحاصلين على مؤهلات عليا.
السؤال: ما المانع من فتح مجال العمل الحر للمرأة السعودية، مثل الشركات والمؤسسات والصيدليات والذهب والحلويات؟ لماذا يتم الاكتفاء فقط بوظيفة الأسر المنتجة أو العربات الجديدة الخاصة بالأطعمة؟ ما دور هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، كونها داعما ماليا وإداريا للمشاريع؟
هناك خلل واضح وجليّ في مسألة توظيف السعوديين والسعوديات في وظائف تأهلوا لها ويستحقونها. وهذا الخلل لا بد أن يعالج على مستوى إستراتيجية وطنية واضحة وجادة.
أخيرا أقول: علينا وضع حلول بتوفير سبل العمل الحقيقية، وليس على الأرصفة والشوارع أو على العربات، بلا منهجية عمل أو عمل مؤسسي حقيقي، ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية هي العنصر الأساسي في سن التشريعات الخاصة، ووضع كل الحلول الممكنة.