«حوار حكماء الإسلام والمسيحية» يحذر من «الإسلاموفوبيا» والتطرف

  • 4/27/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة: «الخليج»: حذر مؤتمر حكماء الإسلام والمسيحية الذي عُقد أمس، بين علماء الأزهر الشريف، برئاسة د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر، ومجلس الكنائس العالمي، برئاسة القس الدكتور أولاف فيكس تفانيت، الأمين العام للمجلس؛ من الإسلاموفوبيا والتطرف.وتم الاتفاق، خلال المؤتمر، على ضرورة تعزيز الحوار لترسيخ التفاهم والعيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين في بقاع الأرض كافة، حيث شهدت المناقشات اتفاقاً تاماً بين كبار علماء الإسلام ورجال الدين المسيحي، على ضرورة بذل مزيد من الجهود لمواجهة التعصب الديني في الشرق والغرب، والتصدي بشجاعة للمتطرفين، وعناصر تيار الإسلاموفوبيا في الغرب.أكد شيخ الأزهر، في كلمته، أهمية تعزيز دور القادة الدينيين، في تفعيل مبادرات المواطنة والعيش المشترك، مشدداً على ضرورة أن يكون هذا الدور هو محور اهتمام القادة الدينيين في شرقنا العربي والإسلامي، باعتباره التحدي الأكبر الآن في ظل دعوات الإرهاب وتنظيراته التي تحاول أن تُضلِّل عقول الشباب، شرقًا وغربًا، وتُرسِّخ في أذهانهم وتصوراتهم أفكارًا خاطئة حول دولة الإسلام، ومحاولة استعادة مفاهيم ومصطلحات تجاوزها الفقه الإسلامي/ والشريعة الإسلامية، منذ سقوط الخلافة العثمانية.وأوضح الطيب أنَّ نظام الخلافة الإسلامية في الأزمنة الماضية كان يقضي بأحكام تشريعية معينة، اقتضاها منطق العصر آنذاك في ما يتعلق بحقوق غير المسلمين في دولة الخلافة، ومن المنطقي أن هذا النظام السياسي حين يتغير تتغير معه أحكام كثيرة، ارتبطت به وقامت على أساسها علاقة غير المسلمين بالدولة الإسلامية، مشيراً إلى أنه في ظل هذه التحديات تصبح قضية «المواطنة» هي القضية الأولى، التي يجب أن يتحدث فيها قادة الأديان، لأنها الرد العملي على هذه «الأوهام» التي تجد من الدعم المادي والأدبي، ما خيّل لهؤلاء المتوهمين، أن العمل على تحقيق أوهامهم جهاد في سبيل الل وعَوْد بالإسلام إلى عصور المجد والعزة.وشدد شيخ الأزهر على أن المواطنة هي الضامن الأكبر لتحقيق المساواة المطلقة في الحقوق والواجبات بين المسلمين وغير المسلمين، لافتاً إلى أن الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين عقدا معاً مؤتمراً عن «الحُرية والمواطنة.. التنوع والتكامل»، وأعلن فيه لأول مرة في تاريخنا الحديث أن نظام المواطنة، هو نظام إسلامي خالص، طبقه النبي، صلى الله عليه وسلم، في أول دولة إسلامية، وهي دولة المدينة المنورة، مشيراً إلى أن المواطنة تساوي الحقوق والواجبات، وهي قائمة بالفعل في المجتمعات الغربية، إلا أن التحدي الأكثر حضوراً هناك كان التصدي لظاهرة الإسلاموفوبيا شديدة الخطر، إذا ما تُركت تتدحرج مثل كُرة الثلج، ولم تواجَه ببيان حقيقة الأديان، وفلسفاتها ومقاصدها، في إسعاد الإنسان والارتقاء به في مدارج الكمال الروحي والعقلي والخُلقي، محذراً من أن تتطور ظاهرة «الإسلاموفوبيا» اليوم إلى ظاهرة «الدينوفوبيا» في الغد القريب.وأكد شيخ الأزهر أن مشكلة الأديان السماوية اليوم لا يمكن أن تُحل بالانشغال بالصراع فيما بينها، لكن الحل هو إزالة ما بينها من توترات، ومن مواريث تاريخية لا يصح أن نصطحب آثارها السلبية، أو نستدعيها في الوقت، الذي نواجه فيه نُذر معركة طويلة مع أعداء الأديان، مشيراً إلى أنه لا يوجد صراع بين الإسلام والمسيحية.وأشار الطيب إلى جهود الأزهر في التعارف والتفاهم بين المؤسسات الدينية، مؤكداً أنه سعى بنفسه للقاء قادة المؤسسات الدينية الكبرى في أوروبا، في الفاتيكان ولندن وجنيف وفلورنسا وباريس وبرلين، وأوفد قوافل السلام التي طافت الكثير من عواصم العالم في آسيا وأوروبا وإفريقيا وأمريكا لنشر مفاهيم السلام والعيش المشترك. وطالب شيخ الأزهر بالحذر من أكاذيب الإعلام، التي تربط الإرهاب بالإسلام، وتتهم المسلمين باضطهاد مواطنيهم من إخوتهم المسيحيين، وأن الإسلام، أو الأزهر، في أحدث مسرحياتهم المفضوحة، وراء التفجيرين الإرهابيين الأخيرين، فمثل هذه الأكاذيب لم تعد تنطلي على عاقل يقرأ الأحداث، وما وراءها قراءة صحيحة، إذ إن الحقيقة التي يثبتها الواقع ثبوت أرقام الحساب، هي أن الإرهاب يقتل المسلمين قبل المسيحيين، وستعلمون بعد ذلك أن الإرهاب لا دين له ولا وطن، وأنه لن يبالي في تعطشه للدماء بدم مسلم أم دم مسيحي، فالغاية عنده ضرب استقرار الأوطان، ولتأتي الوسيلة من مسجد، أو كنيسة، أو سوق أو أي تجمع للبسطاء الآمنين.وأكد القس أولاف فيكس تفانيت، أمين عام مجلس الكنائس العالمي، ضرورة تعزيز لغة الحوار والتفاهم بين القادة الدينيين من الجانبين، مشيراً إلى حرص مجلس الكنائس على الشراكة التي تربطه بمجلس حكماء المسلمين؛ لما له من جهود كبيرة في نشر السلام، ودعوة القادة الدينيين للحوار، وتعزيز السلام العالمي، مضيفاً أن هذه العلاقة في غاية الأهمية بالنسبة لمجلس الكنائس العالمي، حيث إن الإسلام والمسيحية هما أكبر ديانتين تدعوان للسلام في العالم، ولذلك يجب أن تتوحد جهود القادة من الديانتين من أجل السلام، والخير لكل الإنسانية.وشدد أولاف فيكس تفانيت على أن الإسلام بطبيعته دين منفتح على جميع الأديان والطوائف، ويدعو للحوار مع الجميع من أجل تحقيق السلام، موضحاً أن الحوار بين القادة الدينيين له تأثير في المجتمعات التي ينتمون إليها، مبيناً أن اللقاءات بين مجلس الكنائس العالمي ومجلس حكماء المسلمين، هي مثال عملي على ما يقوم به قادة الأديان لحل النزاعات في مناطق مختلفة من العالم.وأكد أمين عام مجلس الكنائس العالمي، أن دعوة شيخ الأزهر لمبدأ المواطنة التي تساوي بين جميع المواطنين، بغض النظر عن عقائدهم، تمثل أهمية كبيرة لتحقيق السلام بين المجتمعات كافة، حيث إن استخدام مصطلح الأقليات يحمل في طياته معاني العزلة، والتفرقة بين المواطنين في الدولة الواحدة، داعياً الدول الأوروبية لئلا تفرق بين المسلمين والمسيحيين عند استقبالها للاجئين من مناطق النزاعات.وينطلق في القاهرة اليوم مؤتمر الأزهر العالمي للسلام، الذي يشارك فيه نخبة من كبار القيادات المسيحية في العالم، وفي مقدمتهم البابا فرانسيس الثاني بابا الفاتيكان، والبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وأعضاء مجلس الكنائس العالمي، حيث يشهد المؤتمر حواراً تاريخياً بين كبار علماء الإسلام وكبار القيادات المسيحية، لتعزيز السلام ومواجهة كل صور التعصب الديني. الحكيم: يجب السعي للتعايش بسلام أمام الأخطار قال السيد علي الحكيم، المرجع الشيعي اللبناني، عضو مجلس حكماء المسلمين، إن العيش بسلام بين الأمم والشعوب، هو ما يجب السعي لتحقيقه، في ظل تعاظم الأخطار التي تهدد الإنسان على الأرض، بسبب الحروب، وثقافة التطرّف والإرهاب التي تزرع الكراهية والبغضاء بين الشعوب، وهذا ما يهدد السلام العالمي، والمجتمع البشري بأفدح الأخطار، مشدداً على دور المصلحين، والمفكرين، ورجال الدين، وفي طليعتهم القيادات الدينية المؤتمنة على رسالات السماء التي تشترك جميعها في الدعوة للإصلاح وإرساء قواعد السلام بين الأمم والشعوب.وشدد الحكيم على أن الرسالات السماوية شجعت على الإصلاح بين الناس، واعتبرت الانتهاء من العداوات والنزاعات نعمة من نعم الله، التي يجب التمسك بها، والمحافظة عليها، مؤكداً أن المسؤولية الكبرى عن نشر هذه التعاليم بين الناس وتجسيدها، تقع بالدرجة الأولى على القيادات الدينية، لأنها هي المؤتمنة عليها، فالعلماء هم ورثة الأنبياء، وكلما تجسّدت الدعوة إلى الخير في أعمالهم ولقاءاتهم، انتشرت تلك التعاليم بين الناس، وهذا ما يؤدي لانتشار ثقافة التسامح والسلام بين الشعوب، وهو ما يضعف خطاب الكراهية وممارسة العنف والتطرّف من خلال نهيهم عن المنكر وأمرهم بالمعروف، وإن كانت هذه المسؤولية عامة تقع على عاتق الجميع من الحكام، والعلماء، والأفراد.

مشاركة :