الإسلام دين الرحمة والسماحة والسلام يتعرض للتشويه بسلاح الجهل والتطرف والفكر المنغلق. مصدر هذا التشويه جماعات إرهابية تزعم أنها تنتصر للإسلام. إحدى هذه الجماعات ما يسمى (بوكو حرام) وآخر أعمالها (البطولية) اختطاف (200) تلميذة نيجيرية وإعلان الجماعة أن الفتيات سبايا وسيتم بيعهن وتزويجهن بالقوة. زعيم الجماعة أعلن أنه خطف الطالبات لأن التربية الغربية يجب أن تتوقف وأن على الفتيات ترك المدرسة والزواج. هذا الخطف هو أحدث عمليات هذه الجماعة التي تجاهر بانتمائها للجهل ومحاربة التعليم والعلوم وهو توجه مناقض لتعاليم الإسلام الذي يدعو إلى العلم والعمل والتعاون للبناء والتعمير والتقدم الإنساني. إن وجود هذه الجماعة يمثل فشلاً محلياً ودولياً في مكافحة الإرهاب ولن تستطيع ردود الفعل الغاضبة إحداث أي تغيير. القضية فكرية وأمنية والحلول لابد أن تجمع بين الجانبين. أما الجانب الإنساني فأجده في المظاهرات التي نظمت في نيجيريا احتجاجاً على الاختطاف وأقرأ في اللوحات التي رفعها المتظاهرون عبارات تذكر العالم ببراءة المختطفات. إليكم أمثلة من تلك العبارات: (الرجاء العثور على بناتنا) (دعونا نبدأ السلام) (الفتيات لا يستحققن ما حصل لهن) (أين أخواتي) (الرجاء عمل أي شيء) (أنقذوا فتياتنا). هذا هو الجانب الإنساني الذي لا تعيره الجماعة أي اهتمام ولو كانت تنتمي لهذا الجانب لما انتهجت أصلاً فكراً لا يؤمن إلا بالعنف وسيلة لتحقيق أهدافها. هذه الأهداف قد تكون دينية أو سياسية وهي شأن داخلي، أما الإرهاب فهو شأن دولي لأنه اعتداء على حقوق الإنسان وكرامة الإنسان. الإرهاب جريمة إنسانية لأنه لا علاقة له بالعدل والرحمة والإنسانية. جريمة إنسانية لأنه يجيز لنفسة أن يقتل ويفجر ويخطف الأبرياء. بلادنا هي إحدى الدول التي استهدفها الإرهاب لكنها حققت خطوات ناجحة وقائية وأمنية في مكافحة الإرهاب. آخر هذه النجاحات إعلان وزارة الداخلية القبض على (62) إرهابياً متورطاً في خلايا تنظيم مشبوه داخل المملكة كان يستهدف تهريب النساء إلى الخارج عبر الحدود الجنوبية والتخطيط لعمليات إجرامية ضد منشآت حكومية ومصالح أجنبية واغتيالات لرجال أمن وشخصيات تعمل في مجال الدعوة ومسؤولين حكوميين حسب ما جاء في المؤتمر الصحفي للمتحدث الأمني بوزارة الداخلية اللواء منصور التركي الذي قال عن مراكز المناصحة (تحقق 90% نتائج جيدة وهي الخيار المناسب للإرهابيين والمغرر بهم من معتنقي الفكر الضال). وأريد هنا أن أسجل إعجابي بفتح باب المشاركة أمام الجميع لأي فكرة تساهم في هذا الموضوع فقد قال اللواء التركي إن من لديه برنامج يفوق برنامج المناصحة يتقدم به لوزارة الداخلية. إنها دعوة للمشاركة نرحب بها، أما الدعم لجهود الداخلية فلا يحتاج إلى دعوة فهذا واجب على الجميع. وأخيرا فقد بدأت هذا المقال بعمليات إرهابية تجري خارج حدودنا وأخرى في الداخل حتى نتذكر أننا أمام مشكلة دولية وأن الحلول تتطلب تكامل الجهود الدولية والاستفادة من التجارب وإدانة كل العمليات الإرهابية سواء داخل بلادنا أو خارجها لأن مكافحة الإرهاب مسؤولية جماعية ولا يمكن القيام بها دون وجود التنسيق والتعاون، ومن هنا كانت دعوة المملكة لإنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب.
مشاركة :