استعادة الشعر بقلم: مفيد نجم

  • 5/2/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

في إطار ثقافة السوق لعبت المنصات الإلكترونية للنشر ووسائل التواصل الاجتماعي دورا كبيرا في تضخم هذه الظاهرة، ما ألغى ما تبقى للناقد من سلطة معرفية وأدبية على الشاعر.العرب مفيد نجم [نُشر في 2017/05/02، العدد: 10620، ص(15)] المفارقة العجيبة في المشهد الشعري العربي الراهن أن الوفرة الكبيرة في كم الأسماء الشعرية يقابلها انحسار واضح في جماهيرية الشعر وانتشاره وموقعه في الحياة الثقافية العربية. الدفاع عن مشروعية هذه الوفرة وحقها في الكتابة، هو تجاهل للأسباب الموضوعية التي أسهمت في بروز ظاهرة الكساد الشعري، وتأثيرها على عملية تلقيه وقيمته الجمالية. إشكالية هذا الواقع لم تعد تتمثل في حق هذه الأسماء في الكتابة والتجريب أو عدم مشروعية ذلك. ما آل إليه واقع التجربة الشعرية وتلقيها في الحياة الثقافية هو المعني بالبحث والإجابة عن سؤال هذا الواقع. ليس للنقد سلطة على الإبداع شعرا كان أم رواية أم قصة، وهذه ليست وظيفته إن كان هناك أصلا من يعترف له بهذه الوظيفة. المشكلة تتمثل في حالة التردي والفساد الثقافي المنتشر، بوصفه امتدادا ونتاجا لحالة الفساد السياسي والاقتصادي في المجتمع ومفهوم السلعة في السوق. ثقافة السوق والاستهلاك على مستوى الإنتاج الثقافي في عصر العولمة ساهمت في تكريس هذه الظاهرة. الشعر العربي ليس استثناء فالمشكلة تتجاوزه إلى الشعر العالمي أيضا. في إطار ثقافة السوق لعبت المنصات الإلكترونية للنشر ووسائل التواصل الاجتماعي دورا كبيرا في تضخم هذه الظاهرة، ما ألغى ما تبقى للناقد من سلطة معرفية وأدبية على الشاعر. كذلك أسهم غياب الكفاءات الأدبية المشرفة على المجلات والصفحات الثقافية في تعزيز ذلك. من جانبه آثر الناقد وسط هذه الهمروجة الشعرية الانسحاب من هذا المشهد. الكتابة النقدية التي لا تمدح عرضة للهجوم والتشهير بصاحبها. لا أحد يريد أن يسمع ما لا يعجبه مهما كانت تجربته متواضعة، حتى لو كان بحاجة إلى إعادة تأهيل لغوي. كل هذا جعل سوق الشعر لا يختلف عن سوق الاستهلاك، لكن المفارقة أن الأخير لديه من يقبل على الاستهلاك، بينما هنا كساد شعري واضح. الوجه الآخر للمشكلة أن هذا الكم الوافر من الأسماء يستهلك من رصيد الشعر الثقافي والجمالي في الذاكرة والوجدان الجمعي. أيضا هذا الاستهلاك ينعكس سلبا على أصحاب التجارب التي تمتلك مشروعها الشعري على المستوى الجمالي والفكري. العربات الفارغة هي الأكثر ضجيجا عندما تسير على الطرقات. وسط هذه الضوضاء الشعرية تضيع الأصوات ويختلط الحابل بالنابل، والخاسر الوحيد هو الشعر والشاعر الحقيقي ابن التجربة والمشروع الشعري الواضح الرؤية. لم يكن ينقص الشعر هذه الضوضاء لكي يضيع في زحمة الحياة الثقافية العربية، أو يواصل الشعراء المبدعون هجرتهم المتواصلة نحو الرواية. لقد فسد الشعر فبماذا نُملِّح لغة العرب. كاتب سوريمفيد نجم

مشاركة :