ذات يوم استيقظت من نومي وقبل حتى أن أفرش أسناني قررت أن أقفز قفزة كبيرة لأنتقل من حليق علماني إلى ملتحٍ سلفي.. هكذا وبضربة واحدة تحمل معها الكثير جداً مما لا يسعه مقال أو رغبة في الحديث، وبقدر ما كنت علمانياً صادقاً أصبحت سلفياً صادقاً مخلصاً لمبادئ السلفية وأدبياتها، ومؤمناً بثني الركب عند الأكابر الذين تعلموا العلم كابراً عن كابر...وذات يوم وبينما كنت أقرأ صحيح البخاري فإذ بي أقرأ حديثاً بأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم تيمم من أجل أن يرد السلام على أحد الصحابة، فطرت فرحاً وطرباً من أجل ملاحظتي لسنة مهجورة رغم أنني لم أحط علماً وعملاً بالسنن الثابتة. فألفت كتاباً أسميته «تذكير الأنام بسنة من سنن نبي الإسلام»، وجمعت فيه أقوال العلماء التي تؤكد على أن التيمم لرد السلام سنة مهجورة عن خير البشر، وأعتقدت وقتها أن مشايخ الدعوة سيطيرون فرحاً بهذا الهِر الصغير الذي نشر سنة مهجورة.. ولكن كراتين الكتاب بقيت أمامي في غرفتي لا أعرف كيف أُصرفها، خصوصاً وأن الطابع والذي كان لطيفاً ذا ابتسامة صافية قال لي «خذه ووزعه على المساجد مجاناً.. ولك الأجر»، وكان ذلك بعد أن أخذ مني ثمن الطباعة.. فكانت هذه محاولتي الفاشلة الأولى ككاتب.ثم مع الأيام اكتشفت أنني أتحول إلى إخواني من دون أن أشعر وكأن الخط العريض الفاصل ما بين السلفية والإخوانية والذي يجتهد بعض المشايخ في جعله أكثر اتساعاً ما هو إلا خط رفيع تم النفخ فيه حتى اتسع بمقدار خنق الطرفين.وفي هذه الفترة بالتحديد ألفت كتاباً.. أسميته «الصحابة يغردون ونحن نغرد معهم»، وكانت فكرته بسيطة وجميلة أو هكذا كنت أعتقد وقتها، حيث كانت مجرد سؤال ماذا لو كان «تويتر» موجوداً في زمن الصحابة؟، فبما كانوا سيغردون؟، فكان جوابي سيغردون بأجمل ما رأت أعينهم.. رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم... فجهزت عدة الغوص في كتب الشمائل المحمدية وأي أثر في الكتب التسعة يبدأ بكان رسول الله... فخرج معي هذا الكتاب الذي رفض أن يُسجله موظف المكتبة الوطنية قائلاً «كيف تشبه الصحابة بالطيور؟ ثم أنك لست متخصصاً في الشريعة!!»، ورغم أنه كان معه حق في التعجب الثاني إلا أنه بالغ في السؤال الأول رغم كل محاولاتي المستميتة في أن أذكره أن سيدنا حمزة شبه بالأسد، وأن عبدالرحمن بن صخر الدوسي كان لقبه أبا هريرة، ولكنه رفض، ولذا اكتفيت بتصريح وزارة الإعلام وما كان غرضي من التسجيل في المكتبة الوطنية سوى أن الناشر قال لي «ربما يشترون منك 500 نسخة دعما للشباب!!».ولا أدري لماذا أقنعني الناشر وقتها أن أطبع 3000 نسخة في سوق لا يحتمل أكثر من 500 نسخة لمثل هذا النوع من الكتب!، وكان معرض الكتاب سيبدأ قريباً فوافقت رغم أني أنا من دفعت سعر الطبع كاملاً أيضا، وفي معرض الكتاب وقفت على كتابي بزهو مؤلف وشموخ كاتب ورغم ذلك لم أبع إلا أعداداً يسيرة، كان الفضل الأكبر فيها لمجموعة طالبات في المرحلة الابتدائية وجدوا مؤلفاً بائساً يقف وحيداً وبلا زحمة فقرروا أن يشتروا الكتاب من أجل التوقيع والإهداء، وليس من أجل أي شيء آخر. وهذه كانت المحاولة الثانية الفاشلة.ثم ذات يوم استيقظت من نومي وحتى قبل أن أقول لزوجتي (صباح الخير) قررت أن أرمي كل التصنيفات الإسلامية وصراع الشيوخ خلف ظهري وأتعلم عزف الكمان، فعلمني الدكتور أحمد حمدي السلم الموسيقي على أصوله كتابة وعزفاً وبذل معي أقصى درجات الإخلاص، ولكني كنت عازفاً سيئاً لا يليق إلا بملهى ليلي من الدرجة العاشرة، وأعتقد أنني لو كنت عازفاً جيداً لكنت ألفت كتاباً في فلسفة الموسيقى، ولكن حمدا لله على إنقاذ معشر الموسيقيين من عازف فاشل ومعشر الإسلاميين من كاتب غريب الأطوار كلما استيقظ من نومه قرر أن ينتقل من حلم لآخر!كراتين كتابيين إسلاميين.. وآلة كمان بوتر مقطوع وكثير من التفاصيل الأخرى تثبت بما لا يدع مجالاً للشك مقولة زوجتي الخالدة «نحن لا ندري غداً صباحاً ما الذي ستكون عليه».منذ شهر استيقظت من نومي وقبل حتى أن أزيح الغطاء عن جسدي قررت أن أشتري صنارة صيد للأسماك، وفي أول محاولة لي لرمي خيط الصنارة في البحر.. أمسكت بطائر يحلق على ارتفاع منخفض!! يا لها من محاولات فاشلة.بالأمس بمجرد أن فتحت عيني قررت أن أشتري بندقية صيد طيور من أجل صيد الأسماك.كاتب كويتيmoh1alatwan@
مشاركة :