رأس المال، ذلك العدو الأزلي بين رف الكتب

  • 5/7/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الكاتب رونو غارسيا ينتقد الأمكنة المشتركة التي يلتقي فيها دعاة التفكيكية الذين يعتبرون أن الطبع البشري وهم خطير، والعقل التحليلي أداة تنميط ثقافي.العرب  [نُشر في 2017/05/07، العدد: 10625، ص(12)]نقد للطبقات المهيمنة جان كلود ميشيا هو من الفلاسفة الوازنين في المشهد الفكري الفرنسي، غالبا ما تستقبل كتبه بترحاب كبير، لمواقفه اليسارية الثابتة، ونقده للطبقات المهيمنة وأساليب هيمنتها، مثل "تدريس الجهل"، "مأزق آدم سميث"، ألغاز اليسار". آخر أعماله كتاب بعنوان "عدوّنا، رأس المال" يقول فيه: إذا أردنا فعلا جمع أغلبية الطبقات الشعبية حول برنامج تفكيك متدرج للمنظومة الرأسمالية (وليس فقط تنمية بعض الامتيازات الانتخابية)، لا بدّ أن نضع موضع مساءلة تلك المنظومة القديمة القائمة على "الثقة العمياء في فكرة التطور"، التي تزداد فرضياتها الفلسفية شللا، من نوع حزب الغد ضد حزب الأمس، وحزب الزراعة الريفية أو ثقافة الكتاب، ولا تنفك تمنح اليسار الأوروبي وسيلة مثلى لإخفاء تصالحه التام مع الرأسمالية، تحت ستار خارجي يوهم بنضال المواطن الدائم ضد كل الأفكار الرجعية والماضوية. التصحر النقدي يهتم رونو غارسيا، إلى جانب تدريس الفلسفة، بالأنارشية والنقد الاجتماعي وانحسار التنمية. صدر له مؤخرا كتاب بعنوان "صحراء النقد: تفكيك وسياسة"، ينتقد فيه الأمكنة المشتركة التي يلتقي فيها دعاة التفكيكية الذين يعتبرون أن الطبع البشري وهم خطير، والعقل التحليلي أداة تنميط ثقافي، والحقيقة مسألة نسبية تخفي هيئات السلطة، واللغة سجّان الخلق، والكونية تعلة الغرب للهيمنة على العالم، والجسد طين قولبة رهين المستحدثات التكنولوجية. فقد أعدّ اليسار الراديكالي كما يقول الكاتب برنامجا آليا يرى وراء كل فكرة أو سلوك علاقة هيمنة، ولكنه يسكت عن التسليع العام، وهيمنة الصناعات الثقافية وجعل العالم مصطنعا. ويعتقد الكاتب أن اليسار الراديكالي، وهو ممعن في تفكيك الظواهر وتفكيك نفسه إلى ما لا نهاية، أهمل الحقل الاجتماعي، الذي اجتاحه يمين متطرف وانتهازي، مستغلا يأس خاسري التاريخ. والكتاب في مجمله يحاول أن يفهم كيف وصل الفرنسيون إلى هذه الحال، ويدعو إلى الصراع من جديد ضد الرأسمالية على أسس نظرية مغايرة. اللحظة الشعبوية "يمين – يسار، انتهى!" هو عنوان كتاب للمفكر ألان دو بونوا، يؤكد فيه أننا نعيش اليوم لحظة شعبوية، لا فرق فيها بين يمين ويسار، وأن الشرائح المجتمعية الواسعة ملت من أحزاب الحكم والطبقة السياسية بعامة، وصارت تفضل عليها حركة من نوع جديد تنعت بالشعبوية، وهي في رأيه أهم مظهر من مظاهر التغيير الحاصلة في المجتمعات الغربية خلال العشريتين الأخيرتين. وقد تسارعت الظاهرة مؤخرا بانتخاب دونالد ترامب، وفوز دعاة البركسيت، ما يقيم الدليل في نظر الكاتب على اتساع الهوة بين الشعب والطبقة الجديدة المهيمنة، وإلغاء الفوارق بين اليمين واليسار. ويتساءل هل الشعبوية عرَض أزمة عامة للتمثيل النيابي، أم هي إيديولوجيا، أم أسلوب، أم عمل ديمقراطي في صميمه ضدّ نخبة تُتهم بأنها تمارس السياسة لغايات نفعية، وتريد أن تحكم بمعزل عن الشعب.

مشاركة :