تعمل الأحزاب السياسية الفرنسية على إعادة ترتيب أوضاعها واختيار مسارها قبل شهر من الانتخابات التشريعية، بعد البلبلة التي أحدثها في صفوفها فوز الوسطي إيمانويل ماكرون في الرئاسية. وقبل الانتقال الرسمي للسلطة يوم الأحد 14 مايو/ايار، شارك ماكرون في الاحتفال بإلغاء العبودية مع الرئيس الاشتراكي المنتهية ولايته فرنسوا هولاند. هذا وأعاد فوز ماكرون ترتيب المشهد السياسي، حيث انصرفت الأحزاب الفرنسية إلى رسم خطط تكتيكية جديدة لتكسب الانتخابات التشريعية يومي 11 و18 يونيو/حزيران، في حين أعلن رئيس الوزراء السابق مانويل فالس انضمامه إلى الأغلبية التي يمثلها ماكرون، فيما انسحبت مؤقتا ماريون ماريشال لوبان الوجه الصاعد في الجبهة الوطنية، من العمل السياسي، بعد هزيمة خالتها زعيمة أقصى اليمين مارين لوبان. جدير بالذكر أن الانتخابات التشريعية في فرنسا ستكون حاسمة بالنسبة لماكرون البالغ من العمر 39 عاما، وعليه أن يقنع الفرنسيين بأنه يستحق الحصول على الأغلبية في البرلمان ليتمكن من الحكم وادخال الإصلاحات التي وعد بها في بلد منقسم يحتاج فيه لتأييد شخصيات منبثقة من اليمين ومن اليسار المعتدل. وقال المسؤول عن التعيينات في حركة ماكرون، الأربعاء، إن ترشيح فالس عضوا في الحركة لا يتفق حتى الآن مع المعايير المطلوبة للحصول على الأغلبية الرئاسية، على اعتبار أن فالس الذي يمثل الجناح اليميني في الحزب الاشتراكي ليس منتسبا الى حركة "إلى الأمام" التي شكلها ماكرون. وقال جان بول دلفوي "نرى جيدا اليوم أنه ليس بالضرورة ملائما لحركة إلى الأمام أن يصبح فالس من منتسبيها". وبدأ الحزب الاشتراكي، الأربعاء، حملته للانتخابات التشريعية بقيادة رئيس الوزراء المنتهية ولايته برنار كازنوف الذي عبر علانية عن انزعاجه من الإعلان عن الموت الوشيك لمعسكره السياسي. وأعلن المرشح السابق الاشتراكي للرئاسة بونوا هامون من جانبه إنشاء حركة واسعة وجامعة لمختلف التوجهات الحزبية سعيا إلى "إعادة بناء اليسار". وأكد هامون الذي لم يحصل سوى على 6,4% من الأصوات في الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية، انه لن يترك الحزب الذي يجسد تياره اليساري. ويأمل اليمين، ممثلا بحزب الجمهوريين، والذي استبعد منذ الدورة الأولى، في حدث لم تشهده فرنسا منذ 60، عاما في إعادة الاعتباره له في الانتخابات التشريعية، وأن يفرض على ماكرون التعايش مع حكومة يمينية. ورغم أن قيادة الحزب ترفض "التشويش وأنصاف الحلول" إلا أنه يجري تداول أسماء بعض ممثلي اليمين مثل رئيس بلدية هافر في شمال غرب فرنسا إدوار فيليب باعتباره مرشحا محتملا لرئاسة حكومة ماكرون. ولم تسلم "الجبهة الوطنية" من الهزات، مع إعلان ماريون ماريشال لوبان (27 عاما) الانسحاب من الحياة السياسية. وقالت ماريون التي تتمتع بشعبية في جنوب شرق فرنسا، وهي واحدة من نائبين للجبهة الوطنية في الجمعية الوطنية الفرنسية(البرلمان)، إنها اتخذت قرارها لأسباب "شخصية وسياسية". وأفادت أصغر نواب الجمعية الوطنية التي تتبنى مواقف أكثر راديكالية من خالتها مارين لوبان بأن يكون المرء قائدا سياسيا جيدا يعني أن يخوض تجارب أخرى غير النجاح الانتخابي، بدون أن تستبعد العودة. وفي أوساط اليساري الراديكالي، أعلن جان لوك ميلانشون، الأربعاء، ترشحه إلى الانتخابات التشريعية ليستفيد بذلك من الزخم الذي حققته حركته "فرنسا المتمردة" بعد حصوله على 19,6% من الأصوات في الدورة الأولى. ولكن في إطار الخلافات في صفوف اليسار، اتهم زعيم الحزب الشيوعي بيار لوران اليسار الراديكالي بعدم الرغبة في ابرام اتفاق لخوض الانتخابات معا. المصدر: وكالات ياسين بوتيتي
مشاركة :