الرواية العراقية مفتاح النهضة الثقافية بقلم: وارد بدر السالم

  • 5/11/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

الرواية هي المهيمنة على المشهد الثقافي العراقي مع تكرار لا بد منه من أنّ ذيوع السرد في المحافل العربية والدولية هو استخلاصات فردية ساهم فيها روائيون عراقيون في الداخل والخارج من دون ناظم يجمع هؤلاء السرديين.العرب وارد بدر السالم [نُشر في 2017/05/11، العدد: 10629، ص(14)] في العراق نهضة ثقافية متسارعة، ولا نقول حركة، فهذه موضعية وتلك شاملة، مع أن السرد الروائي أخذ ويأخذ حيزاً واسعاً من هذه النهضة التي تسارعت بعد 2003 ولا تزال حتى اليوم، ولهذا أسباب متعددة وقفنا عليها في مقالات سابقة فحصاً ومعالجات. لكن مثل هذه النهضة الثقافية التي أوجدت مناخاً جدلياً لا تزال غير واضحة المعالم، وتحتاج إلى أكثر من معالجة وتوضيحاتٍ ووقفات صريحة ليس أقلها القول بأن مثل هذا الاتساع الثقافي العراقي في معظمه فردي، ونسبة كبيرة منه أفرزته مجهودات فردية وليس نتاج مؤسسات ثقافية رسمية أو مدنية ناشطة أو أكاديمية يهمها إعلاء شأن الثقافة وإيجاد منافذ تلاقح أو تكتلات ثقافية لها مشروعات ثقافية وبيانات متتالية تستقصي الحالة الثقافية العامة أو الأدبية الناشطة على الصعيد السردي. تبقى الرواية هي المهيمنة على المشهد الثقافي العراقي مع تكرار لا بد منه من أنّ ذيوع السرد في المحافل العربية والدولية هو استخلاصات فردية ساهم فيها روائيون عراقيون في الداخل والخارج من دون ناظم يجمع هؤلاء السرديين، ونعني به الناظم الثقافي العام، لكن بتقديراتنا يجتمعون على ناظم وطني يوحّد إلى حد كبير المشروع السردي العراقي في آفاقه الوطنية الأوسع ليشكلوا مشروعاً روائيّا أخذ مجاله الصحيح في الملتقيات والمحافل والجوائز الأدبية والعالمية. وبالتالي فإنهم يحددون الخطوط العريضة لمشروع النهضة الثقافية من هذه الزاوية الآخذة بالانتشار عربيّا بعد أن عبرت حدودها المحلية بجدارة. وبينما يتراجع الشعر إلى حد واضح فإن الصحافة المحلية تحاول إنشاء مجسرات صحافية ثقافية يومية لتوطيد علاقة الشعر بالقارئ بالنشر اليومي المتكرر مع ظهور أسماء جديدة لا نعدم وجودها وننفيه، لكن الأمر الشعري عموماً يعاني من أزمة ثقة بعد طغيان المد الروائي حتى بدت الظاهرة الروائية كما لو أنها هي المقياس الأخير لمشروع النهضة الثقافية العراقية بشكل عام. ومع المحاولات الشعرية البطيئة في الصحافة الثقافية والأمسيات والأصبوحات الشعرية يظل النقد عاجزاً عن ملاحقة جيل الشباب الضالع بمشروعه الفردي أيضاً مثلما هو عاجز عن متابعة وملاحقة السرديات المتعددة في وطن تحول إلى سردية روائية كبرى حتى بدت الأجناس الأدبية أمامه صغيرة وغير قادرة على استيعاب التحولات الجوهرية وتضاداتها المتعددة والمختلفة. وينسحب الأمر على المسرح العراقي الذي توارى تقريباً من دون أن يستفيد من هذه النهضة السردية المتسارعة. لكن تبقى محاولات الشباب القليلة تؤذن بأن المسرح لديه مشروعات مستقبلية، وبمثل هذا الجيل الهاضم لمعطيات المسرح ومدارسه والهاضم لواقع متداخل بوجود المد الروائي الكبير ستنتعش خشبات المسرح العراقي وسيقود شباب المعرفة اتجاهاته إلى ما يمكن أن يحقق طفرات سريعة، لا سيما بعد موت السينما العراقية موتاً كليّا وشنيعاً، في الوقت الذي تبرز فيه تجارب الفن التشكيلي على نحو واضح معززة تاريخيتها المعروفة مع أسماء فنية مترسخة وأخرى جديدة تحاول أن تستوعب مثل هذا المخاض الجماعي في الإرهاصات السياسية العليلة. سيُؤخذ علينا أننا نتحدث عن نهضة شاملة ولم نقدم منها سوى الرواية بوصفها الأكثر شيوعاً وتأثيراً واستحواذاً على القراءة وربما يقترب من ضفتها الفن التشكيلي على نحو بسيط، لكن سندّعي بأن العالم وعلى مدارات تجاربه الأدبية عبر تاريخه لم تحدث فيه نهضة شاملة بكل أجناسها الأدبية مرة واحدة، ويمكنكم أن تستعينوا بالأرشيفات الثقافية العالمية المختلفة لتجدوا فيها نهوضَ جنس أدبي على غيره في مراحل متعاقبة من تاريخ الشعوب والبلدان، ليكون هذا الجنس تحفيزاً لغيره من الأجناس الأدبية المتاخمة لتشكل بالنتيجة كلها نهضة أدبية وثقافية شاملة.. وسيبدو في العراق أن الرواية هي مفتاح هذه النهضة العظيمة بعد 2003. كاتب عراقيوارد بدر السالم

مشاركة :