لا توجد سينما في العراق طيلة الأعوام الماضية، فقد غابت كليا عن المشهد الثقافي وهو أمر متوقع إذ لا توجد سينما في العراق أساسا حتى مع بلوغها الـ100 فيلم، ولا يوجد مسرح جاد من شأنه أن يسد فراغا ثقافيا كما كان في سنوات سابقة.العرب وارد بدر السالم [نُشر في 2017/12/28، العدد: 10854، ص(14)] لا تزال الرواية العراقية تتقدم على بقية الأجناس الأدبية منذ سنوات قليلة، وبات بحكم المؤكد أن هذا الجنس الأدبي صار المثال الأنسب في معيارية التنافس الأدبي، مع أنه ليست لدينا إحصائية حقيقية عن حجم الإصدارات السردية خلال عام 2017 لكن من الواضح أن مطابع بيروت والعراق ودمشق والقاهرة ضخّت أعدادا لا يُستهان بها في كمّ سردي غير مألوف لأسماء اختلطت فيها الأجيال بطريقة لافتة للأنظار، وهذا أمرٌ نكرره من دون الوقوف على المستوى النقدي الغائب عن هذا النشاط الكبير في سرديات العراق المتواصلة. الجرد السنوي المعتاد سوف يكون لصالح الرواية على حساب الأجناس الأخرى كالشعر والمسرح والقصة والفن التشكيلي والسينما والنقد الأدبي المغيّب لأسباب كثيرة، توقفنا عندها أكثر من مرة بالرغم من وجود أسماء نقدية جدية وجديدة، ومع أن القصة القصيرة لا تزال تتنفس في بعض المحافل العربية إلا أن الرواية هي الأكثر حظوة في القراءة، وبقي الشعر في محفله المنبري على ما يبدو، فما طُبع منه ليس كافيا ليُصنّف نقديا كإنجاز، ونعتقد أن مناسباتٍ سنوية كثيرة تجمع الشعراء في المحافظات بلقاءات غير كافية لمعرفة المتاح من الشعر الجديد لشعراء شباب يمكن أن يكونوا بذرة جيدة لشعر عراقي لا يتأخر كثيرا إلى هذا الحد. في الوقت الذي توارت فيه أسماء شعرية كثيرة ولا سيما ممن هم خارج العراق، وحتى في الداخل لم يلفتنا كتاب شعري حقق رصيدا شعبيا أو نقديا أو قد تنافس مع غيره في قوائم التوزيع التي نعرفها، وظلت دور النشر العراقية تتحرج من طبع دواوين الشعر لحساب السرد بشقيه الروائي والقصصي. المتحقق السردي وفير جدا وجوائزه لسنة 2017 سخية ولافتة للأنظار، فالروائي عبدالخالق الركابي حاز على جائزة العويس الثقافية عن جدارة واستحقاق لمجمل منجزه الروائي، والروائي سعد محمد رحيم حصل على جائزتي كتارا والبوكر وهو أول سارد عراقي يجمع الجائزتين في سنة واحدة وهو ما يشير إلى جديّة حضوره السردي، وأيضا حصل الروائي شاكر نوري في آخر دورة روائية لجائزة كتارا على المرتبة الأولى عن روايته “خاتون بغداد” ليضيف رصيدا آخر الى مبدعي العراق الساردين، وترشحت مجموعة قصصية للتنافس على جائزة الملتقى للقصة العربية القصيرة في الكويت للقاص لؤي حمزة عباس في القائمة القصيرة. وهي جائزة جديدة عنيت بالسرد القصصي القصير. وفاز ضياء جبيلي بجائزة ثانية لمسابقة الطيب صالح للقصة القصيرة، وفي النقد فاز الناقد خالد علي ياس، وقد ترشح لجائزة الرواية في البوكر كل من سنان أنطوان وزهير الهيتي وعلي غدير. لا توجد سينما في العراق طيلة الأعوام الماضية، فقد غابت كليا عن المشهد الثقافي وهو أمر متوقع إذ لا توجد سينما في العراق أساسا حتى مع بلوغها الـ100 فيلم، ولا يوجد مسرح جاد من شأنه أن يسد فراغا ثقافيا كما كان في سنوات سابقة، وهو المسرح المعروف بتاريخه وجديته في تناول القضايا الإنسانية والاجتماعية والجمالية، لكن يبدو غياب الطاقات العملاقة بالهجرة أو الوفاة قد أبقت الفراغ قائما حتى الآن، ولم تشكل الأجيال الجديدة حضورها المطلوب كما يجب، فبقيت المسارح فارغة إلا من محاولات متباعدة لا نظنها قدمت شيئا وهذا يتضح كثيرا مع غياب النقد المسرحي وغياب الأسماء اللامعة التي وطّنت في ذاكرة الفن العراقي الكثير من جماليات الرؤى التنظيرية. في حين ظل الفن التشكيلي نشطا خلال هذا العام بالصالونات الفنية التي شهدت معارض متتالية أو دائرة الفنون التشكيلية في وزارة الثقافة التي ملأت أسابيع السنة كلها بالمعارض الشخصية والجماعية. وكما هو شأن التخلف النقدي بوجهه العام فأن النقد التشكيلي غاب هو أيضا وتأخر عن ملاحقة تلك المعارض وتوجهاتها الفنية. كاتب عراقيوارد بدر السالم
مشاركة :