رؤية الحكومة - مقالات

  • 5/16/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

من البديهي أن يختلف تعيين الوزراء في الحكومة من دولة لأخرى بحسب طبيعة النظام السياسي في الدولة، وما إذا كانت هذه الأنظمة جمهورية أو ملكية أو غير ذلك. لكن، عامة، يرأس الحكومة في الغالب رئيس الوزراء الذي عليه أن يختار وزراءه ضمن آليات ومعايير غالباً ما تكون متباينة من دولة لأخرى. لكن في النهاية يتحمل الوزير كل أعباء الوزارة، ومسائل من الجهات الرقابية عن الأداء والإنجاز أو الخلل المتوقع. لهذا يقال إن كلمة «وزير» تعني الحمل المرهق الثقيل أو «الوزر». لكن آخرون يرون الكلمة تعود إلى الملجأ أو الظهر، بينما الكلمة في اللاتينية تعني «الخادم».ما أريده من هذه المقدمة هو أيضاح التمييز بين مسؤوليات الوزير الكثيرة والسياسة العامة للحكومة بافتراض أن أي حكومة ينبغي أن يكون لها برنامج عمل، وسياسة واضحة تجعل الأهداف قابلة للتنفيذ، ويحاسب عادة الوزير عليها إيجاباً وسلباً. لهذا ليس هنالك في الأنظمة السياسية التي تعتمد على سياسات حكومية محددة نهج خاص بالوزير يريد به أن يغير السياسة الحكومية، وإلا لو كان كذلك لوجدنا أننا أمام آراء وسياسات متعددة ومتناقضة للوزراء يسعى كل وزير فرض آرائه واتجاهاته الشخصية بدلاً من أن يخضع الوزراء لسياسات الدولة المتفق عليها.إشكالية كهذه ما زلنا نعاني منها في تشكيل حكومات لا تستمر إلا لعدد قليل من السنوات يتخللها كالعادة تغييرات مستمرة بسبب الاستجوابات البرلمانية أو رغبة الوزير في الانسحاب من العمل الحكومي بعد شعوره بعدم قدرته على فعل شيء أمام الضغوطات المختلفة التي تتعارض في الغالب مع توجهاته أو رغباته، وليس مع سياسة الحكومة التي أساساً غير واضحة في نظامنا السياسي.لهذا فإن الخلل ليس بالضرورة يتعلق بأداء الوزير، ولكن قد يكون بسبب غياب سياسة حكومية أو رؤية محددة لخارطة طريق تحدد الاتجاه نحو أهداف تحقق المصالح العليا للدولة. إن تعدد الاتجاهات وتضاربها كثيراً ما تعطل أي سياسة حكومية، وتبعثر نظرتها المستقبلية التي يجب أن توجه للأولويات وخدمة الناس، وفي إطار برنامج عمل لسنوات محددة يقوم الوزير بتنفيذه اعتماداً على سياسة حكومية تضامنية، ورؤية واضحة تعين على العمل والسير في الاتجاه الصحيح.إننا لا نحتاج إلى إثبات غياب الرؤية الحكومية تجاه الإصلاح والبناء ومتطلبات التنمية، فلقد كثرت النزاعات والاستجوابات بين السلطتين، التنفيذية والتشريعية، وسببت التأخر في الإنجاز، ومعاناة الناس أمام ضبابية العمل الحكومي، والتردد في اتخاذ القرارات المهمة، والخلل في معاقبة المسيئين والفاسدين وسراق المال العام. هذه وغيرها للأسف لم تجعل الحكومة أكثر استجابة وتفاعلاً مع قضايا الدولة، خصوصاً الإعلان عن رؤيتها للتنمية، واستراتيجيتها المستقبلية، والدور المنوط بالأجهزة والمؤسسات لدعم ومساندة هذه الرؤية.إن العمل بالاستراتيجيات واقع لا مفر منه أمام التقلبات العالمية في الاقتصاد والتنمية، بل إن هذه الاستراتيجيات أصبحت خططا جادة للتطوير بدل الاجتهادات والقرارات الطارئة التي تعكس حالة الفوضى والتخبط في الشؤون المختلفة للدولة.yaqub44@hotmail.com

مشاركة :