أبوظبي: مجدي زهرالدين، وآلاء عبدالغني اختتمت، أمس، أعمال «المؤتمر الدولي لتجريم الإرهاب الإلكتروني» في أبوظبي، الذي أقيم برعاية سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، بإصدار «إعلان أبوظبي حول تجريم الإرهاب الإلكتروني» الذي تلاه الدكتور علي راشد النعيمي، رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر، والذي جاء في ثلاثة بنود دعت إلى التحرك المنسق والسريع من قبل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إزاء المخاطر والتهديدات الإرهابية والإلكترونية في العالم. نص الإعلان على أنه «في ظل تصاعد وتيرة التهديدات الإرهابية التي تنطلق من الفضاء الإلكتروني، ومخاطرها على الأفراد، والمجتمعات والدول، سواء لجهة التنسيق بين الجماعات الإرهابية بهدف تبادل المعلومات والتخطيط لتنفيذ جرائمها الإرهابية، أو لجهة نشر الخطاب المتطرف بهدف التجنيد والتحريض على ارتكاب أعمال إرهابية، أو الإشادة بها، أو لجهة بث خطابات الكراهية والعنف والتمييز على أساس، قومي، أو عرقي، أو ديني، أو طائفي، وتماشياً مع المبادئ والمقاصد المتضمنة في مواثيق الأمم المتحدة، وفي الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة باحترام وحماية وتعزيز حقوق الإنسان، واسترشاداً بكل القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي، والجمعية العامة للأمم المتحدة، والمنظمات الإقليمية، والهيئات الدولية، فإن هناك حاجة ملحة لتحرك منسق وسريع من قبل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إزاء المخاطر والتهديدات الإرهابية الإلكترونية من خلال الآتي: أولاً: اعتماد اتفاقية دولية ملزمة تحظر الإرهاب الإلكتروني بكل أشكاله، بما في ذلك محاولات التجنيد، والتحريض على الإرهاب والدعوة إليه، والإشادة به، وتمويله، وعدم التبليغ عنه؛ إضافة إلى الدعوة إلى العنف، والكراهية، والتمييز العرقي، والديني، والإساءة إلى الآخرين، وإلى الأديان، ثانياً: دعوة الدول إلى تبني مقتضيات هذا الاتفاق الملزم، وتفاصيل مبادئه، وتوضيحها أكثر في قوانينها الداخلية، ووضع قانون خاص يتعلق بالجرائم الإلكترونية، ثالثاً: إنشاء هيئات وطنية للمعلوماتية والحريات والأمن الإلكتروني تتولى وضع سياسات واستراتيجيات في إطار سيادة القانون».وعكف المشاركون في المؤتمر على تحليل ظاهرة الإرهاب الإلكتروني، ومناقشة استراتيجيات قانونية وحقوقية وتنفيذية للتصدي لها من خلال أربعة محاور، تناول المحور الأول الإرهاب الإلكتروني في سياق تضارب التشريعات والانحسار الثقافي والاجتماعي. وتناول المحور الثاني مسألة التوفيق بين مبادئ حقوق الإنسان والجهود المبذولة في مكافحة الإرهاب الإلكتروني. بينما تناول المحور الثالث آفاق العمل المشترك بين المؤسسات المعنية بمكافحة الإرهاب الإلكتروني. وناقش المحور الرابع الحاجة إلى تبني إطار تشريعي شامل لتجريم الإرهاب الإلكتروني على المستوى الدولي.وأشاد المشاركون بمبادرات دولة الإمارات العربية المتحدة على المستويات الوطنية، والإقليمية، والدولية، في التصدي لظاهرة التطرف، وفي مواجهتها لكافة أشكال الإرهاب؛ فيما سلطت الجلسة الثالثة للمؤتمر خلال اليوم الثاني من فعالياته، التي حملت عنوان: «آفاق التعاون المشترك بين المؤسسات المعنية بمكافحة الإرهاب الإلكتروني». وقدم محمد العفيفي رئيس محكمة الأمن القومي في المملكة الأردنية الهاشمية، ورقة عمل حول إشكالات التعاون الإقليمي في مكافحة الإرهاب الإلكتروني، استعرض فيها التطور التاريخي لجرائم الإرهاب، وصوره وأشكاله منذ العصور القديمة والوسطى، وحتى الوقت الراهن، مؤكداً أن الإرهاب هو قضية قديمة حديثة، وجريمة عابرة للقارات تهدد الأمن والسلم الدوليين، معتبرا أن الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب الموقعة عام 1998، هي بمثابة دستور عربي لمكافحة الإرهاب.وشدد على ضرورة وجود إرادة سياسية حقيقية عالمياً لمواجهة هذه الآفة الإرهابية الخطرة، إلى جانب إيجاد منظومة تجرّم الفكر المتطرف قبل أن يخرج من حيز التفكير إلى التنفيذ على أرض الواقع.وقدمت إوديت جيسنوت، رئيسة جمعية ضحايا الإرهاب في لبنان، عرضاً حول الجمعية، لافتة إلى أن الكلام عن الإرهاب ملتصق دائماً بالحديث عن ضحاياه.وقال الدكتور عبد الله صالح المطردي، مدير تطوير المناهج في وزارة الحرس الوطني السعودي إن الإرهاب الإلكتروني أكثر جاذبية للإرهابيين، ومنخفض التكلفة ومتنوع الأهداف.وأضاف أن الإرهاب الإلكتروني قادر على إحداث أثر كبير، ويمتاز بسرعة تدفق المعلومات، ويتيح الوصول لجمهور أوسع من الناس، وأن كل المؤسسات معنية بمكافحته.وقال كيف سالاماتيان، أستاذ في الإرهاب الإلكتروني بمدرسة باريس العسكرية، إن «محور حديثنا هو كيف بإمكاننا أن نصف ونفهم العالم الإلكتروني، والإرهاب الإلكتروني. وقالت جوانا جوزيف، ضابط برامج لدى الأمم المتحدة، وفي معهد الأبحاث بمجال الجريمة والعدل إن «القوانين والسياسات العالمية الخاصة بمكافحة الإرهاب الإلكتروني غير كافية، وليست واضحة». نحو إطار تشريعي ناقشت الجلسة الرابعة والأخيرة للمؤتمر الدولي لتجريم الإرهاب الإلكتروني بأبوظبي، التي جاءت بعنوان «نحو إطار تشريعي شامل لتجريم الإرهاب الإلكتروني»، الأساليب المتاحة لوضع إطار قانوني يجرم الأعمال الإرهابية على شبكة الإنترنت. ودعت الدكتورة إيرينا كوزيجو، مدرسة القانون الدولي في المملكة المتحدة، ومديرة شعبة الماجستير في جامعة أبردين، إلى التعرف إلى المفاهيم المتعلقة بالإرهاب وطرح تساؤلات تخص دعوات الالتزام بتجريم الأعمال الإرهابية الإلكترونية.وقالت رومانا مانيسكو، نائبة رئيس بعثة المشرق لدى البرلمان الأوروبي، إن ٢٠٪ في المئة من خبراء مكافحة الجريمة الإلكترونية من رومانيا، موضحة أنه لا يوجد تعريف ثابت للإرهاب الإلكتروني فيما لم يتفق المجتمع الدولي بعد على ذلك، وأشارت رومانا إلى سبع اتفاقيات دولية تتناول المسألة الإرهابية بشكل جذري.واستعرض جاسم أحمد جاسم الراشد، وكيل أول بنيابة جرائم تقنية المعلومات في مكتب النائب العام الاتحادي بأبوظبي، تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة التي تعتبر من أبرز الدول التي انتهجت خطوات فعالة في مكافحة الإرهاب الإلكتروني واجتثاثه.وطرحت الدكتورة منى الأشقر، رئيسة الجمعية اللبنانية لتكنولوجيا المعلومات، تساؤلات تتعلق بالتعاون الدولي، عموماً، والعربي خصوصاً.وتطرق العقيد ميتودي حاجي جانيف، أستاذ مساعد في القانون الدولي بالأكاديمية العسكرية سكوبجي المقدونية، إلى العلاقة بين حقوق الإنسان والالتزام بتجريم الإرهاب الإلكتروني، وضرورة البدء بتعريف الهجوم الإلكتروني.وأضاف جانيف: «مجلس الأمن يتكلم عن ربط القوانين تحت العنوان السابع، واستخدام القوة الناعمة، وعلى المستوى العالمي يمكن تعديل القوانين تحت مظلة الأمم المتحدة». مسؤول روسي يثمن دور الإمارات أكد يوري فيداكاس، مستشار نائب رئيس بعثة روسيا الاتحادية في دولة الإمارات، أهمية استضافة دولة الإمارات لمؤتمر تجريم الإرهاب الإلكتروني، إذ إنه يأتي في التوقيت المناسب في ظل تصاعد الهجمات الإرهابية الإلكترونية مؤخراً ضد أكثر من 200 دولة حول العالم، إلى جانب تنامي هذه الظاهرة الخطرة عالمياً، وضرورة مكافحتها من خلال التعاون الدولي.وثمن دور دولة الإمارات في مكافحة الإرهاب ونشر السلام عالمياً، لافتاً إلى أنها سباقة دائماً في إطلاق المبادرات وعقد المؤتمرات التي تعنى بالقضايا المهمة بالنسبة للعالم، مشيراً إلى أن الإمارات من أكثر وجهات العالم أمناً واستقراراً بفضل الرؤية الحكيمة لقيادتها الرشيدة.ولفت إلى أنه في ظل الحاجة الماسة للإنترنت عالمياً، والاعتماد عليه من قبل الأفراد والمؤسسات والدول، تبرز ضرورة جعل الفضاء الرقمي آمناً للاستخدام لحماية المجتمعات وضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة. إشراك الشباب في المكافحة دارت مداخلات الحضور للمؤتمر، أمس، حول أهمية وجود ورقة علمية في مثل هذه المؤتمرات مقدمة من قبل الجهات المعنية التربوية مثل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونيسكو»، نظراً للدور الكبير للمؤسسات التعليمية في التربية والتعليم، وتوعية الأطفال والشباب بمخاطر العصر الراهنة، وكيفية مواجهتها، نظراً إلى أنهما الفئتان الأكثر استهدافاً من قبل الجماعات الإرهابية التي تعمل على تجنيدهم لخدمة مخططاتها القذرة.وحذرت المواطنة أسماء الجناحي، من خطر استهداف الأطفال من خلال اختراق الجماعات الإرهابية للألعاب الإلكترونية، وشبكات التواصل الاجتماعي، إلى جانب بث الأفكار المسمومة في أذهانهم عبر «أفلام الكرتون» التي تحتوي على أساليب وأفعال تحريضية إرهابية، مشددة على أهمية دور الأسرة في التقرب من أبنائها. تمارين دولية لمكافحة الإرهاب أكد الدكتور عبد الله صالح المطردي، مدير تطوير المناهج في وزارة الحرس الوطني السعودية، على ضرورة إطلاق تمارين دولية حول مكافحة الإرهاب الإلكتروني لمعالجة ضعف التعاون الدولي في هذا المجال، وبهدف تبادل الخبرات ومحاكاة الواقع قدر الإمكان في حال وجود هجوم إرهابي إلكتروني.ولفت في كلمته حول آليات التعاون بين المؤسسات المعنية بمكافحة الإرهاب الإلكتروني، إلى أنه من العوائق المصاحبة لظاهرة الإرهاب الإلكتروني، قدرته على تجاوز الحدود الوطنية، واعتماده على فضاء إلكتروني واسع لا يعترف بالحدود، لذا فإنه يضرب بين الدول بسهولة وينتقل بينها بحرية، إلى جانب صعوبة فهم أساليب ومخاطر الإرهاب الإلكتروني بسبب التعقيد الإلكتروني للشبكات.
مشاركة :