الصحف المصرية تبحث عن الاشتراكات الرقمية لإنقاذها من الكساد بقلم: أحمد جمال

  • 5/19/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

التحول نحو المحتوى الرقمي المدفوع، من خلال إتاحة الاشتراكات الإلكترونية لما تقدمه الصحف من محتويات إعلامية على نسخها الورقية لإنعاش أوضاعها الاقتصادية المتردية. ويرتبط هذا التحوّل بما أقدمت عليه بعض الصحف حاليا بفصل القيمة الإعلانية للصحيفة المطبوعة عن الصحيفة الإلكترونية، وهو ما سوف يسهّل اتخاذ القرار. كما أن صحفا أخرى أخذت من قبل زمام المبادرة مثل صحيفة “النهار” اللبنانية قبل مدة قصيرة، وصحيفة “المقال” المصرية قبل عام. ويرى العديد من المهتمين بالشأن الإعلامي أن اللجوء إلى الخدمات المدفوعة يعد السبيل الأمثل لإنقاذ الصحف من عثرتها الحالية، وأن تلك الاشتراكات ستوفر عائدات مالية جيدة ومتدفقة لوسائل الإعلام، كما أنها سوف تُرشّد من سياساتها التحريرية من جهة وتدفع بدماء تنافسية جديدة داخل شرايين الصحافة المصرية من جهة أخرى، على أن يسبق ذلك إجراء دراسات اقتصادية وإلكترونية دقيقة تحدد مدى قابلية الجمهور لتلك الخطوة. وأبدت العديد من الصحف استعدادها لاتخاذ خطوة التحول نحو الاشتراكات الإلكترونية، إلا أن ما يعطلها هو تباطؤ أو عدم جدية المؤسسات والهيئات التي تنظم عمل هذه الصحف لرعاية هذا التحول وتشجيعه، كما أن الأمر يحتاج تدارك أهم أسباب تراجع الصحافة وهو تدني المحتوى المقدم والذي يتشابه تقريبا في معظم الصحف، وبالتالي فإن التحول نحو الخدمة المدفوعة قد يعقد الأزمة ولن يحلها.محمد توفيق: اتخاذ صحيفة المقال لزمام المبادرة في تطبيق التجربة كان أبرز ما واجه التجربة لكن العقبة الأكبر أمام التحول نحو الاشتراكات الإلكترونية تتمثل في الوضع الاقتصادي الراهن، سواء للجمهور الذي انصرف عن الصحافة المطبوعة ووجد البديل في الآلاف من المنصات الإلكترونية المجانية، أو حتى داخل الصحف نفسها، والتي تخشى خسارة قرائها وتوجههم إلى موقعها الإلكتروني نتيجة عدم وجود ثقافة سائدة تشجع على دفع مقابل في الخدمة الإلكترونية. ونشرت كلية الإعلام بجامعة القاهرة دراسة أعدتها حديثا باعتبارها مبادرة يمكن للصحف الاعتماد عليها لتشجيعها على اتخاذ خطوة الدفع الإلكتروني للمحتوى الصحافي. وأشارت الدراسة إلى أن الصحافة الورقية المطبوعة باتت أمام تحدٍ كبير ينمو باستمرار، ويتمثل في تزايد نفوذ شاشات الهواتف المحمولة إعلاميا للقراءة والمشاهدة. واقترحت تجريب فتح الاشتراكات الإلكترونية في البداية بسعر زهيد لا تتجاوز نسبته 10 بالمئة من قيمة النسخة الورقية شهريا، على أن تتبنى ذلك الطرح وطرق تنفيذه مؤسسات صحافية كبرى لضمان تدافع العوائد الإعلانية عليه، ولخلق سوق تنافسية جديدة من خلال المحتويات الإلكترونية. وأوضح هشام عطية، أستاذ الصحافة بجامعة القاهرة وأحد القائمين على الدراسة، أن الوقت الراهن أظهر الحاجة إلى إعادة تعريف الصحافة الإلكترونية، وأن البعض اعتبرها بديلا عن الصحافة الورقية وليس مكمّلا لها ما أثر سلبا على نسب توزيع الصحف الورقية، لكن الحقيقة أن الإقبال على المحتوى الإلكتروني أعاد للمؤسسات الصحافية دورها الرئيسي من خلال تميّزها بالسبق الصحافي والتدفق المرن والسريع للمعلومات وهو ما يبرهن على ضرورة إعادة الربط بين المكونين. وأضاف في تصريحات لـ”العرب”، أنه من الظلم أن يتم تحديد القيمة الإعلانية للصحيفة وفقا لأعداد النسخ الورقية التي توزعها يوميا في حين أن هناك الملايين يحصلون على المحتوى ذاته من خلال موقع الصحيفة على الإنترنت دون مقابل، وبالتالي فإن الاشتراكات الإلكترونية قد تساهم في تحديد حجم الجمهور الحقيقي. ودفعت تجربة صحيفة المقال غير الموفقة في هذا المجال قبل عام، العديد من المؤسسات الصحافية للتردد في اتخاذ خطوة الخدمات المدفوعة. وصدرت الصحيفة صاحبة التوجهات المعارضة للحكومة في شهر فبراير 2015 واعتمدت على التحليل والنقد للأحداث اليومية من خلال 8 صفحات تقدم من خلالها مقالات متنوعة في مختلف المجالات. ويرى عطية أن تجربة صحيفة المقال لم تحقق نجاحا كبيرا في الاشتراكات الإلكترونية ولم تقدم العائد المرجو منها، لكن ذلك لا يمكن أخذه كدليل على فشل التجارب المقبلة، حيث أن صحيفة المقال لا تعتمد على المادة الخبرية في حين أن معظم دراسات الإعلام تشير إلى أن نسبة 50 بالمئة من الجمهور تمثل المادة الخبرية هدفا رئيسيا وراء شرائها للمطبوعة. وكشف محمد توفيق، الكاتب والصحافي المصري بجريدة “المقال”، عن المعوقات التي واجهت الصحيفة أثناء تطبيقها لتجربة الاشتراكات الإلكترونية، فأشار إلى أن اتخاذ الصحيفة لزمام المبادرة في تطبيق التجربة كان أبرز ما واجه التجربة، “ومع ذلك فإن تحملنا لتلك النتائج عمل في نهاية الأمر على استمرارها حتى الآن”. وأضاف توفيق في تصريحات لـ”العرب”، أن تحصيل الاشتراكات بالدولار كان العائق الثاني الذي واجه الصحيفة، فالقراء المصريون لم يرغبوا في دفع 10 دولارات شهريا (180 جنيها تقريبا) مقابل الحصول على نسخة يومية وهو رقم يعد مرتفعا بعد تعويم سعر الجنيه أمام الدولار. كما أن الجمهور المصري بالخارج – والذي تستهدفه الصحيفة بالأساس- واجهته مشاكل متعددة في كيفية التعامل مع البنك المسؤول عن تحصيل المبلغ. وأوضح أنه كان هناك 14 ألف مشترك أبدوا رغبتهم في الاشتراك حينما تم الإعلان عنها قبل عام تقريبا، إلا أن عدد المشتركين في الوقت الحالي لا يتجاوز بضع مئات، بسبب عدم تفهم البنك الأهلي (بنك حكومي مصري) لفكرة تحويل الدولارات من الخارج، وتعامل مع الأمر على أنه مساس بالأمن القومي، وبالتالي تمت وتصفية الراغبين في الاشتراك. وألمح إلى قيام الصحيفة بعدة إجراءات حالية للتغلب على تلك المشكلات وذلك من خلال التعاقد مع شركات تتولى مسألة تحصيل الرسوم بعيدا عن التعامل المباشر مع البنوك، بالإضافة إلى توفير اشتراكات بالجنيه المصري للراغبين في الاشتراك من داخل مصر مع توفير نظم دفع سهلة تمثل عامل جذب للجمهور.

مشاركة :