"خادم الحرمين يعزي أسرة فقيد الإعلام" أجرى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز اتصالاً هاتفياً بأبناء الفقيد الأستاذ تركي السديري عبر خلاله - حفظه الله - عن تعازيه لأسرة الفقيد، وأكد خلال الاتصال الهاتفي على العلاقة الوطيدة التي تربطه به منوهاً بالدور الكبير الذي قام به الأستاذ تركي السديري في خدمة الصحافة السعودية. "رسالة تعزية من ولي العهد" قدم صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية - حفظه الله - تعازيه لذوي فقيد الوطن الأستاذ تركي بن عبدالله السديري، في برقية قال فيها: «أحسن الله عزاءكم في وفاة والدكم الأستاذ تركي السديري -رحمه الله- نسأل الله تعالى أن يشمله بمغفرته ورضوانه، ويسكنه فسيح جناته، وأن يلهمكم الصبر والسلوان، إنا لله وإنا إليه راجعون». محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء - وزير الداخلية احتضنت مقبرة الدرعية جسد الفقيد تركي العبدالله السديري رئيس تحرير جريدة الرياض السابق، حيث ووري جثمانه ثراها عصر الاثنين الماضي وسط حشد كبير من الإعلاميين تقدمهم معالي وزير الإعلام د. عواد العواد. وكان صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر أمير منطقة الرياض قد تقدم جموع المصلين على جثمان الفقيد بعد صلاة عصر الاثنين في مسجد أم الحمام والتي أم المصلين فيها سماحة مفتي عام المملكة عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ. وقد أعلن عن وفاة الزميل تركي السديري رحمه الله صباح الأحد الموافق 14 مايو 2017 عن عمر ناهز 73 عاماً بعد أن قضى معظم حياته في الصحافة، وقد أطلق عليه الملك عبدالله طيب الله ثراه لقب « ملك الصحافة» تقديراً لدوره الريادي ومسيرته الحافلة بالتألّق والإبداع حيث أفنى عمره في العمل الصحافي وصنع من جريدة الرياض إمبراطورية إعلامية تربعت على القمة وتفرّدت بخطها المميز، كما عمل على الارتقاء بذائقة المجتمع وإنصاف المواهب ودعمها وتشجيعها وفق معايير مهنية. وبرحيل الزميل تركي السديري رحمه الله دارت رحى الأيام بالأسى، وهوى نجمٌ فريد، وارتكزت الأحزان كالرمح في الأكباد، واكتست صاحبة الجلالة بالسواد. مجلة اليمامة التقت بعدد من الأسماء البارزة التي عاصرت تفاصيل رحلة كفاحه ليتحدثوا عن أبرز المحطات التي جمعتهم بالراحل، وأين التقوا به لأوّل مره، وماهي أهم المواقف والذكريات التي جمعتهم به، وماذا يعني لهم رحيله بعد هذا المشوار الطويل والحافل في بلاط صاحبة الجلالة.. فروسيةٌ نادرة - الدكتور فهد العرابي الحارثي تحدث ل «اليمامة» عن علاقته بالراحل قائلاً: كان أوّل لقاء لي مع الأستاذ تركي السديري رحمه الله في جريدة الرياض وكنت وقتها مُعيداً في كلية التربية بجامعة الملك سعود بالإضافة لعملي كمحرر ثقافي بجريدة الرياض، ثمّ رئيساً للقسم الثقافي وكان الأستاذ تركي - رحمه الله - هو رئيس القسم الرياضي في جريدة الرياض، وكان يجمعنا مكتب واحد حيث كانت المساحة في مقر جريدة الرياض في «المرقب» سابقاً لا تتسع لمكاتب كثيرة، فكان القسم الرياضي والقسم الثقافي في مكان واحد، وكنّا دائماً نتبادل الطرائف في بداية تعارفنا وكان يكبرني بالعمر والتجربة حيث كنت وقتها حديث العهد يالعمل الصحافي بينما كان هو رئيساً للقسم الرياضي منذ فترة، كما سبق له العمل في جريدة الجزيرة فيما أظن، ومع الأيام تحولت الزمالة إلى صداقة دائمة.. وعن أبرز المواقف والذكريات قال الدكتور الحارثي إنه عندما كان طالباً في باريس ومديراً لمكتب جريدة الرياض هناك كان السديري - رحمه الله - كثير التردّد في تلك الأيام على باريس إبّان رئاسته لتحرير جريدة الرياض وكنّا نلتقي كثيراً وجمعتني به الكثير من المواقف والذكريات التي لا يهم القارئ معرفتها، لكنها كانت ذات أثر كبير في تطوير العلاقة الإنسانية بيننا، مُشيراً إلى أن الراحل كان يتمتع بفروسية نادرة حتى في خصوماته مع المختلفين معه أو المختلف معهم وهو أمر يحسب له، وأضاف: عندما توليت رئاسة تحرير مجلة اليمامة عملنا سويّاً تحت مظلة مؤسسة اليمامة الصحفية وكانت تربطنا علاقة ودّ متبادلة تخلّلها اختلافات عملية بحتة وأعتقد بأن أي بيئة عمل يحدث فيها مثل هذه الخلافات، لكنني أعتقد بأنه كان يُكن لي الكثير من التقدير وفي المقابل كنت أكنّ له الكثير من التقدير والاحترام على الرغم من الخلاف. وأكد الدكتور الحارثي أن الأستاذ تركي السديري - رحمه الله - قضى أكثر من أربعين عاماً في العمل الصحافي وسخّر عمره كاملاً لبناء هذا الصرح الشامخ وهو جريدة الرياض التي يُباهي بها الإعلام السعودي خليجياً وعربياً، وبلا شك بأنه عمل كبير ومُنجز سيبقى بعده شاهداً على الجهد والتضحيات والإبداع الذي كان يتمتع به الراحل، فقد كان متميزاً كاتباً وصحافياً وإدارياً وكانت نتيجة حنكته الإدارية أن وصلت جريدة الرياض لما وصلت إليه اليوم من هذا الوهج والريادة والتفوق. رحيل مرحلة هامة - الأستاذ يوسف الكويليت تحدث ل «اليمامة» عن علاقته بالراحل قائلاً: في البداية التقيت مع الأستاذ تركي السديري (رحمه الله) في نادي الهلال وكنّا وقتها شبه أعضاء في نادي الهلال، بعدها توثقت علاقتنا وأصبحنا نلتقي في مناسبات متعددة، لكن اللقاء الحاسم تم عندما كنت متواجداً في القاهرة حيث التقينا هناك وقال لي: لماذا لاتعود إلى الكتابة، وكنت وقتها قد انقطعت عن الكتابة لفترة طويلة.. فقلت له بأنني تركت القراءة والكتابة، فذكر لي بأن الأجواء تسمح والوقت مناسب للعودة، فقلت له بأنني سأحاول.. وقد أعطاني صفحة كاملة اسمها «آفاق» وكانت تصدر كل يوم أربعاء ومن خلالها عدت للكتابة واستمرت علاقتنا كأصدقاء وزملاء واتفقنا على أن تكون لجريدة الرياض كلمة افتتاحية تتناول الجوانب السياسية العربية والعالمية المعاصرة، وكان الزميل إبراهيم جذيمي يكتبها على شكل تعليق إخباري وليس تحليل سياسي، فبدأت بكتابتها بالتناوب مع الزميل فوزان الصالح حتى توفي (رحمه الله) وتوليت كتابتها بمفردي بشكل يومي، وأضاف الكويليت: في تلك الأثناء اقتربنا كثيراً والتقينا وسافرنا سويّاً وتبادلنا الأراء والأفكار وكانت الرؤى تتطابق أحياناً، وتتقاطع أحياناً أخرى ويمكنني القول بأنه (رحمه الله) كان شخصية غريبة من نوعها قد لا يُعجب الكثيرين لكن من يعرفه عن قرب لا يمكن أن ينسى علاقته معه، وهذا تميّز غير عادي حتى إنه في تعامله مع زملائه العاملين معه كان أخاً وصديقاً للجميع وأباً للمبتدئين. وعن أبرز الذكريات والمواقف قال الكويليت: إنه يحتفظ بالكثير من الذكريات والمواقف ومن أبرزها: قرار إيقافه من قِبل وزارة الإعلام عن العمل بسبب انتقاده اللاذع للوزارة آن ذاك بمقال عنوانه: «وكالة النفي وَ وزارة أشاد» وقد واجه قرار الإيقاف بثبات وشجاعة وتفهم واحترام وكانت مرحلة صعبة في مشواره استطاع أن يتجاوزها وتمّت تسوية الأمر وعاد للعمل وكانت مجرد سحابة صيف عابرة. وأشار الكويليت إلى أن رحيل الأستاذ تركي - رحمه الله - هو رحيل مرحلة هامة وليست رحيل شخص، مؤكداً بأنه رجلٌ لا يعوّض استطاع أن يصعد بجريدة الرياض من نشرة صغيرة ومبنى متواضع إلى مؤسسة ذات قيمة كبيرة وكوادر هائلة من الصحافيين والعاملين وأرباح عالية لم تحققها المؤسسات المنافسة، اختتم الكويليت حديثه بالتأكيد على أن للأستاذ السديري بصمة كبيرة في العمل الصحافي والفنّي والإداري وتدريب الشباب وإتاحة الفرص للمواهب، وأضاف: يكفي جريدة الرياض فخراً أنها خرّجت العديد من الأسماء التي احتلّت مناصب قيادية في العديد من وسائل الإعلام المختلفة. رجلٌ صارمٌ ومهاب الأستاذ إدريس الدريس تحدث ل«اليمامة» عن علاقته بالراحل قائلاً: رحم الله عرّاب الصحافة السعودية الحديثة أستاذنا الكبير تركي السديري رئيس تحرير جريدة الرياض أو بالأحرى صانع جريدة الرياض الذي استطاع خلال سنوات عمره أن يطوّر هذه الجريدة ويصعد بها إلى مصاف الصحف العربية الأولى، وبالنسبة لمعرفتي به فقد بدأت عندما كنت أدرس في الصف السادس الابتدائي وكان والدي – حفظه الله – رئيساً لتحرير جريدة «الدعوة» وكانت تطبع في مطابع اسمها مطابع الرياض لكنها ليست تابعة لجريدة الرياض بل كانت مملوكة لأحد رجال الأعمال، فكان والدي يصطحبني معه أحياناً لمقر جريدة الرياض قديماً في «المرقب» لأذاكر دروسي وليحول بيني وبين لعب الكرة أو الالتهاء بأي شيء آخر قد يشغلني عن المذاكرة، وكنت أحب الذهاب إلى هناك وأستمتع بما أراه والأجواء السائدة فكنت أجلس عنده في المكتب وأحياناً أنزل إلى المطابع وأتذكر أنني رأيت الأستاذ تركي -رحمه الله- هناك لأوّل مره، وأظن أنه كان وقتها رئيساً للقسم الرياضي وقد عرف بأنني ابن عبدالله الدريس فكان يحتفي بي كل ما رأني ويقول: «حيّ الله ولد الشيخ»، وقد استمرت العلاقة وعرفته عن قرب عندما بدأت العمل الصحفي متعاوناً في جريدة الرياض وكنت وقتها طالباً بالسنة الأولى في كلية العلوم الإدارية.. بعدها انتقلت للعمل في مجلة اليمامة واستمرت علاقتي به وكان دائماً يحتفي ويُشيد ويعبّر عن الإعجاب، وكما هو معروف عنه في العمل أنه رجل صارم وقوي ومهاب إلاّ أنه كان على الصعيد الشخصي ودوداً وليّن الجانب. وكان كثيراً مايتجوّل بين المكاتب والأقسام ويشرف على العمل ويراقب أداء المحررين وهذا ما جعل جريدة الرياض تحقق النجاح والبقاء في القمة بل كان يحب المنافسة وهو منافس شرس وقويّ الشكيمة لايقبل إلاّ بالمركز الأوّل، ولهذا تنافس طويلاً مع جريدة الجزيرة، ثم أيضاً تنافس طويلاً مع جريدة عكاظ وكان مولعاً بالنجاح والتفوق الذي تحقق له ولجريدة الرياض، وعن أبرز المواقف والذكريات ذكر الدريس أن الراحل مشهور بنبله وكرمه وحسّه الإنساني مؤكداً بأنه يعلم كثيراً عن المساعدات التي قدمها للعاملين معه من المحررين السعوديين وغير السعوديين ودعمه لهم بالمال والتشجيع والثناء، مُشيراً إلى أنه صاحب مواقف لاتجحد ولاتنكر والكل يشهد له بذلك ويُثني عليه، مُعتبراً وفاته خسارة كبيرة للوسط الإعلامي السعودي والخليجي والعربي. أولويّات غير مسبوقة - الأستاذ مطر الأحمدي تحدث ل«اليمامة» عن مناقب الراحل قائلاً: رحم الله تركي السديري أستاذنا ومُعلمنا.. مُعلم أجيال تُعلم أجيال.. علّمنا أن الصحافة في مفهومها تتعدّى عناصر الخبر.. علّمنا أنها مهنة أخلاق قبل كل شيء، وقد أعجبتني تغريدة قرأتها في تويتر مُرفق معها قُصاصة من خبر قديم نشرته جريدة الرياض تقول: «فقراء وأيتام محافظة الليث بصوت واحد: رحم الله تركي السديري»، لم يكن يعرفهم ولايعرفوه ذلك لأنه لامس همومهم ونقل معاناتهم إلى الدولة.. كان أميراً في تعامله وأنعم عليه الملك عبدالله -رحمه الله- بلقب «ملك الصحافة» وأنعم به أميراً وملكاً فقد كان ذخراً للصحافيين السعوديين في مختلف المؤسسات وليس في مؤسسة اليمامة فقط. شجعني كثيراً وكنت مسؤولاً في قسم حيوي بصحيفة منافسة لقد كان صاحب رسالة وطنية وقف سدّاً منيعاً تحطمت عليه أحقاد المتطرفين، وشجّع الصحفيات السعوديات وأنشأ أول قسم نسائي في الصحافة السعودية وعيّن إحداهنّ مديرةً للتحرير، وتمكّن من إدخال الصحافيين كمساهمين في مؤسسة اليمامة الصحفية وهذا لم يسبقه عليه أحد.
مشاركة :