سيرة شاعر يمني واجه واقعه بالسخرية بقلم: محمد الحمامصي

  • 5/22/2017
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

الناقد عبدالرحمن مراد يقدم دراسة بعنوان “الفضول شاعرا مجددا- مقاربات رؤيوية وفنية”، يحلل فيها خصائص وأسلوب كتابة الشاعر اليمني عبدالله عبدالوهاب نعمان.العرب محمد الحمامصي [نُشر في 2017/05/22، العدد: 10640، ص(15)]شاعر يمني يثير الفضول يعد الشاعر عبدالله عبدالوهاب نعمان الملقب بـ”الفضول” واحدا من أهم أعلام وأدباء الحركة الوطنية اليمنية، الذين اختاروا طريق التحديث والتجديد. وأخيرا قدم الناقد عبدالرحمن مراد دراسة بعنوان “الفضول شاعرا مجددا- مقاربات رؤيوية وفنية”، تحاول إضاءة نص الفضول من خلال دراسة خصائصه وإماطة اللثام عن انحرافاته الأسلوبية. يقول عبدالرحمن مراد في دراسته الصادرة أخيرا عن مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر، إن المتأمل في شعر الفضول يجد اهتماماً كبيراً بالبنية الإيقاعية في إطار كتلتها الصغرى “التفعيلة” أو الوحدة الوزنية الكبرى الناشئة عن تركيب عدد من الكتل الوزنية الصغرى كالشطر والبيت. فهو في الغالب ينصاع لدفقته الشعورية محدثاً نسيجاً من التوقعات والإشباعات والمفاجآت، إذ يشتغل على التنوع من خلال الوحدة الوزنية الكبرى، فالبناء الإيقاعي للنص لا يعتمد كثيراً على البنى التقليدية، ولكنه يكاد يكون بناءً تجريدياً يتتبع اللحظة الانفعالية فيجسِّدها جرساً أو نغماً موسيقياً من خلال القيم الصوتية للأحرف الصائتة أو الأحرف الصامتة أو ذات الجرس القوي. وما يمكن أن يقال إن الفضول حاول كسر الرتابة من خلال التنويع والتقطيع وإحداث التدفق النغمي بنفس طويل كما نلاحظ في الكثير من قصائده الغنائية الوطنية التي تفرّد في صوغها ونسجها بطريقة منبثقة من التقليدي والمتجدد في آن واحد. ويؤكد مراد أن الشاعر كان يجنح إلى التجديد كنزعة ذاتية ترغب في المغايرة والإضافة، فكانت نصوصه الغنائية امتدادا متطورا ومتجدّدا للإيقاع الشعبي، مما أحدث انتقالا نوعيا في سماء الأغنية الوطنية والعاطفية، بل شكَّل حياة مركزة وملاذاً للأمل والتطلع وغرس قيم جديدة قائمة على الحب والعطاء والخير والعدل والتسامح والنماء. فالإيقاع عند الفضول حركة متنامية يمتلكها التشكيل الوزني. ويضيف عبدالرحمن مراد حول سيرة الشاعر “ينحدر الشاعر عبدالله عبدالوهاب نعمان الملقب بالفضول من أسرة ذات مكانة اجتماعية مرموقة، وقد تعززت تلك المكانة في زمن الأتراك بتعيين والده الشيخ عبدالوهاب بيك نعمان قائم مقام منطقة الحجرية بمرسوم من الباب العالي في الأستانه. ومع خروج الأتراك من اليمن عام 1918 وتسلم الإمام يحيى حميد الدين زمام الحكم في اليمن (1918-1948) تفقد الأسرة مكانتها السياسية وتبعاً لها مكانتها الاجتماعية فتنحاز بكل ثقلها إلى خيار المعارضة دفاعاً عن وجودها ومكانتها، فكانت مشاركة والده في ثورة 1948 إيذاناً للشاعر في مواجهة واقع جديد وحياة جديدة، بعد أن فقد والده حين طالته يد الانتقام التي سلَّها الإمام الجديد أحمد يحيى حميدالدين (1948-1962) وعلى إثر موت والده الشيخ عبدالوهاب بيك نعمان طوى الفضول مرحلة من الجاه والنعيم، لتبدأ على إثرها مرحلة الشقاء والتشرد”. ويوضح مراد أن الفضول لم يكترث لما آل إليه الحال بل واجه واقعه الجديد بالسخرية ليتجاوز من خلالها ألم فقده، ويتجاوز وحدته وغربته بنصوص شعرية كانت أكثر تعبيراً عن كوميديا اللحظة الحياتية وتراجيديتها. وقد قسم مراد مراحل تجربة الفضول إلى عدة مراحل أولاها حياة الفضول (1920-1982) من مولده 1920 إلى ثورة 1948. والمرحلة الثانية من 1948 إلى 1953 وهي المرحلة التي بدأ خلالها في إصدار صحيفة الفضول بأسلوب ساخر مقاوم لعوامل الفناء، وعرفه الناس خلال هذه الفترة شاعراً ساخراً إلى أن رفضت سلطات الاحتلال البريطاني بعدن تجديد ترخيص الصحيفة. في المرحلة الثالثة (1954- 1964) هجر الشعر ليؤمِّن لأفراد أسرته لقمة العيش كما تنص سيرته، وخلال هذه الفترة كان ينتقل بين صنعاء وعدن ويمارس بعض الأنشطة الإعلامية والسياسية، وبدأ يكتب نصوصا غنائية نسبها إلى أبنائه. المرحلة الرابعة والأخيرة (1964-1982)، وهي مرحلة الخصب الإبداعي والنشاط العملي؛ فقد تولى عدداً من المناصب في حكومات صنعاء وعاد إلى الشعر ليفجر كوامن الإبداع في ذاته. وقد خلص عبدالرحمن مراد، استناداً إلى مضمون القراءة التحليلية التي تضمنتها هذه الدراسة، إلى أن الفضول من خلال المظهر الأسلوبي والشكل الفني والمسار اللغوي الخاص به قد أضاف جديداً انتقلت بواسطته اللغة من موقعها القديم إلى مواقع أكثر تقدماً قياساً على مسار اللغة التاريخي والاجتماعي والفني.

مشاركة :