وداعاً أيها الكاتب الشبح بقلم: هيثم حسين

  • 5/22/2017
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

الكاتب الشبح يحصل بحسب الاتفاق مع صاحب الحكاية أو مستخدمه على مبلغ أو مكسب بعينه، ويتم الأمر وفق اتفاق يتضمن عدم تصريح الكاتب الشبح بأنه من كتب الكتاب أو ساعد في صياغته.العرب هيثم حسين [نُشر في 2017/05/22، العدد: 10640، ص(15)] درجت عادة المشاركة في الكتابة في الغرب، بحيث يتمّ الاشتراك بين كاتب محترف وشخص مشهور لديه حكاية ملفتة للأنظار تستحقّ التسويق، ويكون الكاتب صائغاً وحاضراً باسمه لا متخفّياً وراء قناع الكاتب الشبح الذي دأب الكثير من المشاهير على توظيفه لتدوين كتبهم أو يومياتهم وإتمامها بالصيغة الأنسب. ويختلف الأمر عن الكتابة المشتركة بين روائيين لهما خبرة في عالم الأدب والكتابة، يكون عملهما عمل الأنداد المبدعين كالتجربة المميزة بين الراحلين عبدالرحمن منيف وجبرا إبراهيم جبرا في روايتهما “عالم بلا خرائط”. كان الكاتب الشبح يحصل بحسب الاتّفاق مع صاحب الحكاية أو مستخدمه على مبلغ أو مكسب بعينه، ويتمّ الأمر وفق بنود اتفاق تتضمّن عدم تصريح الكاتب الشبح بأنّه مَن كتب الكتاب أو ساعد في صياغته وإظهاره بحلّته النهائيّة. أما هنا فيتمّ قتل الكاتب الشبح لصالح الكاتب الصائغ الشريك. يكون التقاء المصالح والحرص عليها أقوى من إخفاء الاسم أو التخفّي وراء قناع، فكلاهما بحاجة إلى بعضهما البعض، صاحب الحكاية يقول: لديّ الحكاية، ولديّ الاسم البرّاق، والآخر يقول لديّ الشهرة والقدرة على الصياغة والتفنّن في الأسلوب والسرد وتجميل الحكاية، ولديّ المعابر إلى التسويق وأعرف فنونه وآليّاته.. هنا يلتقي كلّ منهما بالآخر على قاعدة التنفيع المتبادل. مؤخّراً نقلت وكالات أنباء عالمية خبراً عن شروع الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون في العمل على إصدار رواية خيالية بعنوان “الرئيس المفتقد” تستمدّ مادّتها من أجواء البيت الأبيض، ويشارك في تحريرها الكاتب الأميركيّ جيمس باتيرسون. وصف الدور المنوط بالكاتب جيمس باتيرسون بالمشاركة في تحرير الرواية، وهنا يأتي التحرير كتوصيف فضفاض لعملية الكتابة وصناعتها نفسها، ابتداء من الفكرة مروراً بالتفاصيل والصياغة وبناء الشخصيات والأحداث والحبكة وصولاً إلى الصورة النهائية للعمل. وهناك تجارب سابقة ناجحة، منها مثلاً عارضة الأزياء الصومالية ويريس دايريه التي شاركتها كتابة وصياغة حكايتها في ثلاثة أعمال عن حياتها كلّ من جين د. هايم في كتابها “فجر الصحراء”، و كاثلين ميلر في روايتها “زهرة الصحراء”، وكورينا ميلبورن في روايتها “بنات الصحراء”، وظهرت الكتب بالاشتراك بينهن. وهناك الباكستانية ملالا يوسفزاي التي حصلت على جائزة نوبل 2014، وكتبت حكايتها الصحافية البريطانية كريستينا لامب المتخصصة في التقاط وصيد حكايات شخصيات تساهم بصنعها أو تلميع نجمها، والإفادة من حكاياتها وصياغة تلك الحكايات لدرجة صناعتها أحياناً، كما فعلت أيضاً في كتابها “نوجين”، إذ كتبت حكاية اللاجئة السورية المقعدة نوجين ورحلتها الشاقة وصولاً إلى أوروبا. حلم الشخص المتمثّل بحكايته يصبح واقعاً على يد شريكه الكاتب، وتصبح الحكاية المسرودة مؤثثة على حكاية مكتملة التفاصيل بعد أن كانت مفتقرة إلى الصياغة التي تسبغ عليها درامية وتشويقاً وتهيئها للدخول في عالم الأدب المكتوب العابر للحدود بعد أن كان قيد المشافهة أو فوضى الكلام المحتاج إلى سبك حسن وأسلوب محترف لبلورته. لا يخفى أنّ هناك جانباً من الاستغلال الذي يمكن وصفه بالمثمر والإيجابيّ يحضر بين مختلف الأطراف في عملية الكتابة بالاشتراك، وهناك حقوق محفوظة لكلّ طرف، سواء كانت تلك الحقوق مادية أو معنوية، وفي هذه الحالة يمكن القول: وداعاً أيها الكاتب الشبح. كاتب سوريهيثم حسين

مشاركة :