إستراتيجية مغربية ضد الإرهاب مع تنامي تهديد الذئاب المنفردةأصبحت جماعات إرهابية تعتمد أسلوب “الذئاب المنفردة” لتنفيذ مخططاتها بسبب إجراءات أمنية مشددة في بلدان عديدة. وتكمن خطورة الذئاب المنفردة في عدم خضوعها لهيكلة تنظيمية محددة داخل الجماعات المتطرفة، إذ تتحكم في سلوك الانتحاري درجة ولائه لأيديولوجيا مجموعات مصنفة إرهابية كتنظيم القاعدة أو داعش.العرب محمد بن امحمد العلوي [نُشر في 2017/05/24، العدد: 10642، ص(4)]قبضة أمنية من حديد الرباط – حذرت الاستخبارات المغربية من خطر “الذئاب المنفردة” التي تسعى لتنفيذ هجمات إرهابية في أوروبا كرد فعل على تراجع نفوذ “الدولة الإسلامية” في العراق وسوريا. وقال عبدالحق الخيام رئيس المكتب المركزي للتحقيقات القضائية في المغرب إن “أكبر تهديد يتجسد في اندماج تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية بمنطقة الساحل”. وأكد أن الخطورة الأكبر تتمثل في تطوير التنظيمين لآليات تستفيد أكثر من “الذئاب المنفردة” والعمل على زرعها في نقاط حساسة في المنطقة العربية والعالم. وأشار إسماييل مورينو القاضي والخبير الإسباني في ظاهرة الإرهاب إلى أن وسائل محاربة الإرهاب تشمل ضرورة التصدي لإمكانية تمويل الخلايا الإرهابية، والقضاء على ظروف استقطاب جماعات متطرفة لمجندين محتملين. ويؤكد ألكسندر هيتشنز وسيموس هيوز الباحثان في برنامج حول التطرف بجامعة جورج واشنطن بالولايات المتحدة، أن الأشخاص المتعاونين أو المتعاطفين مع تنظيم الدولة الإسلامية والمعروفين بتسمية “الذئاب المنفردة” يتلقون توجيهات عبر شبكات التواصل الاجتماعي من”مدربين افتراضيين” تابعين للتنظيم بهدف تشجيعهم على تنفيذ هجمات. وتهدف عمليات “الذئب المنفرد” إلى إحداث أضرار معنوية تتبناها تنظيمات جهادية وتوحي من خلالها بأنها قادرة على الهجوم في كل زمان ومكان. فإشاعة الرعب كفيلة بزعزعة ثقة المواطن في الدولة، وهذا ما تسعى إليه الجماعات المتطرفة. ويرى الخيام أن التهديدات الإرهابية على المغرب وأوروبا تكمن في تنقل “الذئاب المنفردة” من منطقة الساحل.عبدالحق الخيام: المغرب يعي أن تهديد الإرهاب يحتاج عملا وقائيا بالتنسيق مع دول الجوار وأكدت دراسة أنجزها دانيال بايمان باحث في مركز سياسات الشرق الأوسط بمعهد بروكينجز، على أهمية عزل الذئب المنفرد عن الجماعات الإرهابية وقطع أي اتصال محتمل بينها. وكلما كان الذئب المنفرد أقل تواصلا مع الجماعات المتطرفة التي توجهه وتدربه كان أقل خطورة. وأكد بايمان على أن مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي تمكن السلطات الحكومية من تحديد أماكن تمركز الجهاديين المحتملين. وشدد على ضرورة توجيه الأجهزة الأمنية لمراقبة واختراق الحسابات الإلكترونية للجماعات الإرهابية عبر جمع المعلومات الاستخبارية، واعتقال قادة الخلايا المشتبه بهم. وقال الخيام إن “عملية مراقبة مواقع الإنترنت والأجهزة الإلكترونية تتم بشكل حازم” باعتبارها أضحت وسائل تدريب واستقطاب لأفراد يتحولون في المستقبل إلى ذئاب منفردة تهدد أمن واستقرار الدول. وأوضح أن منصات التواصل الاجتماعي تبقى نقطة قوة تنظيمات إرهابية تمرر عبرها أفكارا متطرفة، “ويتم عبرها غسل عقول الشباب في المغرب وفي العالم”. وأفاد الخيام بأن جماعات مرتبطة بتنظيم القاعدة تعيد تنظيم صفوفها بشكل أسرع، “خصوصا في منطقة الساحل”. وتشكل منطقة الساحل والصحراء مستقرا لجماعات إرهابية، كما تمثل واحدة من بؤر خطيرة يتم فيها التخطيط لعمليات إرهابية وتصدير الفكر المتطرف إلى دول المنطقة والعالم. وأوضح تقرير أصدره المعهد الجامعي الأميركي للدراسات حول الإرهاب أن التهديدات الإرهابية الموجودة بالعراق وسوريا لم تعد بعيدة عن دول المغرب العربي والساحل والصحراء. وجعلت معطيات أمنية عديدة من المغرب محطة لتبادل المعلومات والتعاون الإقليمي والدولي لمكافحة الإرهاب. وأكد الخيام أن المغرب مستعد للتعاون مع كل دول العالم لمواجهة الإرهاب وانتشار شبكات متطرفة في المنطقة. وأشار إلى أن تنظيمات إرهابية وجدت موطئ قدم لها في ليبيا والساحل الأفريقي، وتعمد إلى خلق مناطق للتوتر في المنطقة ستسهل تواجدها، وبالتالي فإن لامبالاة الجزائر على مستوى التعاون الأمني تعرض المنطقة لتهديدات إرهابية خطيرة. ويحرص المغرب على مد جسور التعاون الأمني والاستخباراتي والقضائي مع كل دول العالم ويساهم في جهود إقليمية ودولية لمحاربة التطرف. وقال الخيام إن “المغرب فهم أن التهديدات الإرهابية تحتاج إلى عمل وقائي بتنسيق مع دول الجوار”. وشدد الخيام على أن الرباط تواصل جهود مواجهة الإرهاب والتعاون مع جميع دول المنطقة، موضحا أن غياب التعاون مع الجارة الجزائر يفسح المجال لتنامي الخلايا الإرهابية والعصابات الإجرامية. ونبه إسماييل مورينو إلى أن “الإرهاب لم يعد ظاهرة محلية بل أصبح ظاهرة دولية، وهو ما يتطلب ردا دوليا”، مبرزا أن العمل لمكافحة الهجمات الإرهابية بات يتطلب تطوير الآليات القانونية للتعاون بين الدول. وأشاد خبراء من المعهد الجامعي للدراسات حول الإرهاب بالولايات المتحدة بإستراتيجية المغرب في التعاطي مع تهديدات إرهابية يواجهها على غرار بقية بلدان المنطقة والعالم، من بينها التعاون الدولي الموسع، بما في ذلك العودة إلى الاتحاد الأفريقي، وتطوير مقاربة دينية معتدلة كنموذج عملي لمواجهة تهديدات محتملة لجماعات جهادية. وأكد عبدالحق الخيام أن إستراتيجية المغرب لا تشمل الجانب الأمني فقط بل تضمنت جوانب أخرى لمحاربة الفكر المتطرف من بينها اعتماد مقاربة على مستوى التوجيه الديني عبر توحيد الخطب والفتاوى، والتصدي لتردي الأوضاع الاجتماعية.
مشاركة :