الإمام أحمد بن حنبل 1 / 2

  • 5/29/2014
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

.. أول من نطق بعبارة «مع المحبرة إلى المقبرة» هو أحمد بن حنبل رحمه الله، لكن مع هذه العبارة حال عجيبة.. فلم يكن ميسور الحال بل كان إلى الفقر أقرب حتى أنه وعد الامام الشافعي أن يزوره في مصر فلم يفعل فقال أحد معاصريهما وهو ابن أبي حاتم : «يشبه أن تكون خفة ذات اليد منعته أن يفي بالوعد». ويحكي لنا الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله أن أحمد بن حنبل قد حج بضع مرات من بغداد إلى الكوفة وبعضها كان يقوم بها ماشيا على قدميه، فلم يكن عنده مال يستأجر به راحلته وكان حريصا على الحج لما فيه من ثواب ولما يجد في الحرمين الشريفين من علوم ما كان يصل إليها إذا لم يرحل. لكن الحال الحنبلي تلبس بأحمد.. فقد كان في مكة يطوف مع صديقه يحيى بن معين طواف القدوم فرأى يحيى بن معين المحدث اليمني عبدالرزاق فسلم عليه وقال له : هذا أحمد بن حنبل أخوك، فقال : حياه الله وثبته فإنه يبلغني عنه كل جميل. فقال يحيى : نجيء إليك غدا إن شاء الله حتى نسمع ونكتب فلما انصرف، قال أحمد : لم أخذت على الشيخ موعدا ؟ قال : لنسمع منه قد أربحك الله مسيرة شهر ورجوع شهر والنفقة، فقال أحمد وقد تلبسته الحال الحنبلية القوية العزيمة الصعبة المراس : ما كان الله يراني وقد نويت نية أن أفسدها بما تقول.. بل بمضي نسمع منه، وهكذا كان. أكملا حجهما ثم سافرا يصعدان جبلا ويهبطان واديا حتى صنعاء. يقول الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه (ابن حنبل حياته وعصره ــ آراؤه وفقهه) انظر إلى النية المحتسبة للهجرة في سبيل العلم، قد لاحت له الفرصة التي تغنيه عن الهجرة، فلم ينتهزها، وآثر أن يضرب مهاجرا في طلب العلم، ولم يرد أن يأخذه رخاء سهلا، تسهله المصادفة، وتقربه الفرصة، خشية أن يتعود ذلك فلا يركب في سبيله المركب الصعب، ويحتمل العيش الخشن. وقد تحقق ما احتسب فسافر إلى صنعاء، وناله العيش الخشن، والمركب الصعب، إذ انقطعت به النفقة في الطريق فأكرى نفسه من بعض الحمالين إلى أن وافى صنعاء، وقد كانت رفقته تحاول أن تمد له يد المعونة، فكان يردها حامدا لله فضل قوته التي تمكنه من أن يحصل على نفقاته. ولما وصل إلى صنعاء حاول عبدالرزاق أن يعينه، فقال له : يا أبا عبدالله خذ هذا الشيء فانتفع به، فإن أرضنا ليست بأرض متجر، ولا مكسب، ومد إليه بدنانير، فقال أحمد : أنا بخير، ومكث على هذه المشقة سنتين استهان بهما، إذ سمع أحاديث عن طريق الزهري، وابن المسيب ما كان يعلمها من قبل. السطر الأخير : أأذكر حاجتي أم قد كفاني حياؤك إن شيمتك الحياء إذا أثنى عليك المرء يوما كفاه من تعرضه الثناء.

مشاركة :