أكدت مصادر مطلعة لـ «الراي» أن وزارة التجارة والصناعة تدرس إمكانية إلغاء الموافقة المسبقة على البيانات المالية المدقّقة للشركات، والاكتفاء بالحصول على نسخة من البيانات المالية من مدقق الحسابات، والقيام بأرشفتها دون التواصل مع الشركة، كما درجت العادة الرقابية.وأشارت المصادر إلى أنه في حال صدور قرار تنظيمي لهذه المسألة، فإنه سيتم إلغاء الرقابة السابقة للميزانيات وهو ذات الإجراء الذي قام به سوق الكويت للأوراق المالية بإقراره أخيراً وفقا لتعليمات هيئة أسواق المال.كما يتضمن المقترح توجه الوزارة نحو تعديل بعض الإجراءات الرقابية، ومنها وقف العمل بنظام عرض جدول أعمال الجمعية العامة العادية على «التجارة»، والحصول على موافقتها أولاً لعقد الجمعيات العمومية وتحديداً العادية منها، حيث لفتت المصادر إلى أن «التجارة» ستخاطب إدارة الفتوى والتشريع التابعة لمجلس الوزراء لسؤالها عن مدى استقامة هذا التوجه مع القانون.وبينت المصادر أن وزير التجارة والصناعة، خالد الروضان، يميل إلى الحرية الاقتصادية وتحدي العقبات البيروقراطية الإجرائية، لمصلحة الانفتاح وتطوير الآليات الرقابية المعمول بها، بما ينسجم مع التوصيات الدولية، مشيرة إلى أن من الملفات التي كانت محل نقاش قانوني واسع لدى الوزير في الفترة الأخيرة، دراسة مدى الجدوى من استمرار إلزام الوزارة بالرقابة المسبقة على البيانات المالية للشركات، وعدم الاعتراف بصحة أي عمومية عادية تُعقد دون أن تحصل على موافقتها؟وأفادت المصادر أن النقاشات القانونية التي فتحت في هذا الخصوص، خلصت إلى نقاط وتوصيات عدة، أبرزها، أن مراجعة الممارسات الرقابية المعمول بها عالمياً، تظهر عدم قيام الجهات النظيرة لـ «التجارة» باعتماد البيانات المالية للشركات، أو الموافقة عليها بأي كيفية، كما أن الأثر الرقابي المحقق من تطبيق الإجرائين منعدم، ولا يعزز الدور الرقابي للوزارة بقدر ما يعطل أعمال الشركات، علاوة على أن هذا الأمر يعد قانوناً من ضمن التزامات مراقب الحسابات.ولفتت المصادر إلى وجود قناعة لدى المسؤولين في «التجارة» بأن إلزام الشركات بالموافقة المسبقة على بياناتها المالية المدققة، واشتراط موافقتها على جدول الجمعيات العمومية العادية، كانا سبباً في تكدس الأعمال غير الضرورية في الوزارة، وأسهما في تعطيل مصالح العديد من الشركات دون جدوى تذكر.وأوضحت المصادر أن هذين القيدين الرقابين خفضا من مقدرة الشركات في العديد من الحالات من الالتزام بالفترات الزمنية التي يفترض أن تعلن خلالها عن بياناتها المالية، دون أن تكون مسؤولة مباشرة عن هذا التأخر، أو أن تعقد جميعاتها العمومية في مواعيد كان بالإمكان أن تتم قبل التواريخ التي حصلت عليها.وأشارت إلى أن سعي الوزارة لإلغاء الرقابة المسبقة على البيانات المالية وجدول أعمال الجمعيات العمومية العادية سيسرع من الإفصاح عن القوائم المالية وعقد العموميات بما ينسجم مع اللوائح والتعليمات التنظيمية، ما يؤدي إلى تفادي تعرض الشركات للعقوبات المنصوص عليها من «هيئة الأسواق» في هذا الخصوص بسبب تأخر اعتماد الوزارة لبياناتها المالية.ومن الناحية القانونية، تعطي بحسب المصادر، موافقة الوزارة المسبقة للبيانات المالية المدققة للشركات حماية قانونية، يمكن أن يستفاد منها قضائياً في حال حدوث أي نزاع بين مجالس الإدارت والمساهمين مستقبلاً، ومن ثم يمكن أن تتحمل الوزارة مسؤولية اعتمادها بيانات مالية اتضح لاحقاً مخالفتها للقانون.أما حول الضمانات التي يمكن أن تعتمد عليها «التجارة» لتهدئة المخاوف من أن تستغل بعض الشركات عدم تدقيق الوزارة على بياناتها المالية ولجدول أعمال جمعياتها؟ أفادت المصادر أن لدى «التجارة» أدوات حماية رقابية أخرى تحمي حقوق مساهمي الشركات، مبينة أن الدراسة المعدة في هذا الشأن تضمنت بدائل أكثر فاعلية، ليس أقلها الاعتماد على تقرير مدققي الحسابات، في مقاربة إجرائية تشبه لحد كبير علاقة «البلدية» بالمكاتب الهندسية، وبذلك ستتعاظم المسؤولية القانونية على المدققين بخصوص أي مخالفة غير مسجل بخصوصها ملاحظة.وأضافت المصادر «توجد آلاف الميزانيات التي تدقق عليها (التجارة) سنوياً دون سند تدقيقي أو قانوني، ما يزيد من طبقات الموافقات والإجراءات غير اللازمة لعقد الجمعيات العمومية، ولذلك تسعى الوزارة إلى تعديل هذه الإجراءات بما يقود إلى تقليل احتكاكها غير الضروري بالشركات».ولفتت إلى أن ما يغذي توجه الوزارة لوقف إلزام الشركات بعرض جدول أعمال جمعياتها العامة العادية عليها، أن هذا الإجراء غير مدرج في قانون الشركات، والذي لا يتضمن أصلاً اشتراط حضور ممثل «التجارة» لضمان سلامة انعقادها، ومن ثم لا يترتب على عدم حضور ممثل الوزارة أي بطلان للجمعيات العمومية، إلا في حالات غير العادية منها، على أساس أن جداول أعمالها تتضمن عادة قرارات رئيسية تستحق الرقابة المسبقة عليها من قبيل تعديل رؤوس الأموال.وذكرت المصادر أن الكويت تأتي في تصنيف متأخر في مؤشر البنك الدولي، حيث تحتل المرتبة 102 حول العالم في مؤشر بيئة الأعمال، ومن ثم تتنامى الحاجة الحكومية إلى السعي لاستحداث القوانين وتبني تشريعات جديدة من شأنها تحسين بيئة الأعمال خاصة في ظل الأحداث الحالية وتطور وتقدم دول المنطقة، مبينة أنه سيتم عرض توجه «التجارة» على «الفتوى» وإذا تأكد صواب نظرتها الرقابية سيتم الأخذ في الاعتبار إضافة ذلك إلى أي تعديل يجرى على قانون الشركات. وتأتي هذه الخطوات ضمن رؤية الروضان لتحسين بيئة الأعمال والارتقاء بأعمال الوزارة.
مشاركة :