حال النبي «صلى الله وسلم» في رمضان

  • 5/28/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

لقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحتفل برمضان، ويحتفي به، وينبه أصحابه وأمته لفضيلة هذا الشهر، وكيفية استقباله، واغتنام أيامه ولياليه، دون إفراط أو تفريط، فيقول: ((إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حرمها، فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا محروم))، «صحيح سنن ابن ماجه». ويقول - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا كانت أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار، فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة، فلم يغلق منها باب، ونادى مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك في كل ليلة))، «صحيح سنن ابن ماجه». ومع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرغب في صوم التطوع، ويكثر من الصوم في شعبان، فكان يصوم حتى يقولوا: لا يفطر، إلا أنه نهى عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين، وذلك لمعنى الاحتياط لرمضان، وينهى عن صيام اليوم الذي يشك فيه، ويقول: ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم، فأكملوا عدة شعبان ثلاثين))، البخاري. وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروا الهلال، فإن غم عليكم فاقدروا له))، البخاري. وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا أن يكون رجل كان يصوم صوما، فليصم ذلك الصوم))، البخاري. لأن ذلك من التنطع، ومن الغلو في الدين الذي لا يحبه الله ورسوله، وكان - صلى الله عليه وسلم - يحب تأخير السحور وتعجيل الفطر، ويقول: ((تسحروا، فإن في السحور بركة))، البخاري. وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسافر في رمضان للغزو وغيره، ويجاهد في سبيل الله في رمضان، وكان في سفره يصوم ويفطر، ويخير الصحابة بين الأمرين، وكان يأمرهم بالفطر إذا دنوا من عدوهم، ليتقووا على قتاله، وسافر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضان في أعظم الغزوات وأجلها في غزوة بدر، وفي غزوة الفتح. ففي البخاري عن أبي الدرداء قال: «خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره في يوم حار، حتى ليضع الرجل يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا ما كان من النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن رواحة». وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل نساءه وهو صائم، ويباشر وهو صائم، وشبه القبلة بالمضمضة بالماء في عدم التأثير على الصوم، وكان كما قالت عائشة: «أملك الناس لإربه». وكان - صلى الله عليه وسلم - يصبح جنبا من جماع، فيدركه الفجر وهو جنب، فيغتسل بعد طلوع الفجر ويصوم. وكان - صلى الله عليه وسلم - يصب الماء على رأسه وهو صائم، ويتمضمض ويستنشق وهو صائم، وينهى الصائم عن المبالغة في الاستنشاق، وكان يتسوك وهو صائم، ولم يرد عنه كراهية السواك للصائم بعد الزوال، كما يقول بعض الفقهاء. وكان - صلى الله عليه وسلم - يعتكف العشر الأواخر من رمضان، ويجتهد فيها ما لا يجتهد في غيرها، واعتكف نساؤه معه ومن بعده، وكان يدخل المعتكف إذا صلى الغداة - الفجر - واستأذنته عائشة في أن تعتكف فأذن لها، فضربت فيه قبة - خباء أو خيمة - فسمعت حفصة فضربت قبة، وسمعت زينب بها فضربت قبة أخرى، فلما انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالغداة أبصر أربع قباب، فقال: ((ما هذا؟))، فأخبر خبرهن، فقال: ((ما حملهن على هذا البر؟ انزعوهن فلا أراها))، فنزعت. وهذا دليل على أن العمل ينبغي أن يبتغي به وجه الله، ولا يفعل على وجه التقليد للغير، أو مجرد مصاحبته دون قصد البر والقربة، وكان يخرج من المعتكف لقضاء الحاجة. وكان يحرص على إدراك ليلة القدر ويتحراها ويأمر بتحريها في العشر الأواخر، وربما كان اعتكافه لهذا الغرض، فإنه - صلى الله عليه وسلم - كان يعتكف العشر الوسطى من رمضان، فاعتكف عاما حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين - وهي الليلة التي يخرج في صبحها من اعتكافه - قال: ((من كان اعتكف معي، فليعتكف العشر الأواخر، وقد رأيت هذه الليلة ثم أنسيتها، وقد رأيتني أسجد في صبيحتها في ماء وطين، فالتمسوها في العشر الأواخر، والتمسوها في كل وتر)). وكان - صلى الله عليه وسلم - يتدارس القرآن مع جبريل في رمضان في كل سنة مرة، فلما كانت السنة التي قبض فيها دارسه القرآن مرتين، وكان يكثر من الصدقة والجود والنفقة، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يأتيه جبريل.

مشاركة :