أمن الشاشات والأمن الإلكتروني صارا تحديّا حقيقيا والجيوش الرقمية الغازية تتربّص بما يمكن الوصول إليه من شاشات وأنظمة رقمية.العرب طاهر علوان [نُشر في 2017/05/30، العدد: 10648، ص(18)] تتصاعد صراعات المصالح في عالمنا، ينسحب ذلك على الجغرافيا السياسية والصراع على الموارد الطبيعية وأماكن الثروة ثم على المياه والموقع الجغرافي الذي يتحكّم بحركة التجارة العالمية. هي مصالح دول وتجمّعات دوليّة شتى لكنّها جميعا تجد نفسها وجها لوجه أمام تهديدات لم تكن معروفة ولا متوقّعة سابقا تزامنت مع الرقمنة التي زحفت إلى كل ركن من أركان حياتنا المعاصرة. المتصارعون وأرباب المصالح كلّهم يعومون في الفضاء الرقمي حتى وإن كانوا ماكثين على الأرض ويمارسون حياتهم، كلّهم أدرجوا مصالحهم في الخوارزميّات والأصفار والآحاد والأكواد والرموز وكلمات المرور. في المقابل يأتيك من يخبرك على صعيد قطاع البنوك مثلا أن أكثر من 70 بالمئة من المال المتداول هو رقمي وليس ورقيا وحقيقيا ولهذا صار استهداف هذا العالم الرقمي الذي يتحكّم بالاقتصاد يكبر يوما بع يوم ولا أحد يعلم إلى أين سيصل في المحصّلة النهائية. الملايين من البشر يجلسون في مواجهة الشاشات الصماء التي تكتظ بالأرقام والإحصائيات والخطوط البيانية والجداول وكلّها تساوي وزنها ذهبا بمعنى أنّها مرتبطة “ببيوت المال” في أنحاء العالم وهنا تكمن الخطورة البالغة. أمن الشاشات والأمن الإلكتروني صارا تحديّا حقيقيا والجيوش الرقمية الغازية تتربّص بما يمكن الوصول إليه من شاشات وأنظمة رقمية، بالأمس ضربت العالم موجة خطيرة قامت بتشفير ملفات عشرات الألوف من الحواسيب في أنحاء العالم مع المطالبة بالفدية، هنالك من المراقبين من يري أنها مجرّد البداية وأنها تدريب على ما هو أفدح من ذلك بكثير ولهذا ظل المتخصصون بأمن المعلومات يحذّرون من هجمات قادمة متوقّعة قد تلحق أضرارا فادحة غير متوقّعة. بلدان العالم أنفقت في العام الماضي لوحده أكثر من 70 بليون دولار على الأمن الرقمي ومن المتوقع أن يرتفع الرقم إلى قرابة 100 بليون خلال بضع سنوات. واقعيّا هنالك تهديدات جديّة تتربص وشبح القرصنة قائم في كلّ حين وتلك الشاشات الفضية المضاءة والتي تعمل بعفوية وحرّية صارت القيود تحيط بها من كل جهة والقلق والترقّب سيدا الموقف إذ أن الإشكال يتعلّق بما لا يمكن السيطرة عليه وما هو غير متوقّع ومفاجئ كما حصل في الحملة الشرسة في طلب الفدية التي ضربت العديد من دول العالم. هنالك قلق حقيقي على البورصات والتجارة العالمية وحركة الملاحة الجوية فيما إذا تعرّضت للقرصنة وما يمكن أن تتسبب فيه من خسائر بشرية ومادية ولهذا صار أمن المعلومات مكمّلا لهذا العالم الرقمي وجزءا أساسيا وليس كماليّا أو هامشيا فإلى أين يسير علمنا الرقمي المستهدَف؟ هنالك قلق على مصادر نقل وتداول المعلومات وبما فيها غُرَف الأخبار والأقمار الناقلة للبثّ الفضائي وتلك ذات الأغراض العسكرية والأمنية فجميعها تلوح من حولها أشباح أولئك القراصنة المجهولين وخلال ذلك نحن أمام جيل من شبكات القرصنة الأكثر احترافا وإيذاء من الذين لا همّ لهم سوى جني الأرباح من وراء المغامرة أو أنّ هنالك من الهجمات ما يندرج في إطار صراع المصالح أو ما يُعرف بالجيوش الإلكترونية التي تعمل لصالح دول أو جماعات أو تيارات أو حتى مجموعات إرهابية، التحدّي واحد والأمن الإلكتروني هاجس يؤرّق الجميع خوفا من الاختراق والتعطيل وسرقة البيانات. كاتب عراقيطاهر علوان
مشاركة :