الشاشات تبيع الأخبار بقلم: طاهر علوان

  • 8/22/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

لقد صار أمرا مألوفا أنك تقرأ الصحيفة أو المجلة من خلال الإنترنت، لكنك وأنت في بداية القراءة أو منتصف القصة يجري تضبيب الصورة، وعندها سيقترحون عليك أن تشتري ما تبقى باشتراك بسيط.العرب طاهر علوان [نُشر في 2017/08/22، العدد: 10730، ص(18)] لم تعد قصّة تراجع مبيعات الصحافة الورقيّة سرّا، يمكنك أن تشاهد أصحاب الأكشاك وهم يرزمون أكداسا من الصحف في ما يعرف بالمرتجع أي النسخ المعادة التي لم يشترها أحد. يتغيّر في زمننا هذا كلّ شيء وبما فيه عادات القراءة، الجيل الذي نشأ على الصحافة الورقية والمطابع والحبر وملمس الورق وحتى رائحته يجد نفسه مع صحيفته المفضلة في زاوية حرجة. هذه ليست إشكاليّة تتعلق بالصحف العربية التي هي في عين العاصفة هي الأخرى، ولكنها تتعلق بالعشرات من الصحف الرصينة سواء في أوروبا أو في الولايات المتّحدة. صارت هذه الصحف تحاول بشتى الوسائل إغراء القارئ لكي ينضم إلى قائمة المشتركين، هدايا عينية ومشاركة في سحب على جوائز ماليّة لمن يجدد اشتراكه السنوي. ولو نظرت مليّا إلى حجم الجهد والتكلفة وما يبذله المحررون والطواقم الصحافية الأخرى من جهود شاقة وساعات عمل طويلة لكي ينتجوا الصحيفة بكل ما تختزنه من أخبار وتحليلات وخلاصات مفيدة ومواكبة لحركة الحياة تجد أن ثمن الصحيفة لا يتناسب حقا مع ذلك المجهود الكبير والتكاليف، ومع ذلك لا تكاد الصحف تجد من يشتريها. بالطبع هناك خطر الإفلاس الذي يتهدد تلك الصحف بسبب تدنّي المبيعات من جهة وتدنّي الإعلان التجاري من جهة أخرى فأنّى للصحيفة أن تخرج من مأزقها؟ لا شك أن شبكة الإنترنت هي التي سهّلت الترويج للصحافة وجعلتها متداولة بلا تكلفة ولا مجهود يذكر، هذه المزاحمة للشاشات الرقمية هي التي سحبت البساط من تحت الصحافة الورقية وصارت ندّا حقيقيا لها. ثم تطور الأمر إلى ذلك النوع البرقي من الأخبار على طريقة التغريدات، أي الأخبار القصيرة والسريعة والمكثفة، وذلك لمواكبة القارئ المتعجّل الذي تلاحقه متطلبات الحياة وتدفعه إلى مواكبة الإيقاع السريع لكل ما هو حوله. إنه نمط جديد من القراء لا يمتلك نفسا طويلا لقراءة التحليلات والدراسات والتقارير المطوّلة باحثا في الوقت نفسه عن الأخبار السريعة. في المقابل وجدت البعض من الصحف نفسها مضطرة لمواكبة المتغيّرات، ولهذا نزلت إلى الميدان بطريقة البيع على الشاشات وصارت الأخبار تباع مباشرة عبر أجهزة الكمبيوتر وشبكة الإنترنت. لقد صار أمرا مألوفا أنك تقرأ الصحيفة أو المجلة من خلال الإنترنت، لكنك وأنت في بداية القراءة أو منتصف القصة يجري تضبيب الصورة، وعندها سيقترحون عليك أن تشتري ما تبقى باشتراك بسيط، وكل ذلك من أجل إنقاذ الصحيفة أو المجلة من التوقف والفشل أو الإفلاس. لقد صارت ظاهرة معتادة وتتطور تدريجيا من خلال تسويق الأخبار رقميا وإنجاز اشتراكات آنيّة، فهل وفّر هذا الحل بديلا ممكنا؟ واقعيا يمكننا القول إنه تغيير جذري في (طقوس) وعادات القراءة للصحف الورقية إلى بديل قوامه كلمات السر والولوج إلى الصحيفة وشراء الأخبار مباشرة، ولعلّه تحوّل ما زال ينمو ولا ندري إلى أين ستصل المزاحمة ما بين الورقي والرقمي. كاتب عراقيطاهر علوان

مشاركة :