نهايات سعيدة بلا أخبار بقلم: طاهر علوان

  • 12/27/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

الزوابع الإعلامية التي تواكب الصراعات بين الدول تكوّن موروثا هائلا ممتدا وكأنها تقاليد عمل وكأن الحياة لا تحلو إلا بالصراعات والحروب والاضطرابات والفوضى. العربطاهر علوان [نُشرفي2016/12/27، العدد: 10496، ص(18)] تختلف سياسات الدول وتتأرجح صعودا وهبوطا على وفق مصالحها واستراتيجياتها. لا أحد يستطيع أن يراهن على قافلة سياسية تسير إلى أهدافها المفترضة ثم بعد ذلك يعمّ السلام والأمان. جوهر العقيدة السياسية هو فكرة الصراع والتفوّق، ولهذا فإن حسُن النيّة لا يستقيم مع السياسة في الكثير من الأحيان. لكنّ الإعلامي يلهث ليل نهار وراء الأخبار والصحافة وطواقمها، وخاصة ساعة أن يشيع اختلاف الدول مع بعضها البعض وصولا إلى السجالات الصحافية التي لا تكاد تنتهي. مثال ذلك، يوم أسقطت تركيا الطائرة الروسية وما تلاها من تدهور في العلاقات بين البلدين وعقوبات وتهديد ووعيد، وكان على الجميع حبس أنفاسهم تحسّبا لشكل الرد العسكري الروسي المتوقع حتى قيل إنه طلاق مطلق ولا رجعة فيه على صعيد العلاقات بين البلدين. تتأزّم العلاقات الروسية مع أوروبا ومع أميركا وتكاد تصل إلى حافة الهاوية ويلهث الصحافيون في الكتابة عن شكل الصراع والاستقطاب وصولا إلى نشر الصواريخ المضادة لكل طرف باتجاه خصمه، لكن فجأة ترى وزراء خارجية أوروبيين فضلا عن وزير خارجية أميركا وهم يخرجون ضاحكين من اجتماعات مكوكية. ثم ينتهي سامر الصراع الروسي ـ التركي بجولات مباحثات وأياد متشابكة وابتسامات أمام الشاشات لتعود العلاقات الروسية التركية إلى أبهى أشكالها. ترى أين ذهبت جهود الإخباريين والصحافيين وكتّاب الأعمدة الذين ظلّوا ينحتون في القصّة ظانّين أنها النهاية الدراماتيكية، بل إن هنالك من أعلن أنها بداية الحرب العالمية الثالثة. لكنّ حربا لم تقع والقوم تبادلوا التهاني وباقات الورد واستمعوا للأناشيد الجميلة بعد حين ولم يأخذوا بنصيحة الصحافة باتجاه التصعيد بل عكسوها باتجاه التبريد. تبريد الأزمات قد لا يُسعد صحافة القلاقل والمشكلات والصراعات تلك التي تقتفي أثر السجالات الصحافية وغيرها حيثما كانت. الزوابع الإعلامية التي تواكب الصراعات بين الدول تكوّن موروثا هائلا ممتدا وكأنها تقاليد عمل وكأن الحياة لا تحلو إلا بالصراعات والحروب والاضطرابات والفوضى. لكن كيف ستتعاطى الصحف وهي تجد أن موروثها قد قُلِبَ رأسا على عقب من جراء تخطّي منطقة الأزمات والعودة إلى نظرية الصداقات والمصالح والتحالفات؟ لا شك أنها إشكالية تتعلق بمستقبل الصراعات ذاتها وكيف ستكون وإلى ماذا ستؤول، وكيف يمكن للفريق الصحافي تأويل ما يجري وإعادة قراءته بقدر من المنطق والموضوعية والنظرة المتوازنة والبعيدة؟ في الوقت الذي احتفت فيه الصحافة بالأزمات ووجدت نفسها مدمنة على تتبعها والخوض في تداعياتها، تجد تلك الصحافة وهي غير موجودة على خارطة فك تلك الأزمات والتحولات المرافقة لها وتاليا تجاوز السجالات ومحاولة تفكيك ما جرى ويجري وكيف حوّلت المصالح منطق الصراعات والسجالات إلى خطابات مودّة وغزَل سياسي. لا شك أن الصحافة لا تجد لها مكانا محدّدا إبّان النهايات السعيدة في وقت كانت تملأ الأفق ضجيجا في كونها صاحبة السبق الصحافي في اقتفاء أثر الصراعات، وإذا بالصحافة غائبة في أعراس النهايات السعيدة تاركة تلك القصص في الهامش. كاتب من العراق طاهر علوان :: مقالات أخرى لـ طاهر علوان نهايات سعيدة بلا أخبار, 2016/12/27 النشرة الإخبارية لمن يُشاهدها, 2016/12/20 بساط أحمر لإعلامي واحد, 2016/12/13 ذئاب منفردة.. متعة الاكتشاف في وسط الانهيار الكوني , 2016/12/12 المذيعة الحسناء تتلبس سياسة القناة, 2016/12/06 أرشيف الكاتب

مشاركة :