يكثر في شهر رمضان عادات المباهاة والاستعراض، ولعل أبرزها هو تصوير ولائم الإفطار والسحور ونشرها عبر تطبيقات الهواتف الذكية دون مراعاة لشعور المحتاج والمعدوم ومن يشكي العوز والفاقة. حول هذا الموضوع استطلعت "سبق" رأي الشيخ الدكتور إبراهيم الزبيدي الذي قال: "ظاهرة نشر صور الطعام وسفرة الإفطار في شهر رمضان ظاهرة مزعجة وعادة مستقبحة لا تراعي مشاعر الفقراء وذوي الحاجات واللاجئين والمحرومين ولم تقدر حرمة الشهر الفضيل الذي ينادي بالتعفف وربما أصبح هذا الفعل المشين هوساً داخلياً ومرضاً نفسياً يتمحور حول التباهي وحب الظهور". وأضاف الزبيدي: "يتناسى هؤلاء أن الإسلام دين الرحمة والمواساة وقد بينها رسول الله ﷺ في أجمل عبارة فقال "من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له ، ومن كان معه فضل زاد فليعد به على من لا زاد له قال : فذكر من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل " وفي هذا الحديث الحث على الصدقة والجود والمواساة والإحسان إلى الرفقة والأصحاب ، والاعتناء بمصالح الأصحاب ومواساة المحتاج، وقال لأبي ذر رضي الله عنه " إذا طبختَ مرقةً فأكثِر ماءها وتعاهد جيرانك رواه مسلم". واستطرد: "وأنبه على أن من الأمور التي قد يتفق عليها الجميع في رمضان أن الإفطار يحلو باجتماع الأهل والأقارب والرفاق والتفافهم حول مائدة الإفطار لمشاركة الدعوات والنقاشات الرمضانية الحميمة ويزيد المحبة والألفة في قلوب الصائمين والمفطرين المجتمعين، لذا تكثر في هذا الشهر العزائم والولائم، ولكن للأسف فقد باتت هذه العزائم مجالاً للاستعراض والمباهاة بعرض ما لذ وطاب بكميات قد تفوق المطلوب بكثير، مما يجعل مصير معظمها إلى حاويات القمامة، كما بات التفكير المسيطر هو الرغبة في لفت الانتباه إلى ما يقدم وليس تجميع الأقارب وتوثيق الصلات". وأردف: "وهذا ينقل الإنسان إلى باب الإسراف المنهي عنه، الإسراف في إعداد سفرة الإفطار وهو في الحقيقة إسراف في إنفاق الأموال وتبديدها دون ضرورة مما يحرم مستحقيها فيشيع من جراء ذلك البؤس والشقاء في الطبقات الكادحة فالإسلام يرى: أن مال كل فرد هو مال الأمة، وهو في الأصل مال الله أعطاه للإنسان وديعة لينفقه على نفسه وعلى مجتمعه في سبيل الخير. وتابع: "فإسراف الغني في إنفاق المال وتبذيره بغير الطرق المشروعة هو اعتداء على مجموع الأمة، لأن المال عصب الحياة ومصدر قوة الأمة ولقد وصف الله المبذرين بالسفه، وأمر بالحجر على أموالهم قال سبحانه وتعالى:(وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا) في هذه الآية إشارتان بليغتان في النهي عن التبذير وعدم ترك التصرف للسفهاء وهم النساء والأولاد: الأولى-قوله تعالى (أموالكم) ليلفت الأنظار إلى أن مال السفيه، هو مال الأمة. الثانية -قوله تعالى: (التي جعل الله لكم قياما) أي أن الأموال جعلها الله لتقوم عليها مصالحكم فيجب المحافظة عليها وعدم إعطائها للسفيه.
مشاركة :