سياسات التقشف الحكومي تدفع سوق السيارات الجزائري إلى الانكماش بقلم: صابر بليدي

  • 6/3/2017
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

صالون الجزائر الدولي للسيارات بسبب تأخر وزارة التجارة في منح تراخيص الاستيراد للمتعاملين. وتسود الهيئات المنظمة للصالون حالة من التضارب حول الموعد المتفق عليه بين الفاعلين في قطاع السيارات والمركبات، بعد أن تـم تأجيـل عقـده في مارس المـاضي. ويجري الحديث حاليا عن إقـامته في سبتمبر المقبل، وأرجعت مصادر اقتصادية سبب الارتبـاك بشأن موعد انعقـاد أكبر التظـاهرات الاقتصادية بعد معرض الجزائر الدولي إلى تقلص عروض المتعاملين والمستوردين بسبب مساعي الحكومة لكبح جماح الاستيراد. وسجل القطاع خلال السنوات الأخيرة انكماشا كبيرا وأصبح عاجزا عن تلبية الطلب الداخلي، رغم دخول شركات خاصة في تصنيع وتجميع بعض العلامات الأوروبية والآسيوية مثل رينو الفرنسية وهيونداي الكورية وفولكس فاغن الألمانية. وتقلص حجم الاستيراد من أكثر من نصف مليون سيارة ومركبة خلال عام 2013، إلى أقل من 50 ألفا خلال العام الماضي، ما فتح المجال للمضاربة وأدى إلى ارتفاع الأسعار بنحو 100 بالمئة، بدعوى انخفاض قيمة العملية المحلية أمام اليورو والدولار. واعتبر البعض تصريح أندلسي مجرد ضغط على الوزارة من أجل إصدار التراخيص في الوقت المناسب، والسماح باستيراد كميات تلبي حاجات السوق المحلية. وشدد أندلسي على أن إقامة الصالون في سبتمبر القادم تعتبر غير مناسبة بسبب تأخر رخص الاستيراد من طرف وزارة التجارة منذ أبريل الماضي، وهو ما لا يسمح للمتعاملين والمستوردين بضبط أجندتهم مع الصالون ومع طلبات الزبائن المتزايدة. وقال إنه “لهذا فإن وكلاء السيارات غير قادرين على المشاركة في هذه التظاهرة، لأنهم لا يزالون في انتظار حصصهم ليتمكنوا من المشاركة والاستجابة لطلبات الزبائن”. ويعتبر سوق السيارات الجزائري من بين أكبر الأسواق المغرية في أفريقيا، بعد جنوب أفريقيا، حيث قدرت مصادر اقتصادية قيمته السنوية بنحو 6 مليارات دولار خلال سنوات الذروة السابقة. وتثير تلك الأرقام سباقا بين اللوبيات المتنفذة للاستحواذ على أكبر حصة في السوق، الأمر الذي دفع وزارة التجارة في وقت سابق إلى التراجع عن قرار يقضي بمنح ترخيص للمواطنين العاديين لاستيراد سيارات وفق شروط محددة لكبح جماح الندرة والمضاربة. وكشفت الوزارة حينها أنها تعرضت لضغوطات من بعض لوبيات الاستيراد خاصة عند قيام الوزارة بمنع تفريغ شحنة من قطع الغيار المغشوشة في ميناء العاصمة.محي الدين طحكوت: ينبغي حماية مصانع تجميع السيارات من منافسة جميع الأطراف الأخرى وأشار مختصون آنذاك إلى أن القرار كان يمكن أن يؤدي إلى توازن السوق المحلية من خلال تلبية حاجيات السوق من السيارات وعدم المساس بالاحتياطيات النقدية. وتحمل تصريحات أندلسي تلميحا لوجود إرادة لدى الوزارة من أجل تقليص دور المتعاملين والمستوردين في السوق في ظل التوجه إلى عرقلة حصولهم على تراخيص الاستيراد. ويطالب رجل الأعمال محي الدين طحكوت الذي يعد أكبر المستثمرين في قطاع تجميع السيارات بدعم وحماية مصانع السيارات المحلية في مواجهة المتعاملين الآخرين، أو بالسماح للمواطنين العاديين باستيراد مركباتهم بإمكانياتهم الخاصة. وتعد علامات رينو وهيونداي وفولكس فاغن، أكبر الشركات التي دخلت عبر شركاء محليين إلى قطاع تجميع السيارات في مدن وهران ومعسكر وباتنة، في وقت تنظر فيه وزارة الصناعة في منح تراخيص لعلامات أخرى لمزاولة نشاطها. وتبقى نسبة مساهمة المكونات المحلية الهاجس الأكبر للحكومة في ظل عدم تجاوزها سقف 5 بالمئة، ما يجعل مردودية النشاط غير مجدية بسبب استنزافها للنقد الأجنبي في عمليات استيراد المكونات الأولية، رغم استفادتها من مزايا ضريبية ودعم الحكومة للطاقة الكهربائية والماء والعقار الصناعي. ويؤكد رئيس جمعية المصدرين إسماعيل لالماس أن نشاط تجميع السيارات يبقى بعيدا عن طموحات تلبية حاجات السوق المحلية والحد من استنزاف النقد الأجنبي بسبب اعتماده الكلي على استيراد المكونات والتجهيزات الأولية. وقال إنه “في ظل ضعف مساهمة الشركات والمكونات المحلية وعدم دخول الأسواق الأجنبية، فإن النشاط يبقى مجرد استنزاف لموارد النقد الأجنبي بدل الاستيراد العلني لمركبات جاهزة، فضلا عن الاحتكار الجديد لهذا النشاط”. وأوضح أن مردودية قطاع السيارات غير مجدية إلا إذا ارتفعت مساهمة المكونات المحلية إلى 30 أو40 بالمئة، والتصدير للأسواق الأجنبية لتوفير عائدات إضافية من العملة الصعبة بهدف تعويض النقد المستنزف من الخزينة العامة.

مشاركة :