مخاطر الإفلاس تدفع الجزائر إلى التمسك بالتمويل غير التقليدي بقلم: صابر بليدي

  • 9/26/2017
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى، خلال عرض برنامج حكومته على البرلمان، مؤشرات اقتصادية خطيرة تنذر بإفلاس البلاد في ظل تقلص هامش المناورة، ووصف الوضع الحالي بـ”الجحيم”. وألمح أويحيى إلى احتمال عجز الحكومة عن دفع رواتب الموظفين والمتقاعدين نظرا لتقلص موارد الخزينة العامة، فضلا عن تبخر أموال طائلة في استثمارات غير مجدية حيث تشير التقديرات إلى أن نحو 7 مليارات دولار يستحيل على البنك المركزي استردادها. وتحتاج الدولة نحو ملياري دولار شهريا لتسيير شؤونها، وهذا الرقم يبدو من الصعب توفيره في ظل الظروف الحالية، وبالتالي فإن الحكومة لم يعد لها خيار سوى الاتجاه إلى التمويل غير التقليدي من خلال طباعة أوراق نقدية من دون تغطية بعد تعديل قانون القرض والنقد. ومن المفترض أن يقوم المركزي بعد ذلك بإقراض الخزينة العامة مباشرة من أجل تمويل عجز الموازنة وتمويل الدين العام، وتوفير موارد مالية للصندوق الوطني للاستثمار. ورغم الصدمة التي خلفها خطاب أويحيى، إلا أن الأرقام تبقى محل تضارب، ففي ما يتعلق بحاجة البلاد لملياري دولار شهريا، أكد الخبير المالي فرحات آيت علي، بأن الرقم الحقيقي يفوق ذلك بثلاثة أضعاف، وأن حاجيات البلاد تقدر بنحو 6 مليارات دولار. وقال إن “الرقم الذي ساقه أويحيى يتعلق بالكتلة النقدية فقط وعلى اعتبار أن مداخيل الضرائب تقدر بنحو 4 مليارات دولار، فإن فارق الملياري دولار ستتكفل به عملية التمويل غير التقليدي، مما يعني أن الوضع المالي في البلاد وصل الى الخطوط الحمراء”. ويرى آيت علي أن معالجة الوضع الراهن يبدأ بخفض الإنفاق وتقليص حجم الأجور، لكن الحكومة ليست لديها الجرأة للقيام بذلك، وبالتالي لم يبق لها إلا مثل هذا التوجه رغم مخاطر الانهيار والإفلاس والانفجار في المدى المتوسط.فرحات آيت علي: الاقتصاد الجزائري وصل إلى الخطوط الحمراء ولا بد من معالجته سريعا ويعكس تسريع الحكومة لخطوات التمويل التقليدي، الوضع الاقتصادي الحرج الذي تمر به الجزائر حيث تقلصت مداخيل الخزينة العامة إلى نحو 3.5 مليار دولار، وهو يطرح إمكانية العجز عن دفع أجور موظفي القطاع العام والمتقاعدين والبالغ عددهم 7 ملايين شخص. وكشفت المعطيات التي قدمها رئيس الوزراء، بأن القطاع المصرفي منح أكثر من 75 مليار دولار كقروض للقطاعين العام والخاص، إلا أن ذلك لم يحرك وتيرة الاقتصاد والإنتاج المحلي حيث لا زالت العديد من المؤسسات الحكومية تتخبط في مشاكل معقدة. وأطلق الرئيس المدير العام لشركة سونلغاز الحكومية محمد عرقاب، جرس الإنذار، حول خطر الإفلاس الذي يهدد الشركة بسبب عدم سداد المشتركين لمساهماتهم والتي قدرها بنحو 7.5 مليارات دولار. وفي رسالة قلق من توقف دعم الحكومة للشركة، شدد عرقاب على أن قطع التموين بالكهرباء والغاز على الزبائن المتخلفين عن دفع مستحقاتهم بات أمرا حتميا، ولن يتعدى تطبيقه حدود نهاية السنة الجارية. وينتقد الخبراء والمختصون الجزائريون تفرد الحكومة بالقرار الاقتصادي خاصة في ما يتعلق بخيار التمويل غير التقليدي بسبب تداعياته الوخيمة على الوضع الاجتماعي. ويتوقع هؤلاء ارتفاعا لمؤشرات التضخم وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين وتوسّع رقعة الفقر لتضع عشر الجزائريين تحت عتبة الفقر. وكان الدينار الجزائري أول المتأثرين من برنامج الحكومة الجديد حيث شهد تراجعا قياسيا خلال الأيام الأخيرة أمام سلة العملات المتداولة في السوق السوداء. وقال تجار ومتعاملون إن اليورو بلغ 200 دينار بعد أن كان في حدود 192 دينارا، بينما بلغ الدولار الواحد 170 دينارا بعدما كان في حدود 160 دينارا. وفسر خبراء هذا الانهيار بتزايد الطلب على العملة الصعبة وحتى على الذهب من طرف الكثير من الجزائريين خشية تدهور قيمة الدينار أكثر خلال الأيام المقبلة، وفق المعلومات المتداولة في الدوائر السياسية والإعلامية. وتزايد القلق مع تدهور قيمة الدينار في القنوات الرسمية حيـث بلـغ اليـورو في البنوك 140 دينارا بعـدما كـان في حـدود 120 دينارا، في حين لم يتأثر سعر صرف الدولار كثيرا. وتشير بيانات الديوان الوطني للإحصائيات إلى أن معدل التضخم اقترب من حاجز 6 بالمئة خلال أغسطس الماضي، وسط شكوك البعض في صحة تلك الأرقام. وقالوا إن المؤشر في حدود 15 بالمئة إذ تشهد الأسواق المحلية ارتفاعا كبيرا في الأسعار منذ أشهر. وتواجه الحكومة انتقادات لاذعة من قبل مجموعة من الاقتصاديين بمن فيهم آيت علي لا سيما بخصوص فكرة التحول نحو دينار جزائري جديد. ويقول الخبراء إن المشكلة تكمن في تآكل احتياطي الصرف الذي سيصل مع نهاية السنة إلى حدود 94 مليار دولار وأن فكرة تغيير العملة غير مجدية تماما، فهي كمن يطبع دفتر صكوك جديدا وحسابه أصلا فارغ وبلا أي رصيد.

مشاركة :