عالج نور الشريف عينيه من التورّم، وأصبح جاهزاً لتصوير دوره في فيلم «قصر الشوق»، وبعدما دخل في إهاب الشخصية شكلاً وموضوعاً، وقبل أن تُشغّل الكاميرا، أمسك المخرج حسن الإمام بكتف الممثل، ليلقنه أول درس في التمثيل أمام كاميرا السينما: = قوللي يا نور حافظ دورك كويس؟ * طبعاً يا أستاذ. وحافظ كمان الأدوار كلها... حتى أدوار العوالم حفظتها. = طب عال أوي. بس أنا عايز أقولك على حاجة تحطها حلقة في ودنك. * اتفضل يا أستاذ. = أنا عارف إنك خريج معهد التمثيل... والأول على دفعتك كمان. يعني ممثل مسرحي «عنتيل». * دي شهادة أعتز بيها يا أستاذ. = ده كلام كويس. بس أنا بقى عايزك تنسى كل ده. * إيه؟! = قصدي تنسى التمثيل على خشبة المسرح. * مش فاهم تقصد إيه حضرتك؟ = شوف التمثيل على المسرح أمر جميل ومحترم. بس الوقوف قدام كاميرا السينما حاجة تانية. أنا عايز كل كلمة تنطق بها قدام الكاميرا تبان على وشك قبل ما تنطق بها مش مهم تحفظ النص بالظبط. لأن ما فيش هنا ملقن هيلحقك بالنص. قول المعنى اللي في النص. لكن كل كلمة لازم يبان أثرها على وشك لأن الكاميرا بتجيب أدق التفاصيل. كان ذلك اليوم أحد أسعد الأيام التي مرت في حياة نور الشريف، إذ بدأ فيه بتمثيل دور «كمال عبد الجواد»، الذي يعد بطولة، إلى جانب مجموعة من عمالقة التمثيل، نادية لطفي، ويحيى شاهين، والأهم بطله ونجمه المفضل عبد المنعم إبراهيم. وكان الأخير سبباً رئيساً في عشق نور التمثيل، منذ أن شاهده في فيلم «إسماعيل ياسين في الأسطول» في سينما «إيزيس» بالسيدة زينب، وهو لا يزال طفلاً لم يتعد الثانية عشرة من عمره، ليقف اليوم إلى جانبه في دور شقيقه، بل يكون نداً له كممثل له حضوره. غير أن نور الشريف لم يتعامل باعتباره ممثلاً نداً، أو حتى الأول على دفعته في معهد التمثيل، بل حرص على أن يكون تلميذاً نجيباً يقف إلى جانب أساتذة كبار سبقوه إلى قلوب الجماهير، ويتعلّم منهم. شهادة المثل الأعلى اجتهد نور الشريف في دوره، وما إن عرض فيلم «قصر الشوق» حتى نال إعجاب الجميع، من الفنانين المشاركين معه في الفيلم. ولكن كان يهمه رأي شخص واحد من بين هؤلاء، الفنان عبدالمنعم إبراهيم: = عارف يا نور... أنت بقيت فعلاً بالنسبة إلي زي كمال بالنسبة إلى ياسين، يعني أخويا الصغير. وأنا بقول لأخويا الصغير إنه فنان موهوب بجد. عندك حضور والكاميرا حابة وشك. * مش فاهم يعني الكاميرا حابة وشي؟ = يعني لك حضورك على الشاشة... واللي الكاميرا تحبّ وشه بتديله كتير أوي. بتديله من غير حساب. * دي شهادة كبيرة أوي يا أستاذ خصوصاً لما تيجي منك أنت. = أيوا يا سيدي. ملهمك الأول زي ما بتقول. تعرف أنك بجد أنك أنت اللي أسعدتني جدا بكلامك لأني كنت حاسس إن الناس بتاخد بالها بس من النجم اللي يحب ويتحب. اللي بيضرب وعامل شجيع السيما... لكن الممثل اللي بيجتهد في دوره وبيخلص له... بيتهيألي ما حدش بياخد باله منه. = أديك قولتها أهو. بيتهيألك... أنت فنان كبير أوي يا أستاذ منعم ولك تلاميذ ومريدين... وأنا أولهم. راح نور الشريف يحتفي بنجاحه وسط أصدقائه ومحبيه، خصوصاً أن أفراد أسرته، باستثناء شقيقته عواطف، لم يشعروا بهذا النجاح لأنهم لا يريدونه، بل يريدون نجاحه في طريق آخر، بعيداً عن أهل الفن الذين تمتلئ صفحات الصحف والمجلات بأخبار زواجهم وطلاقهم، وسهراتهم التي تتلّون بألوان الطيف، أكثر من أخبارهم الفنية. راح أصدقاؤه وزملاؤه يحتفون بمولد النجم الجديد، فأقاموا الولائم والحفلات الصغيرة التي تتناسب مع معاشاتهم الضئيلة، إلا أنها كانت لديه أكبر من أية احتفالات قد يسمع عنها، إضافة إلى احتفال خاص أقامه له المخرج محمد فاضل في البلاتوه، قبل تصوير حلقة جديدة من حلقات «القاهرة والناس»، إذ وزّع زجاجات مياه غازية على الجميع، فرحاً بنجاح نور الشريف، الذي لم يكن يدري أنه يخبئ له أيضاً هدية كبيرة، ربما كانت أعظم هدية نالها في حياته. بدأ محمد فاضل يستعد لتصوير حلقة جديدة من «القاهرة والناس» بعنوان «طعم الحياة»، وكان يختار اسماً لكل حلقة يعبّر عن مضمونها، وكان يزج في بعض الحلقات بممثلين أو وجوهاً جديدة، لاعتمادها على يوميات الأسر التي تشارك فيها. بالتالي، كان من الضروري وجود جديد دائماً. ما إن أعلن المخرج محمد فاضل بدء بروفة الحلقة الجديدة، حتى فوجئ نور الشريف بها تقف أمامه. لم يصدق عينيه، أنها هي، نعم هي... تلك الفتاة الصغيرة التي رآها منذ ما يقرب من عامين عندما بدأ العمل في «القاهرة والناس» تقف على باب التلفزيون بصحبة والدتها، والتي قال عنها يومها لصديقه نبيل الهجرسي إنه شاهد نفسه زوجاً لها، وتمنى أن يحدث ذلك، ومنذ ذلك اليوم لم يفارق طيفها خياله، رغم أنه لم يشاهدها بعدها إلى الآن. وقف نور الشريف ينظر إليها، وأسئلة عدة تدور في رأسه حولها، وقد صارت الطفلة فجأة فتاة يافعة، شابة جميلة. ترى ما الذي أتى بها إلى هنا؟ مؤكد أنها ستشارك في المسلسل، لكن من هي؟ هو لا يعرف أمراً عنها سوى اسمها، «صافيناز قدري». لكن من هي صافيناز قدري؟ وهل هي مرتبطة بعلاقة حب الآن؟ هل ستسمح له بأن يتحدث إليها؟ هل سيتحقق الحلم الذي رآه ويرتبط بها؟ تجسد الحلم لم يترك نور الأسئلة تلهب رأسه، وقرّر أن يكون عملياً ويتّخذ خطوة إيجابية تجاه حلمه الذي شعر بأن الله يدفعه تجاهه، فذهب وتحدث إلى المخرج محمد فاضل، حول مضمون الحلقة، والمشاركين فيها، ثم توقف عند اسم الوجه الجديد، عندما علم بأن الممثلة ستؤدي أمامه مشاهدها، ورقص قلبه فرحاً عندما عرف أن المشاهد ستكون رومانسية، باعتبارهما يعيشان قصة حب. ولما كانت الحلقات منفصلة متصلة، فكل حلقة كانت تعبر عن مضمون ما. ولحسن حظ نور أن قصة الحب هذه ستستمر حلقتين، فقرر أن يخرج منهما وقد وصل إلى طرف الخيط في بداية تحقيق حلمه بالزواج من هذه الفتاة. وقبل أن يكمل حواره الداخلي مع نفسه، قاطعه المخرج محمد فاضل: = خد يا نور. دي الحلقة اللي هنصورها. روح أنت أديها لصافيناز. * إيه أنا؟ = أيوا يا أخي. المفروض أن بينكم مشاهد رومانسية... وأنا عايزك تتكلم معاها شوية. * أتكلم معاها في إيه؟ = في أي حاجة. أنا بس عايز أخليها تفك شوية وأزيل حاجز الرهبة والخجل بينكما علشان المشاهد تبقى طبيعية. وجد نور أن المخرج محمد فاضل قدّم له الفرصة على «طبق من ذهب»، وهو يناوله نسخة من السيناريو، ليعطيه تصريحاً بالحديث إليها بعيداً عن الشغل، فاقترب منها في تردد، ثم ناولها نسخة السيناريو، فنظرت إليه بدهشة واستنكار، وفوجئ منها بسؤال لم يتوقعه: = وهو حضرتك بتشتغل إيه؟ * إيه أنا؟ = أيوا حضرتك. * متهيألي ممثل. = بيتهيألك؟ * قصدي يعني المفروض أنني ممثل. = يعني مش مساعد مخرج ولا مدير إنتاج؟ * لا خالص. يظهر إن حضرتك مش عارفاني. = لا عارفاك مش أنت نور الشريف؟ * طب ليه سألتيني السؤال ده؟ = لأن المفروض اللي يجيبلي الحلقة يا إما مساعد المخرج أو مدير الإنتاج، مش بطل المسلسل. * يعني كمان عارفة إني بطل المسلسل. = أيوا. بس ليه أنت اللي جايب الحلقة. * هاهاها... أنت معاك حق. طيب أنا هقولك على سر بس ما تقوليش لحد عليه. = سر! سر إيه؟ * الأستاذ فاضل تعمد إني أجيبلك أنا الحلقة علشان يدينا فرصة نتكلم مع بعض شوية علشان يزيل الرهبة بينا... لأن المشهد اللي مفروض نعمله... يعني... مشهد... = رومانسي مش تقصد كده؟ طب وإيه يعني؟ هو أنت مش ممثل كويس؟ * إيه؟! = ممثل كويس ولا لأ؟ * أنت شايفة إيه؟ = هاهاها... شايفة ممثلاً ملخوماً مش عارف يتكلم. * أنت جريئة أوي. = أنا. أبداً والله أنا خيبة ولخمة برضة. * وكمان جميلة ورقيقة أوي. = أهو أنت كده بقيت ممثل كويس... هاهاها. * ممكن أكون ممثلاً كويساً... لكن صدقيني دلوقت أنا بتكلم بجد. = على فكرة دورك في «قصر الشوق» حلو... بس كان باين عليك أنك أكبر من سنك. * أنا بأشكرك جداً. خلال دقائق استطاع نور الشريف أن يزيل حاجز الرهبة بينه وبين الوجه الجديد «صافيناز قدري» ليس لأجل المشاهد التي تجمعهما، بل بعيداً عن التصوير أيضاً، ولم يبدأ التصوير إلا وقد أصبحا صديقين. وكان محمد فاضل يقوم بست بروفات قبل أن يبدأ التصوير الفعلي للحلقة، غير أنه لاحظ أن المشاهد بين البطلين يشوبها فتور في المشاعر، خصوصاً من ناحية صافيناز، ما جعله يرجع ذلك إلى قلة خبرتها عن نور الشريف، فأوعز إليه أن يكون أكثر رومانسية معها، كأنما علاقة حب بينهما فعلاً، وهو ما كان ينتظره نور. قصة حب بعد أيام، زادت خلالها مساحة التقارب بين نور وصافيناز، فبدأ فاضل بتصوير الحلقة، وجاء المشهد الذي يتضمّن اللحظة الرومانسية، ووجدهما يجسدانها تلقائياً وكأنهما حبيبان، وفجأة نسيت صافيناز الحوار، وبدأت ترتجل حواراً مختلفاً غير موجود في نسخة السيناريو، وبادلها نور حالة الارتجال، ونسيا أنهما يقفان أمام كاميرات التلفزيون كممثلين، وأن خلف الكاميرات جيشاً من المصورين والفنيين ينظرون إليهما، ووجد فاضل نفسه هو ومن معه يشاهدون عاشقين في حديقة عامة يتبادلان كلمات الحب، فصاح: = ستوب! لم يلتفت أي منهما من شدة تركيزهما، فكرر محمد فاضل النداء، ولم يجد المصور ماجد توفيق بداً من إطلاق صيحة هو أيضاً منبهاً إياهما بتوقف التصوير، ثم انفجر الجميع في نوبة من الضحك، بعدما أيقنوا أن ما يشاهدونه حقيقة وليس تمثيلاً. هنا، تنبهت صافيناز إلى ذلك، واحمر وجهها خجلاً، وركضت إلى حجرة تبديل الملابس، فيما ابتسم نور وانخرط معهم في الضحك. كان لقاؤهما أمام الكاميرا الأول الذي باح فيه كل منهما بحبه للآخر، غير أنه لم يكن الأخير. تعددت اللقاءات بينهما بعيداً عن الكاميرات وأعين من يرصدون تحركاتهما وهمساتهما، وإن كانا عادا ليقفا أمامهم مجدداً، بعدما اكتشف المخرج محمد فاضل أن الحلقة الثانية لهما معاً لا تصلح للعرض، فقرر إعادة تصويرها. غير أنهما في المرة الثانية، لم يحتاجا إلى توجيهات، فقد خرجت المشاعر صادقة طبيعية، بعدما شعر كل منهما بأنه النصف المكمل للآخر، لم يعد أي منهما يستطيع الاستغناء عن نصفه الآخر، وبدأت قصة حب كبيرة. تصور نور الشريف، أنه بعد نجاحه في «قصر الشوق»، والصيت الذي تحققه حلقات «القاهرة والناس»، أن العروض السينمائية ستنهال عليه، غير أنه فوجئ بأنه جلس في بيته لما يقرب من تسعة أشهر من دون أن يطرق بابه أحد من المنتجين أو المخرجين، وهو ما جعله يسعى في عام 1968 إلى تقديم مسرحية «الأمير الطائر» للكاتب الهندي «ملك راج» ومن إخراج العائد من لندن المخرج أحمد زكي، ليكون أول عمل يقدم على خشبة مسرح القاهرة للعرائس، لفرقة مسرح الطفل الحديث، حيث استخدم فيها تقنية «المسرح الأسود» لأول مرة، لتكون أول بطولة مسرحية له، تبهر الطفل من دون أن تبتعد به عن حياته. رغم حرص نور على تكوين ذاته فنياً وثقافياً، فإن عدم خبرته وهو يبدأ مشواره الفني، وخوفه من أن يظلّ فترة مماثلة في بيته من دون أن يطلبه أحد، جعلاه يوافق على أفلام لم يكن راضياً عنها، وبأجر زهيد لا يزيد على 150 جنيهاً، في مقابل الفيلم الواحد، وهو وإن بدا رقماً كبيراً بالنسبة إليه، إلا أنه كان هزيلاً مقارنة بأجور الفنانين الموجودين على الساحة آنذاك، خصوصاً أن نوراً ولد نجماً. غير أن هذا الأجر كان استغلالًا له ولموهبته، إذ رأى فيه المنتجون البديل «الأرخص» لفنانين أمثال أحمد رمزي وحسن يوسف، وغيرهما. بدأ نور بتصوير فيلم «بنت من البنات» من إنتاج حسن الإمام وإخراجه، في تجربته الثانية له معه، ترجمة واقتباس زينب حسن الإمام، وسيناريو وحوار ثروت أباظة. قدم دور «صلاح»، الشاب المتطلع الذي يهوى الفن، ويقدم مونولوجات في أحد الملاهي الليلية، وهو دور جديد عليه، وربما وجد أنه غير مناسب له، غير أنه لم يقو على أن يرفضه، خصوصاً أنه من إنتاج الإمام وإخراجه، فهو منحه فرصة عمره الأولى في «قصر الشوق». من ثم، وافق مضطراً، ليقدم دوراً أقل من بقية الفنانين المشاركين معه، يوسف شعبان، وماجدة الخطيب، وسمير صبري. لاحقاً، اختاره المخرج أحمد بدرخان في دور صغير أيضاً في فيلم «نادية» (قصة يوسف السباعي وحواره، وسيناريو رمضان خليفة)، صوِّرت غالبية مشاهده في بيروت مع كل من سعاد حسني، وأحمد مظهر، وعماد حمدي، وعبد المنعم إبراهيم، وعدلي كاسب. رغم صغر دوره في الفيلمين، فإن نور الشريف شعر بأن السينما تفتح له ذراعيها، وأنه أصبح قاب قوسين أو أدنى من النجومية المحققة. استغلت ذلك مجموعة من الزملاء المقربين، تعاملوا معه من باب الإعجاب بنجوميته الجديدة، ويبدو أنه كان على استعداد لسماع كلمات الإطراء والمديح منهم، فهمسوا في أذنه بأنه بهذا الفيلم وصل إلى قمة النجومية. راحوا يقدمون له «الوصفة السحرية» لاكتمال «هالة النجومية» والتي تتكون من بنود عدة، أولها أنه لا بد من أن يجلس ويضع ساقاً فوق الأخرى، ليطلب من المنتجين ما يشاء من أجر، وعليه أن ينتقي أدواره، بل ويختار النجمة التي يقف معها أمام الكاميرا. كذلك لا بد من أن يكون له مدير أعمال يتحدث باسمه ويتفاوض في الأجر وفي شكل دوره في أي سيناريو يعرض عليه، وألا يبدي موافقته من المرة الأولى، فلا بد من أن يخبر المخرجين بأنه يفكر في الأمر، ثم يعلن عدم موافقته للصحف، ذلك للتفاوض معه والوصول إلى ما يريده. كذلك أوعزوا إليه بأن النجم يجب ألا يصل إلى موعد التصوير إلا بعد وصول المخرج والممثلين الآخرين، لأنه بطل العمل، ومن دونه لن يتحقق المشروع، بل ولا يحضر أية حفلة إلا متأخراً. قبل ذلك كله، لا بد من أن يملك سيارة فارهة، حتى تكتمل دائرة النجومية! أول جائزة فور عرض فيلم «قصر الشوق»، عرف نور الشريف معنى النجاح. بعد كلمات الإطراء من المخرجين والفنانين المحيطين به، كانت أهم مكافأة حصوله على شهادة تقدير من الدولة عن دوره، لتكون أول جائزة عن أول أدواره السينمائية. كذلك لفت الوجه الجديد أنظار المنتجين والمخرجين، ليفتح الفيلم باب الشهرة أمامه. لكن فجأة حدث ما لم يتوقعه، إذ هاجمته الصحافة وبعض نقاد السينما بشكل كبير، بل راحوا ينتقدون المخرج حسن الإمام لاختيار نور لدور «كمال عبد الجواد» الذي يعد في رأي البعض منهم، أسوأ من في الفيلم. لم يحزن نور الشريف بسبب انتقاده، حتى بأسوأ الكلمات، بل حرص على أن يعرف رأي كل ناقد على حدة، ولماذا انتقده؟ وما العيوب التي رآها فيه؟ وما الذي كان يجب أن يقدمه؟ بل وما الذي ينقصه كممثل بعيداً عن دور كمال؟ تحدث الشريف كثيراً وطويلاً إلى النقاد والصحافيين، فشعروا بأنهم أمام نموذج مختلف من الفنانين، نموذج قارئ ومهتم، يريد أن يتعلّم ليكون الأفضل، فقدروه بشكل جيد، وزاد من تقديرهم له كلام الكاتب والأديب نجيب محفوظ نفسه عنه، حينما سئل عن رأيه في دور كمال عبد الجواد، والوجه الجديد نور الشريف، الذي أداه فذكر: «نور الشريف حينما مثل لم يكن ذاته، وإنما كان الشخصية التي رسمتها، وحين رشحه المخرج حسن الإمام لشخصية كمال عبد الجواد كان أهم ما يعنيني أن يجسد الخيال كما صورته تماماً... وفعلاً جسده أجمل تجسيد، وأحسست بالاتحاد بينه وبين كمال». البقية في الحلقة المقبلة
مشاركة :