رغم أنه حلم بالعالمية التي يستحقها عن جدارة، فإن نور الشريف لم يلهث خلفها، بل كان على يقين بأن دوره كفنان على مستوى وطنه العربي، لا يقل أهمية عن خروجه إلى العالمية، ولكن إن أتت فسيرحب بها. لذا عندما عرض عليه المخرج الروسي بولات منصوروف في سورية المشاركة معه في فيلم «الظاهر بيبرس»، وافق: = هتعمل دور قطز. * لا... أعمل دور بيبرس. = لكن أنا عندي تصور في دماغي للي هيعمل دور بيبرس... لازم تبقى ملامحه جامدة... ووجهه محايد من دون تعبيرات... وأنت بملامحك وتعبيراتك وانفعالاتك شايفك في دور قطز. * بس أقدر أديك اللي أنت بتقول عليه وأكتر في ملامح بيبرس. = أنا مش موافقك... بس على العموم سيبني أفكر. بعد ثلاثة أيام، وقبل أن يغادر نور سورية، طلب المخرج الروسي مقابلته، وعرض عليه أن يسافر إلى الاتحاد السوفياتي ليختبره أمام الكاميرا في دورين، «بيبرس» و«قطز»، فوافق بشرط أن يعود إلى القاهرة وينهي ارتباطاته الفنية أولاً. عاد الشريف ليلتقي للمرة الثانية المخرج داود عبدالسيد من خلال «البحث عن سيد مرزوق» مع كل من آثار الحكيم، ولوسي، وعلي حسنين. ويتناول الفيلم حياة مواطن يخرج من بيته بالخطأ في يوم إجازته، ظناً منه أنه يوم عمل، وعلى مدار 24 ساعة، يكتشف أن ثمة عالماً آخر مليئاً بالتناقضات والغموض. ورغم أن الفيلم لم يلق النجاح المتوقع، إذ ظنّ الجمهور بأن ثمة أموراً كثيرة بين السطور لم يفهمها، فإن ذلك لم يمنع الشريف من خوض تجربة أكثر جنوناً، عندما عرض عليه المخرج محمد النجار فيلم «الصرخة» فتعلّم بسببه لغة الصم والبكم، وقدّم دوره من دون أية كلمة، فحقق نجاحاً مضاعفاً أضيف إلى رصيد النجم الكبير. حلم العالمية فور إنهاء ارتباطاته الفنية، سافر نور الشريف إلى الاتحاد السوفياتي، وأجرى تمريناً على دوري «قطز» و«بيبرس» أمام كاميرا المخرج بولات منصوروف، وكانت النتيجة أنه أقنع المخرج في الدورين. منح المخرج دور «بيبرس» للشريف في الفيلم المأخوذ عن كتاب «الظاهر بيبرس» الذي صدر في الاتحاد السوفياتي للكاتب السوري وديع يوسف، وكتب له السيناريو سيماشكو مع مخرج الفيلم بولات منصوروف، وراجع المخرج المصري محمد كامل القليوبي السيناريو من الناحية التاريخية، وهو كان درس في الاتحاد السوفياتي. كذلك اتفقوا في الوقت نفسه على تصوير ثلاث حلقات تلفزيونية عن «بيبرس»، من بطولة نور الشريف أيضاً، وبقي الأخير 41 يوماً في مدينة بخارى حيث صور الفيلم، فيما كان ينتظر تصريحاً من «الأزهر الشريف» لعرض الفيلم ليأتي الرد مخيباً للآمال، إذ رُفض السيناريو من الناحية الدينية. وقبل أن يخوض الشريف وصانعو الفيلم معركتهم للحصول على الموافقة، هبت رياح «البيريستوريكا» العاصفة فأطاحت بالاتحاد السوفياتي وحولته إلى مجموعة دول الكومنولث، وضربت أيضاً السينما الروسية وفككتها، وضاع معها حلم نور الشريف بالعالمية، وعاد ليركز في هموم وطنه العربي. كان الشريف يخاف على بوسي من المسرح، ويشعر بأنه ربما يخنقها لأن الجمهور لا يرحم، إلى أن شاهدها على خشبة «الهناجر» في مسرحية «عيد الميلاد» من مسرح العبث لهارولد بنتر. خرج بعد انتهاء العرض سعيداً يقف بين الحضور يصفق لها ويردد عبارات المديح، مؤكداً أنها فنانة مسرحية من طراز فريد، وأنها تحوّلت إلى «غول» ابتلع الخشبة وهضمها، وأصرّ بعدها على اختيارها باعتبارها فنانة مسرح متميزة، لتشاركه مسرحية «كنت فين يا علي» للقطاع الخاص، من تأليف يوسف عوف، وإخراج عصام السيد، ومعهما سعيد عبد الغني. عاود الشريف التعاون مع الكاتب أسامة أنور عكاشة من خلال فيلم «دماء على الأسفلت»، من إخراج عاطف الطيب، إلى جانب كل من إيمان الطوخي، وحسن حسني، وقدّم من خلاله شابين من خريجي معهد التمثل هما حنان شوقي ومجدي كامل، ومنح الفرصة بعدها لخريج المعهد فتوح أحمد، والممثل الشاب علاء ولي الدين، من خلال مشاركتهما في «عيون الصقر»، من تأليف إبراهيم الموجي وإخراجه، إلى جانب كل من محمد توفيق، ومحمد الدفراوي. ثم عرض عليه المخرج محمد عبد العزيز فيلم «لعبة الانتقام»، من تأليف بسيوني عثمان، فأعجب به ووافق عليه. غير أنه فوجئ به يطلب مشاركة ثلاثة أرباع الأسرة، إذ أسند البطولة النسائية إلى بوسي، على أن تشاركهما ابنتهما مي: * مي؟! لا مش ممكن... دي لسه صغيرة. = يا سيدي فاتن حمامة مثلت وهي أصغر منها... وكمان كريم ابني مثل وهو عنده خمس سنين... وبعدين إحنا مش هنفرضها على الفيلم... دي لها دور. * أيوا بس مين قال إنها غاوية تمثيل... أنا مش عايز أفرض عليها حاجة ما بتحبهاش. = ما بتحبهاش إزاي وهي عايشة فيها ليل ونهار... وعموماً هي لو مش غاوية مش هفرض عليها. شاركت مي والديها فيلم «لعبة الانتقام» ومعهم كل من مجدي وهبة، وحسن حسني، ثم استعان نور من ضمن طلبة المعهد بالوجه الجديد وفاء عامر، التي كانت لا تزال في السنة الثانية، وما إن وقفت إلى جانبه حتى ارتبكت، وأخفقت في الكلام أو البكاء كما يستلزم المشهد، فأخذها جانباً وراح يدربها على النطق وكيفية البكاء في المشهد. بعده بدأ بتصوير المشهد الأخير في الفيلم، وكان يستلزم نشوب معركة بينه وبين مجدي وهبة. دارت الكاميرا وبدأت المعركة، وكان من المفترض أن يقع الشريف ثم يرتمي عليه وهبة، ولكن في كل مرة كان الأخير يتفادى هذا الأمر، فيوقف الشريف التصوير ويطلب الإعادة، ويحمس زميله على الأداء الطبيعي، حتى ارتمى عليه بقوة، وجاء تصوير المعركة بطريقة رضي عنها البطل. لكن ما إن أوقف المخرج التصوير، حتى صرخ الشريف من ألم في ساقه، فنقل فوراً إلى المستشفى حيث أكّدت الأشعة تحرك عظمة الفخذ اليسرى من مكانها لأن قفزة مجدي كانت قوية جداً، ما يستلزم الراحة التامة في السرير، مع العلاج الطبيعي. لازم نور الشريف الفراش بعد انتهاء تصوير الفيلم، وراح مجدي وهبة يطمئن عليه يومياً، إلى أن ألمّت بالأخير أزمة قلبية حادة فرحل في إثرها عن عمر ناهز 46 عاماً، وسط ذهول الجميع، في مقدمهم نور الشريف. استكمالاً لسلسلة الجوائز التي حصل عليها عن أدوار حرص على اختيارها بعناية، قررت لجنة التحكيم في مهرجان «الإسكندرية السينمائي الدولي» منحه جائزة «أفضل ممثل عن دوره في «عيون الصقر»، غير أنه بسبب إصابته لم يستطع السفر إلى الإسكندرية لاستلام الجائزة في حفلة الختام، وأرسل بوسي لاستلامها عنه، وراح يتابع الحفلة عبر شاشة التلفزيون مع حماته والدة بوسي، وكان تعلق بها أكثر من والدته، بعدما أصبحت تقيم في بيته. وقبل أن يبدأ توزيع الجوائز، وفجأة قال الشريف لها: * بوسي هتقع وهي طالعة على الدرجة التالتة من السلم. = ليه كده يا بني ربنا يستر... أنت بتفول عليها؟ * لا... أنا شايفها وهي بتقع... وإن شاء الله ربنا هيستر. = أنت رجعت تاني للموضوع ده؟ * ساعات... بس لما بتكلم عنه بيروح مني. لم تمرّ دقائق، وبينما كانت بوسي تصعد لاستلام الجائزة، تعرقلت قدمها على الدرجة الثالثة من السلالم، فنظرت والدتها إلى الشريف، ولم تعلق سوى بجملة: «ربنا ينور بصيرتك دايما يا ابني». منذ اغتيال رسام الكاريكاتور الفلسطيني ناجي العلي، على يد مجهول في العاصمة البريطانية عام 1987، راح الشريف يحلم بتقديم شخصيته في فيلم سينمائي. بدأ بجمع كل معلومة عنه، وكان يلتقي أصدقاءه من رسامي الكاريكاتور، من المصريين والعرب عموماً، ويزوّد كاتب السيناريو بشير الديك بكل شاردة وواردة. وكان ينقصه أن يسمع صوت ناجي، كيف كان يتكلم وينفعل، كيف يعلق... لكن من أين له بذلك؟ ذهب إلى فنان الكاريكاتور الكبير بهجت عثمان وحكى له القصة، فبكى بهجت الذي يعشق ناجي، ووعده بالتصرف. بعد أيام هاتفه ليزف له بشرى، أن في الطريق إلى مصر «شريطين تسجيليين» بصوت العلي يتحدث خلالهما في ندوات ومع الأصدقاء، دبّرتهما الأديبة المصرية رضوى عاشور، زوجة الشاعر الكبير مريد البرغوثي. وبالمصادفة أيضاً، اتصل أحمد كمال من موسكو، صديق الشريف، وقال له إنهم يقيمون هناك مؤتمراً عن الراحل وجمعوا أعماله المنشورة في الصحف والكتب كافة، وأرسل إليه نسخة منها بالبريد العاجل. هكذا أصبح لدى الشريف سيناريو مكتمل لفيلم عن حياة ناجي العلي، منذ مولده في قرية «الشجرة» الواقعة بين طبريا والناصرة في فلسطين، حتى اغتياله في لندن. بدأ عاطف الطيب التصوير بين سورية ولبنان، مع شركة «NP» المنتجة وبمشاركة مجلة «فن» التي يرأس تحريرها ومجلس إدارتها الصحافي اللبناني وليد الحسيني، وعدد كبير من الفنانين المصريين والسوريين واللبنانيين، من بينهم محمود الجندي، وليلى جبر، وأحمد الزين، ورفيق علي أحمد، وسليم كلاس، ونبيلة النابلسي، وآخرون. شعر نور الشريف بسعادة بالغة، ليس لانتهاء تصوير الفيلم «الحلم» فحسب، بل أيضاً لاختياره ليكون فيلم الافتتاح في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، حيث لقي ترحيباً كبيراً من السينمائيين والنقاد والمثقفين، وسط حالة من الاحتفاء غير العادية. ولكن قبل طرح الفيلم في دور العرض، فوجئ الشريف بالزعيم الفلسطيني ياسر عرفات يزور القاهرة، وهو في حالة غضب غير عادية، لمقابلة الرئيس حسني مبارك ومنع العرض. مؤامرة على الوطنية استدعى المستشار السياسي للرئيس أسامة الباز نور الشريف لحضور اللقاء بين الزعيم الفلسطيني والرئيس مبارك، ورغم أنه صديق شخصي للزعيم الفلسطيني، فإن الأخير رفض مصافحته، متهماً إياه بتقديم فيلم يتهمه فيه وحركة «فتح» بأنهما وراء اغتيال ناجي، فوجّه الرئيس مبارك سؤالاً إلى الشريف، حول إذا ما كان ذلك صحيحاً: * مش ممكن يا ريس... ما فيش الكلام ده في الفيلم إطلاقاً. = نور فنان وطني يا أبو عمار مش ممكن يعمل كده. - أنا ما بتجنى عليه. الفيلم موجود... صار وثيقة اتهام... سواها نور بالاتفاق مع وليد الحسيني. * وليد الحسيني مجرد شريك في التمويل. ما لوش علاقة بالفيلم... وشافوه زيه زي الجمهور. = يحكم بينكم أسامة الباز. أهو فلسطيني أكتر منكم. الفيلم في حاجة بتقول كده أو حتى بتلمح إلى كده يا أسامة؟ ـ إطلاقاً يا سيادة الريس. الفيلم لو فيه حاجة زي كده كنت بلغت نور بيها من أول ما شوفته... وكنت أنا اللي طلبت منه ما يعرضهوش. سمح الرئيس مبارك بعرض الفيلم، وطرح في الدور. ولكن في اليوم التالي فوجئ نور الشريف بما لم يتوقعه. أفردت «أخبار اليوم» المصرية ثماني صفحات لتخوينه وعاطف الطيب ومحمود الجندي، وإلصاق تلك التهمة المطاطة «تشويه سمعة مصر» بهم. بل إن الأمر وصل إلى أن رئيس تحرير ورئيس مجلس إدارة الصحيفة إبراهيم سعدة، هاجم الفيلم والشريف وعاطف الطيب وبشير الديك في مقاله الأسبوعي، وعموده اليومي. ليس هذا فحسب، بل راحت الصحيفة تفرد ثماني صفحات يومية، تستكتب فيها سينمائيين وفنانين وفنيين ومنتجين، لشن هجوم شرس على الفيلم، وتمادى إبراهيم سعدة وتواصل مع رئيس الجمهورية قائلاً: «نور الشريف عامل فيلم عن رسام الكاريكاتور «اللي شتم مصر وشتم السادات وشتم سيادتك أنت كمان ياريس». رُفع الفيلم من صالات العرض بعد أقل من أسبوعين من عرضه، فأضيفت إلى خسائر الشريف النفسية والمعنوية والأدبية خسائر مادية، وأقام حزب «التجمع» ندوة للتنديد بالحملة التي يقودها سعدة ضد الطيب والشريف، ووقف المناضل اليساري كمال أبو عيطة وهتف بقوة: «أوعى تخاف م الضلمة يا نور». ليجيب الشريف مبتسماً: «مش هخاف... حتى لو عملوا أد كده مئة مرة». الرصاصة الخائنة التي قتلت ناجي العلي، وهو يعبر إلى الرصيف المقابل في لندن، لم تنجح في تكرار خيانتها في القاهرة، حيث تصدّى الشريف بضراوة لحملة إبراهيم سعدة الذي استعان بعدد من الحاقدين، وبسيناريست مغمور ليكتب شهادات عن وقائع كاذبة. وقفت مجموعة من الأصدقاء المخلصين إلى جانب الشريف، في مقدمهم سمير صبري الذي راح يتصل بصديقه مراراً ويومياً ليطمئن عليه، ويعرض عليه خدماته، كذلك كل من يحيى الفخراني، ومحمود ياسين، إذ رفض كلاهما مهاجمة الفيلم، وأرسلا إنذاراً إلى الصحف بمنع نشر أية كلمة على لسانيهما ضد الشريف. تضامن مع الشريف أيضاً صديقه صلاح السعدني، فضلاً عن شقيقه الكاتب الكبير محمود السعدني، والمخرج محمد فاضل، وزوجته الفنانة فردوس عبد الحميد، وآخرون من المخلصين، أجروا تحقيقات كشفت أن كل ما يردده إبراهيم سعدة ومن جنّدهم أكاذيب مفضوحة. من ثم، توقفت الحملة لكن بعدما ضربت جماهيرية الفيلم في الصميم، كذلك صدر قرار بمنع عرض أفلام الشريف في بعض دور العرض الخليجية، فضلاً عن تجنّب فنانين كثيرين الاتصال به، وهاجمه عدد كبير منهم، بعدما أوعز لهم سعدة بأن ذلك يرضي النظام، ظناً منهم بأن الأخير غاضب على الشريف. أصابع خفيّة بعد أربعة أشهر، استطاع د. أسامة الباز، مستشار رئيس الجمهورية آنذاك، أن يعقد جلسة مصالحة بين الشريف والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات في فندق شيراتون القاهرة، غير أن أصداء الحملة الشرسة ظلت مستمرة، وجلس الممثل في بيته أكثر من ستة أشهر، من دون أن يعرف سبباً لذلك، ومن دون أن يكون للنظام دخل في ما يحدث، ما أثار علامات استفهام لديه. حتى جاء الحل على يد وزير الإعلام صفوت الشريف، الذي اقترح عليه أن يقبل مسلسل «الثعلب» الذي كان عرضه عليه المخرج أحمد خضر سابقاً ورفضه، لأنه لم يكن مكتملاً فنياً: = يا سيدي اعمل التعديلات اللي أنت عايزها فيه. * طب ما أعمل أي حاجة تانية غيره. = أنا قاصد العمل ده بالذات... لأكتر من سبب، أولاً هو عن عملية للمخابرات، والبطل ظابط في المخابرات المصرية، وكمان لما يكون من إنتاج الدولة... كل ده هيسيب انطباعاً عند الكل... أن الدولة والنظام معاك مش ضدك. وافق نور الشريف على مسلسل «الثعلب» الذي كتبه إبراهيم مسعود، وأخرجه أحمد خضر، وأدى فيه عبد الله غيث دور الرئيس السادات، وصلاح ذو الفقار دور المشير أحمد إسماعيل، ومعهما إيمان، وسعيد عبد الغني. ما إن عرض المسلسل، حتى وصلت رسالته، وانهالت العروض على الشريف مجدداً، فقدّم فيلم «كروانة»، من تأليف عصام الشماع، وإخراج عبد اللطيف زكي، مع كل من بوسي، وسيد زيان. بعده، أطلّ في «أقوى الرجال» عن قصة الأديب التركي عزيز نيسين، وسيناريو بسيوني عثمان وحواره، وإخراج أحمد السبعاوي، وشاركت فيه سهير رمزي، التي قررت بعده ارتداء الحجاب واعتزال الفن، والابتعاد عن الأضواء. لاحقاً، قدّم النجم «الرقص مع الشيطان»، من تأليف محمد خليل الزهار، وإخراج علاء محجوب، وشاركه كل من مديحة يسري، ومحمد وفيق، والفنانة السورية صباح السالم. كذلك ظهر في «لهيب الانتقام»، من تأليف يحيى جاد، وإخراج سمير سيف، مع كل من لبلبة، وصلاح ذو الفقار. عاد الشريف بعده إلى المسرح، ولكن ليس ممثلاً بل مخرجاً من خلال مسرحية «محاكمة الكاهن» لشباب مسرح «الهناجر»، عن قصة للروائي بهاء طاهر، مسرحة د. محسن مصيلحي وعبد الرحيم كمال. وناقش من خلالها قضية صراع كهنة الدين على السلطة، ليستكمل مسيرته السينمائية بعدها ويلتقي المخرج نادر جلال في «131 أشغال»، من تأليف صلاح فؤاد، مع كل من كمال الشناوي، ونجاح الموجي، ومحمد وفيق، وصابرين. اتفق المخرج أحمد توفيق مع قطاع الإنتاج في التلفزيون المصري على اختيار نور الشريف لبطولة مسلسل لشهر رمضان، فوافق الممثل مقترحاً أن يقدّم سيرة خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبد العزيز، على أن يكتبه الشاعر عبد السلام أمين. جاء المسلسل جديداً في حواره وتقنية كتابته وإخراجه، وغيّر شكل المسلسل الديني عموماً، وحقّق نجاحاً جماهيرياً ونقدياً كبيراً. بعده، عاد الشريف إلى السينما والإنتاج وقدّم «الطيب والشرس والجميلة»، من تأليف مدحت السباعي وإخراجه، إلى جانب كل من فريد شوقي، وإلهام شاهين. ثم عرض عليه المخرج بوغالب البوريكي بطولة «خيط أبيض خيط أسود»، من تأليف سيرجيو أمادي، وشاركه البطولة من مصر كل من أمينة رزق، وصفية العمري، ومن المغرب حسن الجندي. كان الفيلم أحد أهم الأفلام التي تناولت القضية الفلسطينية من وجهة نظر أوروبية تناصر القضية العربية. ولكن «النيغاتيف» اختفى في روما حيث كان أخذه مدير الإنتاج للتحميض، ولم يُعثر عليه نهائياً، ليكتشف الشريف أن أصابع «الموساد» كانت خلف هذا الأمر! ناجي العلي كان ناجي العلي أحد أبرز رسامي الكاريكاتور العرب. ارتبط اسمه بالقضية الفلسطينية وصار أحد الأسماء التي تعبّر عن مأساة الشعب الفلسطيني كالشاعر محمود درويش والمفكر إدوارد سعيد وغيرهما. اشتهر العلي بانتقاده اللاذع للحكومات العربية التي اختارت طريق التسوية السلمية للصراع العربي- الإسرائيلي، كذلك منظمة التحرير الفلسطينية، ما جعل أصابع الاتهام عند اغتياله في لندن عام 1987 تتوجّه إلى الأطراف كافة تقريباً، بدءاً بجهاز الموساد الإسرائيلي وصولاً إلى الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات. وظلّ الفاعل مجهولاً. تنقل ناجي العلي في حياته بين لبنان والكويت وبريطانيا، حاملاً هموم شعبه ومنادياً بحقوقه عبر شخصيات اخترعتها ريشته المميزة كالمرأة الفلسطينية فاطمة التي ترفض أي حل إلا استعادة الأرض المغتصبة وعودة اللاجئين إلى ديارهم، والطفل حنظلة الذي رسمه دوماً مقيد اليدين من الخلف مراقباً ما يحدث حوله. البقية في الحلقة المقبلة
مشاركة :