هذه المرة ينبغي أن يكون عقاب قطر قاسيا بقلم: أحمد أبو دوح

  • 6/7/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

في الدوحة بدت رؤية الشيخ خليفة بن حمد لقطر تتضح بعد هجمات 11 سبتمبر 2001. لم ير القطريون في تنظيمات الإسلام السياسي والجهاديين ورقة محروقة كما كان يراها العرب والغرب على حد سواء. كان السؤال المطروح في الدوحة وقتها: لماذا لا نعيد صياغة أسس الفكر الإسلامي تأسيسا على قاعدتين: دعم مالي لا يتوقف، وقصف إعلامي يصل إلى أبعد مدى؟ السماح للشيخ يوسف القرضاوي بالتحول من مجرد داعية إلى “قائد روحي وفكري” لجماعات الإسلام السياسي كان جوهرا ضمن الاستراتيجية الجديدة. هذه كانت مهمة قناة “الجزيرة” ضمن مهامها الأخرى القائمة على التحطيم البطيء والمتأني لمنظومة القيم التي قامت عليها المنطقة. بعد ذلك بدأت مرحلة هدم المنظومة السياسية.التنقل بين السعودية وإيران وتركيا وإسرائيل في وقت واحد أفقد هذه الدولة الصغيرة رصيدها في الخليج نجحت الخطة القطرية، لكن ليس تماما. في وسط كل هذا الحماس لم تفهم قطر حجم وإمكانيات القوى الكبرى في المنطقة. النظرة القطرية للإقليم كانت تقوم على أربعة محاور: ضمان الحماية الأميركية للحدود ولحكم الشيخ خليفة بن حمد، والاطمئنان للضغط الغربي الهائل على السعودية بعد أحداث 11 سبتمبر، وضعف وترهل نظام حكم حسني مبارك في مصر، وانتهاج الإمارات سياسة خارجية تقوم على التحفظ ومحاولات لم الشمل. لم يعد أي من هذه المحاور قائما الآن. عقاب قطر هو انعكاس لتراكم طويل في السياسة الأميركية تجاه منطقة الشرق الأوسط يقوم على تخفيف التواجد تدريجيا على المدى البعيد. الرئيس دونالد ترامب يؤمن بضرورة اعتماد دول المنطقة على قدراتها الذاتية التي استغرقت عقودا لبنائها. هذه السياسة لا تضم مصر والسعودية فحسب، لكنها تشمل قطر أيضا. على قطر أن تواجه مصيرها. السعودية اليوم ليست هي السعودية منذ عشرة أعوام. ثمة تغير في العقيدة الأساسية للحكم مع صعود الجيل الثالث المتمثل في ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. لا يبدو أن التردد التقليدي في التعامل مع الأزمات مازال يتحكم في صانع القرار السعودي. الأمور تتغير بسرعة، وبنفس السرعة تتغير نظرة العالم القديمة للسعودية. مصر والإمارات بدورهما ليستا كالسابق. هاتان دولتان تمتلكان إمكانيات هائلة، بشريا واقتصاديا وعسكريا وأمنيا وفكريا. بين القاهرة وأبوظبي اليوم رؤية تقوم على ضرورة التعامل مع لحظة الحقيقة التي يمثلها تغليف المنطقة بفكر متطرف عمل الإسلاميون والإخوان على بنائه طوال العقدين الماضيين. هذه الرؤية تقوم على بنية تحتية أسستها الإمارات منذ ما قبل اندلاع ثورات ما يعرف بـ”الربيع العربي”، حيث كانت تواجه المشرع الإسلامي/القطري وحدها في غياب القوتين الرئيسيتين مصر والسعودية. اليوم عادت هذه القوى معا لتلقّن قطر درسا. هذه الدولة بدأت أخيرا تدرك حجمها الحقيقي. اكتشف القطريون العاديون أن مجرد إغلاق معبر صغير على الحدود مع السعودية كاف لكي يضع قطر على شفا الانهيار. اكتشفوا أيضا أنهم كانوا يعيشون وهما كبيرا متمثلا في هذه الشركة العائلية التي تملك قطعة صغيرة من الأرض وعددا من حقول النفط والغاز، وقد تصورت أن هذه مقومات كافية كي تتحول إلى قوة إقليمية عظمى. لم يقل أحد للشعب القطري إن رجال أعمال في بلدان أخرى كثيرة يملكون شركات يعمل بها أضعاف عدد سكان قطر، ولديهم ثروة تستطيع أن تبني كيانا يماثل في المساحة والقوة العسكرية دولة قطر كلها دون عناء. هذه معركة مصيرية ستشكل ملامح زمن غياب الوصاية على قطر. التنقل بين السعودية وإيران وتركيا وإسرائيل في وقت واحد أفقد هذه الدولة الصغيرة رصيدها في الخليج. سياسة الفهلوة واللعب بالثلاث ورقات لم يعد لها مكان اليوم. طوال عقدين لم تترك قطر للمنطقة أي خيارات. جاء يوم انعدام الخيارات أمام قطر والإخوان والجزيرة. هذه المرة ينبغي أن يكون العقاب قاسيا. كاتب مصريأحمد أبو دوح

مشاركة :