تغطية: أحمد راغب أكد المتحدثون في مجلس «الخليج» الرمضاني، الذي استضافه سلطان بن حارب، في منطقة الحمرية بإمارة الشارقة، أن الإمارات أصبحت نموذجاً يحتذى في اقتصاد المعرفة ومواكبة التطور الهائل في مختلف دول العالم، كما أنها باتت تعتمد على العنصر البشري لاستشراف المستقبل، من خلال كوادر شبابية مؤهلة. ففي ظل التطور التكنولوجي بات الاعتماد على العنصر البشري هو الأساس والمحرك لدفع عجلة التنمية، ولم تعد الدول تعتمد على الموارد الطبيعية فقط؛ بل باتت تستثمر في العنصر البشري القادر على الإبداع والابتكار.وأكدت الإمارات أنها باتت من الدول السباقة في هذا المجال، فأصبحت تفكر لمرحلة ما بعد النفط، بكوادر بشرية قادرة على استشراف المستقبل، وتحقيق مساعي وطموحات الدولة.أدار المجلس الدكتور عبد الله سلطان بن حارب، الأستاذ في كلية المدينة الجامعية بعجمان، بحضور عيسى الحمادي، مدير المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج، وسالم عبد الله آل حميد، مؤسس ومدير مكتبة سالم آل حميد في عجمان، وسيف بوفيير الشامسي، ومحمد الشامي، عميد كلية إدارة الأعمال في جامعة عجمان، وفؤاد الشعيبي، أستاذ في المدينة الجامعية بعجمان، وعدد من الحضور وأهالي الحمرية. وتم الحديث مفصلاً عن «اقتصاد المعرفة». الاهتمام بالعلم والتعليم وأكد الدكتور عبد الله سلطان بن حارب، أن المعرفة تعتبر لبنة أساسية في تقدم ورقي المجتمعات، وعلى كل إنسان أن يتعلم وينهل منها الكثير والكبير، ولذلك حرصت دولة الإمارات على الاهتمام بالعلم والتعليم، لما له من دور كبير في تطوير الجوانب المعرفية للفرد، ومساعدته على الإبداع والابتكار، وحرص كل فرد إماراتي منذ القدم على المعرفة والاستزادة منها من خلال السفر، فالسفر إلى دول مختلفة كان عاملاً من عوامل اكتساب المعرفة، من خلال الاحتكاك بالثقافات الأخرى، مشيراً إلى أن التأسيس المبني على القيم والتعليم، يعتبر حافزاً وقاعدة أساسية للإبداع، فالدولة لا تألو جهداً في توفير المؤسسات التعليمية المرموقة من مدارس ومعاهد وجامعات. السفر للعمل والدراسة من جانبه استعرض سلطان بن حارب، رحلة السفر القديم التي كان الشعب الإماراتي يمارسها، وكانت وسيلة من وسائل المعرفة، فكان السفر للعمل والدراسة والعلم. ففي كلتا الحالتين كان الفرد يكتسب معرفة، فالعمل يجعل الإنسان يحتك بأشخاص آخرين، وثقافات أخرى تساهم في تنمية الكم المعرفي لديه. والعلم لا شك أنه وسيلة مهمة في اكتساب الثقافة والمعرفة، فالناس استفادوا من السفر وكانوا متسلحين بالصبر في ظل أوضاع كانت تتسم بالصراع والصعوبة، ولكن الحال اختلف الآن في ظل القيادة الحكيمة والرشيدة، التي وفّرت كل مقوّمات الحياة ومقومات النجاح، فلم يعد الفرد بحاجة للسفر من أجل العمل، فهي وفرت كل الفرص للجميع، فضلاً عن نعمة الأمن والأمان والاستقرار، فكان المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، قد لامس احتياجات المواطنين وعمل على تلبيتها. الاحتكاك بالثقافات الأخرى من جانبه أشار عيسى الحمادي، إلى أهمية اللغة العربية ودورها في تنمية المعرفة والاقتصاد الإسلامي، فمنذ نزول القرآن الكريم واللغة العربية هي الرائدة في العالم، وتفرّعت ووضعت لها قواعد، فأثرت في العلوم الأخرى، كما أن الاحتكاك بالثقافات الأخرى كاليونانية والأندلسية، وغيرها، ساهم في ظهور علماء مسلمين لهم إنجازات كثيرة في التاريخ ومختلف التخصصات، كما ساهمت في ظهور أدب الرحلات وغيره كثير، والفضل في ذلك يعود إلى ظهور الإسلام واللغة العربية التي ساهمت في تأسيس عدة علوم.وأشار إلى أن اللغة العربية مرتبطة أيضاً بالتربية، وهي مهمة في مرحلة تأسيس الأطفال خلال المراحل الأولى من الدراسة، كما لها أهمية كبيرة في غرس القيم والأخلاق في نفوس الناشئة، والوقت المعاصر الذي نعيشه وما يصحبه من تطور تكنولوجي هائل باتت المعرفة تشكل اللبنة الأساسية للانطلاق نحو آفاق واسعة، لمواكبة التطور الحاصل في دول العالم. وللغة العربية دور مهم في اقتصاد المعرفة، الذي يعتمد على التطور ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بالإبداع، فاللغة العربية بمعانيها ورصانتها وقوتها تعتبر عاملاً مهماً في اكتساب المعرفة، خاصة بالنسبة لقراء القرآن الكريم الذين يتدبرون آياته ويفهمون معانيه، حيث يعطي المجال لأن يفكر الفرد بشكل أكبر. أكبر اقتصاد عربي وأكد محمد الشامي، أن الإمارات تعتبر أكبر اقتصاد عربي مع السعودية، كما تنافس كبرى الدول الاقتصادية العالمية، مشيراً إلى أن ما ينتج في العالم من سلع خلال العام الحالي، يقدر بنحو 77 تريليون دولار، وفقاً للإحصائيات، فهذا الاقتصاد يُبنى على كيفية الإنتاج الذي يحتاج للمواد الخام ورأس المال، واقتصاد المعرفة ظهر بسبب الثورة المعلوماتية الهائلة، فبدلاً من النظر للقوة العضلية للعامل، أصبح هناك تطور في المهارة والمعرفة الرقمية، وأصبح هناك إبداع وابتكار بسبب ثورة المعلومات والثورة التكنولوجية الهائلة، فالمعرفة باتت تتقدم وتتطور بشكل كبير، وأصبح رأس المال البشري هو المحرك الأساسي، والإمارات حققت الإنجازات الكبيرة في هذا المجال. فاقتصاد المعرفة عجّل عملية النمو وقرّب العالم، والإمارات من الدول الكبرى التي تواكب التطور الهائل في المجال التكنولوجي، وتستغلّه لتحقيق الإنجازات، كما أصبحت تعتمد بشكل كبير على تطوير العنصر البشري لاستشراف المستقبل، فالعقل البشري والمعلومات المتوفرة جعلت الإنسان يسافر إلى مختلف دول العالم وهو جالس في مكانه، من خلال وسائل التواصل وغيرها، فيتمكن من إجراء صفقات، أو متابعة أعمال، وغيرها من الأعمال، بفضل التطور التكنولوجي. والإمارات تنعم بالوصول إلى المراحل المتقدمة والمتطورة في مختلف المجالات، بفضل قيادتها الرشيدة وحرص أبنائها على تقديم الكثير، ومواكبة التطورات الحاصلة في مختلف دول العالم. المعرفة تحتاج إلى الإرادة وأكد الدكتور فؤاد الشعيبي، أن المعرفة تحتاج إلى الإرادة، فالمعرفة قوة ومن يمتلكها يمتلك القوة، فعلى سبيل المثال بعد الحرب العالمية خرجت بعض الدول الفقيرة التي تعاني ويلات الحرب وما خلفته وراءها، إلا أنها التفتت إلى أهمية العنصر البشري وتطويره، واستطاعت بذلك أن تعيد بناء نفسها واقتصادها حتى أصبحت الآن ذات قوة اقتصادية كبرى، والمعرفة التي كانت تتضاعف كل 25 سنة، أصبحت الآن تتضاعف كل 18 ساعة، ودون أدنى شك فالثروة البشرية تحتاج إلى الإرادة لتحقيق المستحيل والنهوض بالمجتمع.وأشار إلى أن دولة الإمارات تعتبر نموذجاً يحتذى في هذا المجال وكل المجالات الأخرى، فهي تحرص على تطوير وتأهيل كوادرها البشرية، وتزويدهم بالعلم والمعرفة، وصقل مواهبهم وتقديم البرامج التدريبية وكل ما يساعد في تطوير العنصر البشري؛ لأن الاعتماد عليه أصبح هو الرهان لتحدي المستقبل وغزو الفضاء، كما أن الدولة تخطط بشكل جيد في ظل رؤية قيادتها الحكيمة لمرحلة ما بعد النفط، بالاعتماد على العنصر البشري لاستشراف المستقبل، لذلك تبعث طلبتها إلى الخارج، وتأتي بالمعارف والعقول النيرة، وترفع مستوى الطلبة ليكونوا فاعلين، كما تستخدم التقنية وتستشرف المستقبل بالإبداع والابتكار، فهذه أساسيات الشعوب للثورة المعرفية.وقال: «دولة الإمارات بدأت بمشاريع رائدة وأصبحت منارة للإبداع والكفاءات، وتسعى بكل جهد لتحقيق رؤية الدولة 2021، بهمة شبابها ورؤية قيادتها الرشيدة». تطوير الكوادر الشابة وخلال المجلس أكد سعيد بن حارب، أن دولة الإمارات تكرس جهدها لتطوير كوادرها الشابة، بالاعتماد على الأفكار الإبداعية والاهتمام بالابتكار والإبداع، وعلى استعداد دائم للمعرفة، كما تقدم الدعم والتشجيع لكل شباب الوطن لقيادة الدولة إلى الرقم الأول عالمياً. وأشار إلى أن التكنولوجيا أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياة المجتمع، وأصبحت تسهل علينا الكثير، فأصبح بالإمكان إطلاق الأقمار الصناعية والتحكم بها على الأرض. بناء شخصية الإنسان من جانبه أكد سالم بن عبد الله بن حميد، أهمية دور المكتبة والاستفادة منها، نظراً للدور الكبير الذي تقوم به، فكان للمكتبة قديماً دور كبير في بناء شخصية الإنسان وتزويده بالعلم والمعرفة، ولكن في الوقت الحاضر هناك عزوف عن المكتبات وقراءة الكتب، ولا يوجد الآن إلا القليل من مرتادي المكتبات غالبيتهم من طالبات الجامعات، على الرغم من أن المكتبات مشرعة أبوابها دائماً، إلا أن التطور في وسائل التواصل والبحث من خلال الإنترنت، ساهم في العزوف عن قراءة الكتب، على الرغم من أن لها رونقاً خاصاً وتجد فيها كل يحتاج الفرد، كما أنها تلعب دوراً كبيراً في تنمية مهاراته وثقافته. ودولة الإمارات اهتمت كثيراً بالكتب والمكتبات، والقراء وشجعت عليها، لما لها من دور كبير في تنمية المعرفة وصقل مواهب الشباب، التي تسهم بدورها أيضاً في تكوين شباب مثقفين وواعين وقادرين على الوصول بدولتهم إلى القمة، وتحقيق كل الطموحات المستقبلية. السفر والثقافة وكسب المعرفة واستعرض سيف عبد الله، أحد المتحدثين في المجلس تجربته مع السفر وزيارته لكثير من الدول، مؤكداً أن السفر أداة من أدوات الثقافة وكسب المعرفة، والاطلاع على ثقافات وحضارات الآخرين، وعاداتهم وتقاليدهم، وهذا بالطبع يساهم في تزويد الإنسان بالمعرفة وأشياء لم يكن يعلمها. فأهلنا القدماء سافروا كثيراً وعرفوا دولاً عدة، وقد ساهمت هذه الرحلات في زيادة الكم المعرفي لديهم. وفي الوقت الحاضر لا يزال السفر أداة للمعرفة، ولذلك تحرص الدولة على إرسال البعثات إلى الخارج للتعرف إلى الثقافات الأخرى، والنهل من العلوم المختلفة، والاستفادة من التجارب في مختلف المجالات خاصة العلمية، وهو ما يساهم في زيادة المعرفة لدى الفرد ويصقل مهاراته، ويعزز معرفته بالآخرين، وهذه عوامل كلها تسهم إسهاماً كبيراً في بناء الجيل المثقف والقادر على مواجهة كل التحديات. أساس الفكر والإبداع وأكد عيسى الحمادي، أن المعلم له دور كبير في اكتساب المعرفة من خلال ما يقدمه لطلابه، فهو القدوة لهم، فلم يعد يقتصر دوره على ما يقدّمه من خلال المناهج الدراسية؛ بل ما يقدمه أيضاً خارجها من سلوكيات وتصرفات، وكذا تشجيع الطالب على الإبداع، مشدداً على ضرورة التفكر في آيات الله وربطها بالواقع، حيث يساعد ذلك على التفكير بعمق، وينتقل الفرد من التفكير العادي إلى التفكير التباعدي؛ أي الابداعي، كما أن اللغة العربية هي أساس الفكر والإبداع.
مشاركة :