مدينة أغاديز في النيجر حيث تتقاطع الامال والاحلام المجهضة

  • 6/14/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

اغاديز (النيجر) (أ ف ب) - تشكل مدينة أغاديز بوابة الصحراء في شمال النيجر، ملتقى طرق يتقاطع فيه آلاف المهاجرين من طامحين للوصول الى ليبيا فأوروبا الى العائدين وقد خابت آمالهم وأجهضت أحلامهم. وفي 2016 أحصت المنظمة الدولية للهجرة 335 الف مهاجر يتجهون الى الشمال بينهم 111 ألفا يتجهون إلى أغاديز في الاتجاه المعاكس. وهي أرقام غير مكتملة حيث ان المنظمة الدولية للهجرة لا تحصي إلا المهاجرين الذين يمرون عبر نقاط متابعتها. ويتجه المهاجرون إما الى الجزائر او إلى ليبيا، وهي وجهة معظمهم، حيث يعملون او يحاولون الصعود الى مركب متجه الى أوروبا. وفي ايار/مايو 2015 اعتمدت النيجر قانونا متشددا جدا يمنع تهريب المهاجرين لمحاولة إنهاء هذه الظاهرة ما زاد من صعوبة رحلة المهاجرين غير الشرعيين. ونزل ابراهيم كاندي (سنغالي-26 عاما) من شاحنة خفيفة (بيك اب) وقد عفر التراب محياه وأزاغ نظراته ولبد شعره، وذلك بعد بوابة الدخول الى شرق اغاديز. وهو غادر ليبيا قبل اربعة أيام للوصول الى هذه المدينة النيجيرية التي تهب عليها رياح حارة. ويقول الشاب القادم من منطقة تامباكوندا في وسط السنغال "انا بغاية التعب. (عبور) الصحراء صعب لجهة الماء والغذاء". ولئن كانت رحلة عبور الصحراء انهكته فان أكثر ما يرهق ابراهيم ربما هو فشل محاولته الهجرة والعنف الجسدي والنفسي الذي تعرض له لأشهر. وقال وهو يشير الى لباسه الرياضي "هذه هي كل اغراضي" ثم وهو يشير الى لباس داخلي "وهذه هي حقيبة سفري". - "سيقتلونني" - ويوضح ابراهيم "كنت اريد كسب مال لارساله الى أسرتي لكني أواجه الآن متاعب كثيرة" وابراهيم مهنته خياط وبعد ان أفلس دفع "أخ أكبر" كلفة رحلة عودته. وبعد شهرين امضاهما في مرزق بجنوب ليبيا يؤكد ابراهيم "انا سعيد لاني عدت". وكان تعرض للخطف من مليشيا محلية ولم يفرج عنه الا بعد دفع فدية. وقال ابراهيم "يتصلون (عناصر المليشيا) باهلك في البلد. وعليك ان تقول +ارسلوا لي المال والا فانهم سيقتلونني+". وروى عشرات من المهاجرين من السنغال وغامبيا وغينيا بيساو او كوناكري وساحل العاج وغانا ونيجيريا تعرضهم للمخاطر ذاتها وما يرافقها من اشغال شاقة "مثل الاستعباد". لكن آلاف المهاجرين مستمرون في التدفق على أغاديز لمحاولة العبور الى اوروبا او لاعتقادهم بانه يمكنهم جمع ثروة من العمل في ليبيا. اما بالدي ابوبكر صديقي (35 عاما) المتحدر من كينديا في غينيا فقد "باع أراضي أاسرته" مقابل 17 مليون فرنك غيني (1700 يورو). وانتهت رحلته في "سجن" ليبي. وهو بالمثل يقول انه تعرض للتعذيب على أيدي الجلادين الذين يفضلون "ضرب اسفل القدم بعصي او كوابل". وتمكن من العودة الى اغاديز لكنه لا ينوي "العودة (الى غينيا) مع عار بيع اراضي العائلة". وهو بالتالي ينتظر للاقدام على محاولة أخرى. وعبور الصحراء رحلة مضنية وخطرة حين تجلس في الجهة الخلفية من شاحنة بيك أب تقل 20 الى 30 شخصا. ويتمسك المهاجرون الذين تتدلى ارجلهم خارجا، بعصي ركزت بين صفائح الماء والوقود، وقد لفوا أجسادهم بلثام ونظارات وقفازات وجاكيت للاحتماء من الغبار والحرارة. والرحلة التي مسافتها 750 كلم الى ليبيا، تستغرق من يومين الى ثلاثة أيام مع توقفات لدقائق للتزود بالوقود وقضاء الحاجة. وكثيرا ما تقع حوادث. كما يتعين تفادي دوريات الجيش وخصوصا العصابات التي لا تتورع عن ترك المهاجرين والمهربين في قلب الصحراء. كما يمكن ان تكون للحوادث والأعطال عواقب كارثية. فقد عثر على 44 مهاجرا على الأقل بينهم رضع، موتى في قلب الصحراء في بداية حزيران/يونيو. وقال وزير داخلية النيجر محمد بازوم بأسف "هذه الصحراء مليئة بجثث المهاجرين". - "لله الامر" - ويقول اريك مانو (36 عاما-عامل بناء) الغاني الذي عاد بعد ان أمضى عامين في ليبيا، "رأينا جثثا مدفونة. لا أمان في الصحراء". وفي انتظار الانطلاق يعيش المهاجرون في "معازل" او "مبيتات" تابعة للمهربين بعيدا عن أعين السلطات. وعادة ما تكون هذه المآوي في أحياء على اطراف أغاديز. وكثيرا ما تكون ظروف العيش فيها متردية جدا فهذه المقار عير مزودة بالماء ولا الكهرباء وكل ما تحويه سقف من القصدير او خيمة وحصر فرشت على الارض وقدر للطبخ وإناء لإعداد الشاي. ومع ذلك يؤكد عبدولاي فان وهو من قرية كازامانس في جنوب السنغال "اذا تطلب الأمر الانتظار لعام فسأنتظر". خسر بائع الخردة هذا كل كا جمعه "لأكثر من عشر سنوات" أي 400 الف فرنك أفريقي (600 يورو) للوصول الى أغاديز. وهو لم يعد يملك مالا ولا عملا وينتظر ان ترسل له أسرته المال أو أن يعثر على بعض الأعمال التي تتيح له دفع ثمن رحلته باتجاه ليبيا وأوروبا. ويقول شاب (25 عاما) وهو يجلس على الأرض في المبيت "أحب فرنسا وأريد أن أعمل. لم يسبق ان وجدت عملا منذ طفولتي". ويقول انه بعد مواجهة طمع عناصر الجمارك والدرك، أدرك انه لا يزال عليه مواجهة القسم الأصعب من الرحلة: الصحراء وليبيا التي تنتشر فيها الجماعات المسلحة والبحر المتوسط ومخاطر الغرق. لكنه يضيف بلهجة المستسلم لمشيئة القدر، "لقد ولدت في أسرة فقيرة. ولله الأمر. اذا مت على الطريق، هذا ليس سيئا فقد كنت أحاول مساعدة أسرتي. ليست لدينا حلول (أخرى). لقد اخترت بين العيش او الموت".باتريك فور © 2017 AFP

مشاركة :