في تاريخ 21 رمضان سنة 726 هجريّة، توفي مؤسس الدولة العثمانية، السلطان العثمانى، عثمان الأول، كمّا عُرف عنه، فيما كان اسمه الكامل، عثمان بن سليمان شاه التركماني، المُلقب بـ «أبو الملوك». ولدَ عثمان الأول داخل بلدة «سوجوت» التى تتبع الأناضول، شرق أوروبا، سنة 656 هجرية، لأمير يُدعى «أرطغرُل الغازي»، وفقًا لكتاب «تاريخ سلاطين بنى عثمان»، للكاتب «حضرة عزتلو يوسف بك أصاف». رغم أن لهُ أصول تنحدر من طائفة التتار والمغول، إلا أن السلطان عثمان استطاع تأسيس الدولة العثمانية، والسيطرة على حُكم أكبر البقاع مثل، البلقان، الأناضول، المشرق العربي، شمال إفريقيا، لمُدة 600 عام، حتى انتهت الدولة العثمانية سنة 1922. وفي اليوم نفسه الذى ولد فيه السلطان، سقطت مدينة بغداد على أيدى جنود التتار، أنشأت حينها القوات للجهاد المُسلح ضد ما يحدث من عدوان، وفيما بعد تولى عثمان الأول إمارة «قايي»، وزعامة العشيرة التركمانية، عقب وفاة والده مباشرةً. تعاقبت بعد ذلك فتوحات عثمان الأول، وواصل غزواته إلى أن ضرب العملة باسمه، وكان يُذكر اسمه فى خطبة الجمعة كل أسبوع، وفي سنة 1295م، شرع عُثمان بمُهاجمة الثُغور البيزنطية باسم السُلطان السُلجوقي علاء الدين، وباسم الخليفة العبَّاسي، ففتح عدد كبير من الحُصون، وقاد عشيرته إلى سواحل بحر مرمرة، والبحر الأسود. وواصل عثمان توسيع دائرة الفتوحات الإسلامية، وأرسل إلى جميع أمراء الروم ببلاد آسيا الصغرى، يخيرهم بين ثلاثة أمور، الإسلام أو الجزية أو الحرب، فأسلم بعضهم وانضم إليه، وقبل بعضهم بدفع الجزية له. يُحسب للسلطان عثمان الأول أيضًا، أنه أسس أول أسطول عثماني، قبل أن يُداهمه المرض، فترك الولاية والإدارة لابنه، «أورخان»، قائلاً: «يا بني، إياك أن تشتغل بشيء لم يأمر به الله رب العالمين، وإذا واجهتك في الحكم معضلة فاتخذ من مشورة علماء الدين موئلًا، أحِط من أطاعك بالإعزاز، وأنعم على الجنود، ولا يغرنك الشيطان بجندك وبمالك، وإياك أن تبتعد عن أهل الشريعة». وأضاف: «إنك تعلم أن غايتنا هي إرضاء الله رب العالمين، وأن بالجهاد يعم نور ديننا كل الآفاق، فتحدث مرضاة الله جل جلاله، يا بني لسنا من هؤلاء الذين يقيمون الحروب لشهوة حكم أو سيطرة أفراد، فنحن بالإسلام نحيا وللإسلام نموت، وهذا يا ولدي ما أنت له أهل». وفى عام 707 هجرية، أقال صاحب قلعة كستل، وبعث عثمان بابنه أورخان يقود جيشًا كثيفًا إلى مدينة «بورصه»، وبعد أن حاصرها مدة، دخلها عنوة، وأذن لأهلها أن ينصرفوا منها بدون أن يهرق منهم قطرة دم، ثم شرع فى تنظيم أحكامها وتحصين قلاعها. وفى أثناء ذلك، جاء رسول من قبل والده يستدعيه إليه، فأطاع وراح مسرعًا، ولما أن دخل على أبيه، وجده يتقلّب على فراش الموت، اغرورقت عيناه بالدموع، وخاطبه قائلاً: «يا أعظم سلاطين البر والبحر، كم قهرت أبطال وافتتحت بلدانًا، ما لى أراك فى هذه الحالة؟»، فأجابه السلطان: «لا تجزع يابنى، هذا مصير الأولين والآخرين، إننى الأن أموت فرحًا لكونك تخلفنى وتقوم مقامي».
مشاركة :