في جلسة وصفتها مصادر نيابية لـ «الحياة» بـ «العبور السلس» خرج قانون الانتخاب النسبي مع 15 دائرة، من ساحة النجمة إلى النور أمس، وقبل أربعة أيام من انتهاء ولاية البرلمان اللبناني من دون أي تعديلات جوهرية. الجلسة التي ترأسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري وحضرها رئيس الحكومة سعد الحريري وناقشت تفاصيل القانون المؤلف من ثمانية فصول وبمواده الـ125، غلب عليها الطابع التوافقي الذي حكم إقراره حكومياً في جلسة قصر بعبدا، فصادق المجلس النيابي عليه بمادة وحيدة بشبه إجماع وتحفظ عدد محدود من النواب، مع تمديد عمر البرلمان «تقنياً» 11 شهراً حتى 20 أيار( مايو) المقبل على أن تجرى الانتخابات النيابية خلال الستين يوماً التي تسبق انتهاء ولايته. ومن خارج القوى السياسية الممثلة بالحكومة والتي أقرت مشروع القانون، شهدت الجلسة النيابية أمس خروج أصوات معترضة مطلقة سهامها على القانون وعلى الحكومة بعدما كانت اتسمت غالبية المناقشات بالهدوء، قادها رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل متهماً الحكومة بفرض التمديد بهدف تقديم خدمات كرشى انتخابية والتعويض عن فشلها. ما دفع الرئيس الحريري إلى الاعتراض بحدة وخرج من القاعة لبعض الوقت وبدا عليه الانزعاج الشديد، وطلب الرئيس بري شطب كلام الجميل من المحضر. < وكانت الجلسة انطلقت، بمناقشة مشروع القانون، بعد الوقوف دقيقة صمت حداداً على أرواح النواب السابقين فؤاد نفاع وسمير فرنجية وسمير عازار. وكان أول المتحدثين النائب بطرس حرب الذي طالب بإعطاء النواب وقتاً لمناقشة مشروع القانون «إذ لا يجوز أن يقَر قانون بدقة قانون الانتخاب وخطورته من دون مناقشة، وهي الوسيلة الوحيدة لشرحه وتفسيره للحكومة ولنا وللناخبين»، معتبراً أن «المطلوب اليوم من مجلس النواب البصم ورفع الأيدي من دون مناقشة وإبداء رأي، وهذا ما نرفضه». وردّ بري قائلاً: «حتى ولو سيقر بمادة وحيدة، فسأفسح المجال أمام النقاش فيتحدث كل نائب لمدة 5 دقائق وأنا أطبق القانون في مسألة القانون المعجل المكرر». ثم تحدث النائب عاصم قانصوه فوصف القانون بـ «الطائفي» قبل أن ينسحب من الجلسة بعد نقاش مع بري حول عدم اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة. وقال بري لقانصوه: «خطونا خطوة مهمة، وفي لبنان لن يكون قانون الانتخابات إلا توافقياً إلا إذا كنتم بدكم تعملوا خلاف بالبلد». وتابع قانصوه: «إننا كحركة وطنية منذ الزعيم كمال جنبلاط ووصولاً الى «أمل» لم نناضل لنصل الى هذا القانون الطائفي الذي يلبس لبوس النسبية»، بري: «مئة بالمئة»، ورأى قانصوه أن «النسبية لا تكون إلا لبنان دائرة واحدة، أما القانون الحالي فهو الـ15 دائرة طائفية». وعلّق بري على انسحابه قائلاً: «زعّلناه وزعّلنا حالنا». وتحدث النائب سامي الجميل، فطالب بنقاش مشروع قانون الانتخاب مادة مادة، وقال: «أستغرب كيف لا يعطى المجلس فرصة للنقاش. لم تتسن لنا الفرصة كمجلس أن نناقش المشروع وهناك نقاط كثيرة لم نستطع مناقشتها»، وسأل: «كيف يمكن إقرار قانون انتخابي خلال 24 ساعة من دون مناقشة، وكيف تستطيع المعارضة مناقشة المشروع، هل المطلوب أن نكون شهود زور على القانون لأنه صُنع في الغرف المغلقة ولم يتمكّن المجلس من الاطلاع عليه؟». وقاطعه بري قائلاً: «معاذ الله أن تكون شاهد زور على شيء أنا أربأ بك ذلك»، ولفت نظره الى المادة 47 من النظام الداخلي المتعلقة بالمشاريع التي تحمل صفة المعجل المكرر والتي تبرّر السير بهذا القانون بمادة وحيدة، مشيراً الى أن «هناك سقفاً يحكم عملي وعملك وهو القانون وأنا لا أقبل أن تمر مادة عليها ملاحظات وإذا أتاني اقتراح بمادة وحيدة سأطرحه على التصويت». وأعطي الكلام للنائب نقولا فتوش، وسأل: «هل هذا القانون باستطاعته أن يكون صالحاً وأن يطبق أيضاً على المجالس البلدية؟». وطرح سلسلة ملاحظات تناولت البطاقة الممغنطة غير الواضحة طريقة تطبيقها. واقترح إضافة تعديل على المادة 84 لجهة التصويت على الثلثين. وتوقف عند المادة 125 «تلغى جميع الأحكام والنصوص المخالفة لأحكام هذا القانون باستثناء أحكام المواد المتعلقة بالانتخابات النيابية الفرعية في ما يخص الحالات التي يطبق فيها نظام الانتخابات الأكثري علماً أن المادة 42 تقول إذا شغر موقع لأي أسباب نجري الانتخابات بملء الفراغ على أساس القانون ولم يحدد أي قانون». وتمنى فتوش أن يكون نصاب إقرار هذا القانون ثلثي أعضاء المجلس حتى تعالج الثغرات القانونية فيه. أما النائب مروان فارس، فأعلن أن «الحزب القومي يتحفّظ عن هذا القانون لأنه لا يحقق التمثيل الصحي العادل ولا قيمة إصلاحية له». وعلق بري: «أنا وكتلتي وكثير من الكتل والزملاء، كنا وما زلنا نسعى الى التوافق وسعينا الى اعتماد النسبية، إلا أن التسوية السياسية هي التي تحكمت بهذا القانون، وإذا سألتني إذا كنت راضياً، سأقول بالطبع لا، لكنه كان بالطبع أفضل ما يمكن وما كان بالإمكان أفضل مما كان»، لأن البلد على حافة أزمة مصير وأزمة خطيرة وهذه التسوية قد تكون أنقذت ما يمكن». وأضاف: «هذا التمديد غير مرغوب فيه، ونأمل من الحكومة بأسرع وقت بأن تصدر مرسوم فتح دورة استثنائية للقيام بورشة تشريعية لمعالجة المطالب الملحة من سلسلة الرتب والرواتب وغيرها»، مشيراً الى أن «على رغم الظروف الصعبة التي مررنا بها، صُنف هذا المجلس من أكثر المجالس تشريعاً في المنطقة». بعد ذلك، تكلم النائب عماد الحوت ورأى أن «هذا القانون معقد على الفهم ويضيّع الناس». أما النائب انطوان زهرا، فلفت الى ثغرات عدة، لا سيما بالنسبة الى الأوراق المطبوعة سلفاً من دون المظاريف. كما توقف عند المادة 95 التي تقول بإبراز الهوية أو جواز السفر ولم يذكر البطاقة الممغنطة. وتحدث بعده الرئيس نجيب ميقاتي فقال إن «الحكومة أخذت البلد لمدة تسعة أشهر قبل ان تأخذ ما تريد من القانون الذي أرسلناه والذي كان أكثر توازناً وأكثر بعداً عن التطرف، وقد أفرغ هذا القانون النسبية من فحواها». كما تناول موضوع الفرز في هذه الصيغة «الذي حتماً سيأخذ أياماً طويلة وقد يفتح الباب أمام عمليات تزوير في النتائج، لأنه إذا لم يتم الفرز الالكتروني، فكل الاحتمالات من تزوير وغيره واردة». وتمنى «الاستعانة بالمكننة لأن الفرز اليدوي سيدخلنا الى مغارة علي بابا». أما النائب نبيل دو فريج، فقال: «أنا لم أطلع على تفاصيل هذا القانون». وتوقف عند حصة الأقليات التي كان اقترح ان تكون ستة نواب. وسأل: «ما الذي يمنع الأخذ بما تم التوافق عليه بالإجماع في اللجان المشتركة؟». وتوقف النائب احمد فتفت عند المادة 38 التي تتحدث عن تشكيل لجنة قيد أو أكثر. فعلق بري ممازحاً: «هذه كتبها (وزير الداخلية) نهاد المشنوق». وتم حذف كلمة أو أكثر. ولفت الوزير مروان حمادة الى المادة الثانية التي تتحدث عن المقاعد المتعلقة بالمغتربين والتي تتنافى مع التوازن بين المغتربين والمقيمين. فقال بري: «نحن نريد أن نعطي رسالة في هذا القانون لتشجيع المغتربين». وقال النائب وائل ابو فاعور: «بالنسبة الى موضوع المغتربين، لم يتم تبني أي اتفاق. فمن أي طوائف هؤلاء النواب؟ تم التوافق على أن يمثلوا الطوائف الرئيسية الست، لكن لا اتفاق عكس ذلك ويجب أن تتم العودة بأي إجراء الى مجلس النواب». وهنا، طلب وزير الخارجية جبران باسيل الكلام. ورد بري: «تفضل بس ما تخربلي ياها». وقال باسيل: «نحن كنا اقترحنا أن تخصص ستة للمغتربين إلا أن الرأي استقر على أن نضيف ستة للمنتشرين، لكن هذا الموضوع بقي استثناء على الاتفاق». أما بري فشدد على أن «يكون هناك توزيع طوائفي وهذا ما كان وارداً في مشروع الرئيس ميقاتي»، وجدد حرصه على الطوائف لا على الطائفية، داعياً الى الاحتكام دائماً الى المجلس النيابي، وقال إن أي تسوية لإنقاذ البلد لا تضر. وبعده تحدث الرئيس تمام سلام، فقال: «نحن نناقش موضوعاً لكل الوطن وفي ذهننا دائماً مصلحة الوطن التي تعرضت في الفترة الماضية للكثير من الشطط والمزايدات. نحن نعرف حراجة الوضع في المنطقة وارتداداته علينا. وفي اطار هذا الصراع نجتمع لنبني مشروع قانون جديد للانتخابات وتكفينا قراءة الفقرة الخاصة من المادة 99 والمتعلقة بالصوت التفضيلي. وواجبي على رغم ذلك أن أقول اننا امام نقلة نوعية باتجاه القانون النسبي على رغم امتلائه بالشوائب، خصوصاً أننا عدنا نسمع ببيروت الغربية والشرقية». وتحدث الجميل مجدداً، فقال: «الحكومة تركتنا لآخر لحظة لكي «تعمل شغلها»، ولسنا في صدد قانون سينقل البلد الى نظام جديد اذ وُضع على عجلة و «على الدرج» بشكل عشوائي ويتضمن الكثير من الأخطاء والثغرات». وسأل: «أين النسبية اذا ترشح أحدهم في الدائرة واعتبر الصوت التفضيلي في القضاء». وقال: «لنأخذ مثلاً البترون لأن الهدف من هذا القانون كله هو البترون ومن أجله قررنا منع عدد هائل من المواطنين من التعبير عن آرائهم». وسأل: «لماذا اعتمدنا البطاقة الممغنطة وبذلك عدنا الى منطق منع الناس من ممارسة حقها. وما يهمنا أن ينتخب المواطن وتكون امامه خيارات عدة سواء بالهوية أم بجوار السفر أم بالبطاقة الانتخابية. أما بالنسبة الى اللوائح المطبوعة سلفاً فلا يجوز أن تكون إلا في المغلف فعكس ذلك يسمح بالرشى». وتمنى التصويت. واعتبر الجميل أن الاغتراب اللبناني لا ينحصر تأثيره بستة مقاعد. وتابع: «نحن ضد أن يكون هناك تخصيص مقاعد للمغتربين». وتمنى إلغاء المادة 28. ودعا الى اعتماد الكوتا النسائية. ورأى أن سبب إعطاء الوقت للحكومة هو من أجل الرشوات الانتخابية؟». وهنا رد الرئيس الحريري عليه معترضاً. فعلا صوت الجميل طالباً منه إكمال كلامه. لكن الحريري تابع كلامه مخاطباً الجميل: «نحن ما منعمل رشوات؟». وغادر الحريري القاعة. وقال بري للجميل: «لا يجوز توجيه إهانات شخصية، نحن نقدم ملاحظات. وطلب شطب هذه العبارة من المحضر. وبعدها أرسل بري وراء الحريري الذي عاد الى القاعة مجدداً». وبعد مداخلات لعدد من النواب، تم التصويت على القانون بمادة وحيدة وأقر بشبه إجماع . جعجع: الوصول إلى القانون بطولة وهو ليس ما اقترحه «حزب الله» بيروت - «الحياة» - أكد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أنه «لم يكن سهلاً أبداً الوصول إلى قانون جديد في ظل اعوجاج في قوانين الانتخاب استمر ربع قرن، وتعقيدات الوضع اللبناني، وانفجار براكين المنطقة كلّها وانتشار حممها في كل أرجاء الشرق الأوسط». وقال: «كلّنا نعرف أن القانون ليس مثالياً، لكنني أعتقد أنه مثالي انطلاقاً من التعددية في البلد وكان الوصول إليه فعلاً بطولة وهو صُنع في لبنان». وأسف في مؤتمر صحافي بعد انتهاء جلسة البرلمان أمس، لأنه «يحلو للبعض دائماً اتخاذ السلبية نهجاً بالمطلق، وإطلاق النار في شكلٍ عشوائي. وللوصول إلى محاولة غش الناس، يلجأون إلى مقارنة ما هو ممكن، لكن كل شيء نسبي في هذه الحياة، مع ما هو مطلق وأفضل، بينما لا وجود له على أرض الواقع، فيدفعون الناس إلى اليأس». ورأى أن القانون «يحمل في طيّاته تصحيحاً مقبولاً للخلل الذي كان قائماً في التمثيل النيابي». وقال: «نسي البعض أنهم كانوا وافقوا على النسبية مع 15 دائرة في اجتماعات بكركي وأنّهم طالبوا بقانون النسبية مع 15 دائرة في الأشهر الأخيرة عندما كانت تتم دراسة مشروع المختلط، ليعودوا ويهاجموا النسبية بعد أن تمّ التوافق عليها». وأكد أنه «لم يكن من الممكن الوصول إلى القانون لولا موقف الرئيس ميشال عون والإيجابية التي تصرّف بها رئيس الحكومة سعد الحريري والقرار السياسي عند أكثريّة الفرقاء، ولولا الاستراتيجية الواضحة التي وضعتها القوات»، مشيراً إلى أن «القانون هو نتاج تعاون كل الفرقاء». ورد على «من يدعي أن هذا القانون مفصّل على حجم التيار الوطني الحر والقوات»، بالقول: «أكثر قانون يعطي فرصة للأحزاب الصغيرة هو هذا القانون، فالقوات والتيار في الستين ينالان كل المقاعد المسيحية، لكننا رفضنا ذلك، والقانون الحالي هو أكثر قانون ضد الأحزاب الكبيرة». وعن قول البعض أنه قانون «حزب الله»، أجاب: «الكل يعلم أننا على طرفي نقيض مع حزب الله في النظرة إلى لبنان وهو العائق أمام تشكيل الدولة، لكن هذا لا يعني أننا نرفض كل ما يقوله، فعلى سبيل المثال في مجلس الوزراء إذا عارض حزب الله الفساد فنحن نؤيده...». وقال: «قانونه كان النسبية مع دائرة واحدة، بينما هذا القانون ليس قانونه، بتقديراتي بأحسن الحالات حزب الله سيخسر عدداً من المقاعد إذا تكاتف الشيعة الأحرار بوجه الثنائي الشيعي». مجموعة دعم لبنان الدولية ترحّب ومستعدة للمساعدة بيروت - «الحياة» - رحب «أعضاء مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان» في بيان مشترك بـ «الاتفاق على إطار انتخابي جديد في لبنان»، معتبرين ذلك «خطوة إضافية نحو إعادة تفعيل مؤسسات الدولة والحياة السياسية الطبيعية في لبنان، ما يؤدي بدوره إلى معالجة الشؤون الملحة للمواطنين اللبنانيين وإلى تعزيز التعاون مع المجتمع الدولي». وشدد الأعضاء «انطلاقاً من وحي التقدم السياسي المستمر، على أن إجراء انتخابات سلمية وشفافة في حينها، وفقاً للدستور وعاكسة تقاليد البلاد الديموقراطية، سيكون مهماً للحفاظ على التقدم المحرز حتى الآن». كما شددوا على أهمية «التعامل مع التأجيل التقني بفاعلية للتمكن من تنظيم الانتخابات على وجه السرعة». وأكدوا الاستعداد «لتقديم المساعدة التقنية للبنان». وتوقفت المجموعة عند «أهمية التوصل إلى مشاركة جدية للمرأة المرشحة في العملية الانتخابية، على النحو المتوخى أيضاً في أهداف التنمية المستدامة المعتمدة عام 2015 لزيادة تمثيل المرأة في هيئات صنع القرار في المؤسسات اللبنانية». وقال الناطق باسم الممثلة العليا للاتحاد الاوروبي فيديريكا موغريني الخطوة بأنها «مهمة نحو التوصل الى مؤسسات ديموقراطية عاملة بالكامل في لبنان وستمكن الحكومة من تنفيذ الاجراءات الاقتصادية والهيكيلية الضروروية، وستسهم في ارساء الاستقرار وتحفيز نمو اقتصادي اسرع». ورحب نائب الناطق باسم وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية بـ «اعتماد المجلس النيابي اللبناني قانوناً انتخابياً جديداً، تتويجاً لعملية بدأت قبل أشهر بمشاركة جميع اللاعبين السياسيين اللبنانيين الذين استطاعوا التوصل إلى اتفاق قبل انتهاء ولاية البرلمان، واعتماد قانون انتخابي يمثل مرحلة جديدة في عملية إعادة تشغيل المؤسسات اللبنانية، والتي ينبغي أن تستكمل بالانتخابات التشريعية». وأكد أن «فرنسا تقف إلى جانب لبنان في جهوده للحفاظ على الاستقرار والديموقراطية ولتلبية التحديات الأمنية والاقتصادية والإنسانية». الحراك المدني يعترض باعتصام «خجول»
مشاركة :