أوضح بنك الكويت الوطني أن تدني مستوى التقلبات، هو سيد الموقف على صعيد الأسواق المالية حتى الآن هذا العام، لاسيما بالنسبة للأسهم المتداولة في الاقتصادات المتقدمة على وجه الخصوص.وأشار إلى أن أزمة العلاقات الدبلوماسية والتجارية القطرية - الخليجية، بدأت تؤثر على أسعار الأصول، في حين تقاعست أسعار النفط عن تقديم يد العون لدول المنطقة بظل صراعها للبقاء في حدود 50 دولاراً للبرميل (وفقاً لأسعار مزيج برنت)، رغم تمديد اتفاقية «أوبك» وشركائها لخفض الإنتاج لمدة 9 أشهر إضافية تنتهي في مارس 2018.وأشار «الوطني» في تقريره الاقتصادي، إلى أن الأحداث غير المسبوقة منذ بداية العام الحالي، مثل تولي دونالد ترامب مقاليد الحكم بالولايات المتحدة الأميركية، وما أسفرت عنه الانتخابات الفرنسية في شهر مايو الماضي من انتخاب شخص غير معروف مثل ماكرون، لم يكن لها تأثير يذكر على استقرار الأسواق.ولفت التقرير إلى أن عوامل عديدة ساهمت في تدنى مستوى التقلبات، بما في ذلك عناصر تقنية، مثل تزايد الاعتماد على الاستثمار الساكن (صناديق المؤشرات، وصناديق الاستثمار المتداولة)، موضحاً أن المقومات الأساسية لعبت أيضاً دوراً رئيسياً.وذكر أن الاقتصادات الرئيسية وبيئة السياسات المرتبطة بها، شهدت استقراراً ملحوظاً لفترة طويلة نسبياً، بمعنى استقرار معدلات النمو على الصعيد العالمي مقروناً بالقليل من المفاجآت السارة، خصوصاً في محيط الاتحاد الأوروبي، وما أسفرت عنه من رفع توقعات النمو إلى حد ما، تزامناً مع استقرار توقعات معدلات التضخم لدى البنوك المركزية.وأضاف أنه لا توجد عوامل قاطعة من شأنها أن تؤدي إلى عملية إعادة تقييم جوهرية للوضع الاقتصادي أو السياسات الراهنة، إلا أن ذلك الوضع قد يتغير قريباً.وأوضح التقرير أن معظم أسواق الأسهم ومنذ أوائل شهر يونيو الجاري، لا تزال تبلي بلاءً حسناً، بل وتمكن بعضها من تحقيق ارتفاعات تاريخية، بحيث ارتفعت الأسهم في الأسواق المتقدمة بنسبة 8 في المئة منذ بداية العام حتى اليوم، بينما ارتفعت الأسهم العالمية والأسواق الناشئة ما بين 9 و13 في المئة على التوالي منذ بداية العام.وبيّن التقرير أن أداء الأسواق الخليجية تباطأ وتراجع بنسبة 2.3 في المئة منذ بداية العام حتى الآن، في أعقاب الانتعاش المحموم الذي عاصره بعضها بنهاية العام 2016 (السعودية) أو ببداية عام 2017 (الكويت).وأضاف أن الآفاق المستقبلية لأسعار النفط تتسم بالضبابية وتشتت التوقعات المستقبلية، مبقياً على توقعاته السابقة بخصوص الارتفاع التدريجي لأسعار النفط مستقبلياً، وبلوغ متوسط سعر مزيج برنت 55 دولاراً للبرميل خلال العام الحالي على خلفية قيام «أوبك» بتطبيق مزيد من خفض الإنتاج وتراجع المخزون النفطي، وبدء موسم السفر والمواصلات قريباً.وأكد التقرير أن إجماع التوقعات على تراوح معدل النمو العالمي بين 3 و3.5 في المئة هذا العام منطقي، إذ يتوقع أن يبلغ معدل النمو في الولايات المتحدة ما بين 2 و2.5 في المئة، و2 في المئة لمنطقة اليورو، و6.5 في المئة أو أكثر في الصين، وما بين 1 و1.5 في المئة باليابان.وأوضح التقرير أنه يتوقع ان يبدأ الاحتياطي الفيديرالي بالتوسع في «تطبيع» سياساته، من خلال البدء في تقليص موازنته المتضخمة (4.3 تريليون دولار)، بحيث سيقوم في ديسمبر المقبل أو قبل ذلك بوقف استبدال كامل سندات الخزينة مستحقة السداد في محفظته المالية، وسيقوم عوضاً عن ذلك باستبدال جزء من الديون مستحقة السداد فقط، على أن يتم خصم الباقي من محفظته المالية.وأفاد أنه بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي، والذي مازال يضيف مشتريات السندات شهرياً إلى محفظته (60 مليار يورو شهرياً)، فإنه لن يتطرق إلى موضوع تقليص المشتريات بعد، أو حتى رفع أسعار الفائدة، وان كان هذا المشهد يلوح في الأفق.ولفت إلى أن أسعار الفائدة مازالت تقترب من الصفر في تلك المنطقة، إذ يحتفظ البنك المركزي الأوروبي بالحذر الزائد، إلا أنه مع صدور بيانات أفضل من المتوقع من أوروبا بدأت الأسواق تستشعر بالفعل ما هو مقبل، بغض النظر عن مدى التدرج والتأخر في تفعيل تلك الظروف.وتابع التقرير أن ألمانيا والمستشارة ميركل هي الأخرى، لا تشعر بالحماس تجاه سياسة أسعار الفائدة المنخفضة، بحيث ذكروا أو ألمحوا بأن عملة اليورو مقومة بأقل من قيمتها، ضاغطين بذلك على البنك المركزي الأوروبي في اتخاذ خطوته التالية، في الوقت الذي فقد فيه المتقاعدون والمدخرون صبرهم تجاه تدني أسعار العائدات إلى مستويات قياسية، منخفضة إلى ما يقارب الصفر على استثماراتهم ذات الدخل الثابت.وأفاد أنه بالنسبة لمعدلات اليابان، فهي بطبيعة الحال قريبة من الصفر هي الأخرى (يبلغ عائد السندات لأجل استحقاق عشر سنوات 5 نقاط أساس)، وسط غياب أي توقعات تجاه التحرك بعيداً عن سياسة التيسير الحالية، في حين لا تلوح أي بادرة أمل في الأفق حيال ذلك، بحيث يظل الانكماش في التضخم بعبعاً مخيفاً، بينما يبلغ معدل التضخم في مؤشر أسعار المستهلك الياباني 0.5 في المئة على أساس سنوي مقارنة بنسبة 2 في المئة المستهدفة.وأشار إلى أن النمو العالمي المطرد واستقرار التضخم باتا يترجمان إلى أسهم مرتفعة وأسعار فائدة مستقرة وتدني مستوى التقلبات، موضحاً أنه بالفعل فان أسعار الفائدة تتحرك نحو الارتفاع إلى حد ما على المدى القريب، مع اتباع البنوك المركزية سياسة تشددية (الاحتياطي الفيديرالي)، في حين تبقى معدلات الفائدة للأجل الطويل ثابتة بفضل الآفاق المستقبلية المعتدلة للتضخم ولتعطش المستثمرين لتحصيل عوائد على استثماراتهم.ضجة... بسيطةذكر التقرير أن بعض الاحداث السياسية التي كان متوقعاً أن يكون لها وقع مؤثر، وان كان بصفة موقتة هذا العام، أتت ومضت ولم تسفر سوى عن ضجة بسيطة، أو إضافة لا تكاد تذكر لمستوى التقلبات السائد، مبيناً أنه حتى الفضائح المتعلقة بترامب، أو الفضائح المزعومة، اعتاد عليها الناس.ولفت إلى أن بعض مشاكل ترامب السياسية، من شأنها ان تؤخر أجزاء مهمة في جدول أعماله بما في ذلك الإصلاح الضريبي، وتعديل النظام الصحي أوباما كير المعطل حالياً، إذ يعد كل مسعى من هذين المسعيين معقد جدا في حد ذاته ويتطلب الوقت ورأس المال السياسي.وأمل ألا تؤدي جلسات الاستماع والتحقيقات (روسيا والتسريبات...) وما شابه ذلك، إلى إحداث تأخير إضافي للأمور، مبيناً أنه من غير المحتمل تسجيل أي احداث على هذا الصعيد قبل نهاية العام.وأوضح أنه لجعل الامور تزيد سوءاً، فبحلول شهر سبتمبر المقبل، سيتعين أيضاً خوض معارك تتعلق بالموازنة ومد أجل الديون، في وقت تعلق الأسواق الأميركية أملها على مرور تلك التشريعات من دون أي عقبات، حتى ان أدى ذلك إلى تأجيلها، منوهاً بأن هناك إمكانية كبيرة لحدوث خيبة أمل ويجب ألا تغفل عنها الأعين نظراً لأهمية الاقتصاد الأميركي واسواقه المالية للاقتصاد العالمي.وذكر أنه مع توقع قيام الاحتياطي الفيديرالي برفع أسعار الفائدة ثلاث مرات خلال العام الحالي، ومن ضمنها رفعها في مارس ويونيو، أبدت بيانات تقرير الوظائف الأميركي مظاهر كافية من الضعف، لتلقي بظلالها على تلك التوقعات وعلى توقعات الفيديرالي في رفع الفائدة 3 مرات خلال عام 2018، بحيث تمت إضافة 138 ألف وظيفة جديدة فقط في مايو، لتضع المراجعة الأخيرة متوسط الثلاثة أشهر عند مستوى 121 ألف وظيفة، وهو أدنى متوسط على مدى خمس سنوات.
مشاركة :