المسلسلات اللبنانية تقاطع الأعمال المشتركة لصالح الإنتاج المحليتضم قائمة المسلسلات اللبنانية المعروضة حاليا على القنوات المحلية والعربية تشكيلة متنوعة من الأعمال الدرامية تجاوزت عشرة مسلسلات، وهي المرة الأولى التي تطرح فيها ماكينة الدراما اللبنانية كل هذا الكم من الأعمال دفعة واحدة خلال الموسم الرمضاني.العرب ناهد خزام [نُشر في 2017/06/20، العدد: 10669، ص(16)]وين كنتي 2 يتفوق على الجميع تعيش الدراما اللبنانية في رمضان الحالي طفرة غير مسبوقة كمّا وكيفًا، حيث تجاوز عدد المسلسلات المعروضة بالقنوات اللبنانية والعربية العشرة، والتي تراوحت مضامينها بين الاجتماعي والرومانسي والتاريخي. والملاحظ خلال هذا الموسم أن الأعمال الدرامية المشتركة قد تراجعت لصالح الأعمال ذات الإنتاج اللبناني، وبين هذه الأعمال يستأثر المخرج اللبناني سمير حبشي بعملين يعرضان على نفس القناة “إل بي سي آي”، وكلا العملين من تأليف الفنانة والكاتبة كلوديا مرشليان، الأول هو مسلسل “ورد جوري”، أما العمل الآخر فهو الجزء الثاني من مسلسل “وين كنتي”. وليست هذه المرة الأولى التي يجتمع فيها الثنائي حبشي ومرشليان في عمل واحد، إذ جمعتهما العديد من الأعمال الدرامية السابقة، منذ اجتمعا لأول مرة في مسلسل “نضال” عام 2005، والذي يعد باكورة أعمال مرشليان ككاتبة سيناريو. واستمر التعاون بينهما في أعمال أخرى، نذكر منها على سبيل المثال “أحمد وكريستينا”، و”باب إدريس”، و”لونا”، و”سارة” وكان آخر هذه الأعمال مسلسل “الشقيقتان” الذي عرض قبل رمضان."ورد جوري" يتعرض لجرائم الاعتداء الجنسي وانعكاسها على الضحية، ونظرة المجتمع القاسية تجاه المعتدى عليها وربما تكون هذه هي المرة الأولى التي يُعرض فيها لهذا الثنائي عملان في وقت واحد وعلى نفس القناة التلفزيونية، ما يكسب المقارنة بين العملين طابعا خاصا في سياق المنافسة الدرامية. قصة متشعبة اللافت هنا أن مسلسل “وين كنتي” قد تفوق خلال الأيام العشرة الأولى في معدل نسبة المشاهدة على مسلسل “ورد جوري” الذي تراجع إلى المرتبة الخامسة حسب تقييم شركة “إيبسوس” المختصة في قيس نسب المشاهدة، فقد احتل المسلسل المرتبة الأولى بنسبة مشاهدة تفوق التوقعات، ويبدو أن العلاقات المتشابكة والمربكة بين شخصيات العمل كانت حافزا للمشاهد اللبناني على متابعة المسلسل، خاصة أنه يتطرق إلى مسائل تتسم بالحساسية الشديدة في العلاقات. و”وين كنتي” من بطولة كل من كارلوس عازر، وريتا حايك، ونيقولا دانيال، وجان قسيس، وأنطوانيت عقيقي، ووفاء طربية، ونيقولا مزهر وآن ماري سلامة. ويدور المسلسل حول رجل في الستين من عمره يرتبط بفتاة صغيرة، وهو ما يشكل صدمة للعائلة ويكون سببا في الصراع الذي نشب بين زوجته الجديدة وعائلته الرافضة لهذا الزواج، وهو الصراع الذي شهدنا تفاصيله خلال الجزء الأول وتتواصل تداعياته خلال الجزء الثاني. ويحمل الجزء الثاني من المسلسل المزيد من الإثارة والتداعيات التي تلقي بظلالها على أسرة الخواجة “رمزي” الذي يلعب دوره الفنان نيقولا دانيال، إذ تتطور العلاقة بين ابنه جاد (كارلوس عازار) وزوجته نسرين (ريتا حايك)، وبينما يواجه الأب اعتراض المقربين منه على زواجه بكل حزم، يحاول ابنه إخفاء عشقه لزوجة أبيه. ويجد نفسه ممزقا بين حبه وولائه لأبيه والتزامه في نفس الوقت بعلاقته مع خطيبته التي تحاول بشتى الطرق كشف أسباب تغيره وابتعاده عنها. وفي هذا الجزء يصارح جاد زوجة أبيه بحبه لها، كما ستتكشف خلال الحلقات القادمة بعض الأسرار التي ظلت غامضة خلال الجزء الأول كمقتل زوجة رمزي السابقة “ناديا” وعلاقته هو بمقتلها. حدث مربك في مقابل صراعات “وين كنتي” يتعرض مسلسل “ورد جوري” لجرائم الاعتداء الجنسي وتبعاتها وانعكاسها على الأسر والضحايا، ونظرة المجتمع التي قد تكون قاسية في بعض الأحيان تجاه الضحية، ويؤدي دور البطولة في المسلسل كل من نادين الراسي وعمار شلق ورودريغ سليمان ورولا حمادة. وتلقي الحلقة الأولى من المسلسل نظرة سريعة على الأطراف الفاعلة فيه، حيث نتعرف على أسرة “جوري” التي تلعب دورها نادين الراسي، وهي الأخت الكبرى في أسرة متوسطة الحال مكونة من أب وأم وثلاثة أبناء."ورد جوري" يربك المشاهدين وفي المقابل نتعرف على أسرة أخرى ثرية مكونة من أم وابنها المراهق، الأم منفصلة عن زوجها وتعيش قصة حب مع رجل آخر، ومع نهاية الحلقة الأولى يجد المشاهد نفسه في مواجهة الحدث الأبرز في العمل، وهو مشهد اغتصاب روان (ستيفاني عطا الله) شقيقة نادين الراسي، وهو المشهد الذي أثار زوبعة من التعليقات على شبكات التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض نظرا لجرأته الشديدة، وطبيعته التي اتسمت بالعنف، ففي غمرة احتفال الأسرة بنجاح البنت الصغرى، وبينما تتوجه الابنة لتقدم الحلوى إلى أحد الجيران يلتقطها شابان ويتناوبان اغتصابها. وتربك حادثة الاغتصاب الأسرة وتقلب حياة أفرادها رأسا على عقب، فتجد الأخت الكبرى جوري نفسها في صراع بين رغبتها في الانتقام لأختها بإبلاغ الشرطة ورغبة والدها الذي يميل إلى التكتم خشية الفضيحة، ليبقى ظل هذا الحدث ماثلا في أذهان الجميع ليغير كثيرا من حساباتهم. وتتوقف الأخت الكبرى عن التفكير في مشروعها الذي كانت تخطط لتنفيذه، بينما يدخل الأب في حالة من الحزن وتأنيب الضمير، وتبدو الأم لا حيلة لها إزاء ما حدث، بينما تدخل روان التي تم الاعتداء عليها في حالة من الاكتئاب والعزلة ويتحول سلوكها إلى النقيض، من فتاة منطلقة ترسم لنفسها طريق المستقبل إلى أخرى تتسم بالعدوانية والرغبة في الانتقام. وهكذا تتخذ الأحداث مسارها خلال الحلقات التي تم عرضها حتى الآن، وتظل العديد من الخيوط والتساؤلات في ذهن المشاهد الذي يتلهف لمعرفتها، كمصير العلاقة بين الابنة الكبرى جوري ومالك (عمار شلق) الذي هو في نفس الوقت صديق والدة الشاب المتهم بالاغتصاب، فهل تسعى جوري من وراء هذه العلاقة كما تقول إلى الانتقام لأختها؟ أم ستتخذ العلاقة منحى آخر غير متوقع؟ وكيف ستتصرف الابنة الصغرى للخروج من تلك الأزمة التي عصفت بكيانها؟ واتسمت الحلقات الأولى من المسلسل بالإثارة والتصاعد السريع للأحداث، وهو تصاعد خفّت وتيرته إلى حد المط والتطويل في بعض الحلقات، رغم امتلاك العمل للكثير من الخيوط الدرامية المتشابكة التي كان بمقدورها الابتعاد به عن حالة الرتابة أحيانا، غير أن السياق العام للحلقات الأخيرة التي تم عرضها تنبئ بتطورات درامية أكثر إثارة تنتظر المشاهدين، لتبقى المنافسة بين العملين في صالح الثنائي حبشي ومرشليان.
مشاركة :