تمكنت كوكبة من النقاد والأدباء والشعراء الجزائريين الجدد في فترة وجيزة من ترسيخ قدم الأجناس الأدبية الحداثية وخاصة الشعر الحديث في الخريطة الثقافية الوطنية وذلك رغم تعنت ورفض حرّاس الاتجاه الشعري التقليدي. العرب أزراج عمر [نُشر في 2017/06/23، العدد: 10672، ص(15)] في الفترة الممتدة بين الستينات والثمانينات من القرن العشرين شهدت الجزائر حركة ثقافية متوثبة شارك فيها أدباء وكتاب جزائريون ومغاربة ومن المشرق العربي. لقد كانت الجزائر في ذلك الزمان أشبه بورشة بناء ثقافي تفاعلت فيها الكثير من الجهود وبذلك تأسست بوادر حركة ثقافية جديدة لم تكن تعرفها البلاد من قبل. إلى جانب هذا لعبت حينذاك كل من وزارة الثقافة ووزارة التعليم العالي أدوارا مهمة في الانتعاش الثقافي وتشجيع المواهب وهكذا تأسست عدة مجلات ثقافية وأدبية وفنية ذات مستوى جيد منها مجلات الثقافة، والجيش، والمجاهد الثقافي والأدب والثورة، وألوان، وجزائر الأحداث بالفرنسية، والثورة الأفريقية، وصحف يومية وفي صدارتها جريدة الشعب. لقد نشرت على صفحات هذه المنابر البدايات النصوص القصصية والروائية والشعرية المدشنة لعهد أدبي جزائري جديد ومن ذلك توطين الشعر التفعيلي المدعو آنذاك بالشعر الحر في الجزائر. أما النقدان المسرحي والسينمائي فقد عرفا في الجزائر ازدهارا ملحوظا في الفترة المذكورة آنفا وذلك بفضل كتابات النقاد السينمائيين منهم جزائريون نذكر من بينهم محمد بجاوي، وإخوة مشارقة مثل سعد أردش وكرم مطاوع ومغاربة مثل محمد علي الهواري وتفاسكا أحمد وغيرهم كثير. في مجال الشعر الحر برزت أسماء عديدة بعضها جزائري وبعضها الآخر من أصول عراقية مثل فوزي عبدالرزاق القادم من كركوك، و سورية مثل عبدالعزيز الراغب، أو تونسية مثل منور صمادح. لقد تمكنت هذه الكوكبة من الأدباء إلى جانب كوكبة من النقاد والأدباء والشعراء الجزائريين الجدد في فترة وجيزة من ترسيخ قدم الأجناس الأدبية الحداثية وخاصة الشعر الحديث في الخريطة الثقافية الوطنية وذلك رغم تعنت ورفض حرّاس الاتجاه الشعري التقليدي لهذا النمط الجديد من التشكيل الشعري. ولكن المشكلة التي لا تزال قائمة إلى يومنا أي بعد مضي ما لا يقل عن أربعين سنة هي مشكلة عدم جمع كل ما نشر في هذه الفترة سواء في الصحف اليومية أو الأسبوعية أو الشهرية أو الدورية الجزائرية وبذلك تم نسيان وطمس جزء مهم من المشهد الثقافي الجزائري بعد الاستقلال. هناك نقاد وشعراء وقصاصون وحتى متفلسفون قد نسيت أسماؤهم تماما ولم يعد أحد يذكرها أو يعرف عنها شيئا يذكر. هناك مثلا الشاعر جمال الطاهري الذي يعد أحد أوائل شعراء التفعيلة في الجزائر، وهناك الكتابات النقدية والفلسفية لآدم طالب وعلمت مؤخرا أن كل ما تركه هذا الكاتب المجتهد والذي أغتيل بقطع رأسه في العشرية الدموية ليس متداولا وربما يكون قد ضاع تماما. كاتب جزائريأزراج عمر
مشاركة :