الاصرار على تجاهل المسرح الثقافي الآسيوي المتعدد المشارب والمناهل والغني فعلا بالفكر والفن والآداب والتجارب الإبداعية الاقتصادية والعلمية غير مبرر وليس في مصلحة مواطنينا. العربأزراج عمر [نُشرفي2016/11/04، العدد: 10445، ص(15)] يحضرني دائما هذا السؤال: لماذا يهمل أغلب المفكرين والأدباء والباحثين والمترجمين العرب المعاصرين الإنتاج الثقافي الآسيوي بكل تنوعاته، علما وأنه إلى حد الآن لا توجد ببلداننا مراكز وكليات متخصصة في دراسة الظواهر الثقافية والفكرية والفنية في القارة الآسيوية التي نشترك معها في الكثير من القواسم الحضارية؟ ثم لماذا نفتقد أيضا إلى المجلات ودور النشر التي تقدم إلى أجيالنا الجديدة العناصر المشكلة للثقافات الآسيوية المتنوعة والغنية لكي تتفاعل معها تفاعلا خصبا؟ لا أحد يمكن له أن ينفي وجود بعض الكتب والمقالات القليلة جدا والتي تهتم بالعملاق الثقافي والحضاري الآسيوي مثل مساهمات الكاتب يوسف إدريس، ومحمد جابر الأنصاري وغيرهما نادر. مع العلم أن هذه المساهمات لا تشكل في مجملها توجها وانفتاحا جماعيين متواصلين في حياتنا الثقافية والفكرية نحو الفضاء الآسيوي. إنه بسبب هذا الإهمال نجد أجيالنا الشابة لا تحيط علما بأشكال تعبير العقل الآسيوي المتمثل في الفلسفات، والديانات، والتقاليد والآداب والفنون الآسيوية، كما أنها تجهل التجارب الآسيوية في مجالات التكنولوجيا والاقتصاد وتنظيم المجتمعات التي تستند بدورها إلى الركائز الثقافية والفكرية من دون أدنى شك. إن هذا الإصرار على تجاهل المسرح الثقافي الآسيوي المتعدد المشارب والمناهل والغني فعلا بالفكر والفن والآداب والتجارب الإبداعية الاقتصادية والعلمية غير مبرر وليس في مصلحة مواطنينا بأي معيار من المعايير. في هذا المناخ المعتم نجد تجربة محمد جابر الأنصاري، المتمثلة في عدد من مؤلفاته التي كرسها على مدى سنوات لدراسة العقل الآسيوي من خلال تجربة اليابان تحديدا، من أبرز التجارب النادرة في بلداننا. رغم أن كتابات الأنصاري تتناول جزءا فقط من البنيات الثقافية، والتاريخية والحضارية الآسيوية ولكنها خطوة في الطريق الصحيح وهي جديرة بالتنويه وأن تتخذ نموذجا أوليا يبنى عليه. يدعو الأنصاري “الوعي العربي الاستراتيجي والحضاري إلى تفهم القوة الشرقية الصاعدة وتدارسها” ثقافيا وفكريا وعلميا، ويوضح أن ما يرشَح نجاح العلاقات العربية الآسيوية من جهة نظره هو عدم وجود الصراعات الدينية والتاريخية والأيديولوجية بين العرب وبين الآسيويين خاصة بالمقارنة مع تلك الصراعات القديمة والحديثة والمعاصرة الحادة بين الغرب الرأسمالي وبين العالم العربي. ففي تقديره فإن أرضية التلاقي، بدل التصادم، بين شعوب آسيا والعالم العربي – الإسلامي متوفرة، كما يمكن لنا أن نستلهم “التجارب اليابانية والصينية والكورية والهندية على اختلافها، وتباينها، التي تمثل في نهاية الأمر محاولات ناجحة لأمم شرقية للحفاظ على خصوصيتها وشخصيتها الحضارية الذاتية مع استيعاب مقومات القوة الحقيقية في الحضارة الحديثة”. كاتب جزائري أزراج عمر :: مقالات أخرى لـ أزراج عمر لماذا الانغلاق على الثقافات الآسيوية , 2016/11/04 الجزائر: ما أوسع شارع الشهداء وما أضيق زقاق الاستقلال, 2016/11/03 بلاش فلسفة, 2016/10/28 مسرحية إبعاد عمار سعداني وحكم جماعة تلمسان, 2016/10/27 هكذا يستخرجون الفن من الفكر, 2016/10/21 أرشيف الكاتب
مشاركة :