القاص الكويتي إبراهيم الهندال للحديث حول تجربته الروائية الأخيرة، وحول بعض القضايا الثقافية الأخرى في الكويت.العرب زكي الصدير [نُشر في 2017/06/23، العدد: 10672، ص(15)]القارئ هو من يحدد نجاح الكاتب أو فشله أصدر إبراهيم الهندال (مواليد الكويت 1985) مؤخراً روايته الأولى عن دار نينوى السورية حاملة عنوان “مدن ملوّنة”. وتأتي هذه الرواية بعد مجموعته القصصية “بورخيس وأنا” الصادرة في 2012. ويعكف حالياً على مشروع قصصي يتناول عدّة قضايا إنسانية في إطار مناخ واحد، كما أنه منشغل بالعمل على رواية قصيرة تنتظر الشكل النهائي قبل إصدارها. كتابة مفككة عن تحوّل الهندال من منصة القصة القصيرة إلى الرواية يحدثنا قائلا “الفكرة هي التي قادتني إلى ذلك، وأعتقد أنها هي التي تحدد للكاتب الطريقة التي سيكتب بها، إضافة إلى أن النص كان أقرب إلى الرواية منه إلى القصة، ما جعلني أكتب الرواية هو أن الأمكنة والشخصيات أشعرتني أنني لن أعطيها مساحة كافية لو كتبتها كقصة، ولهذا قررت كتابتها رواية، وشعرت أنني أريد أن أتحرر من القيود التقليدية في القصة، والرواية لها مساحة أكبر بكثير من أي نص آخر”. ويتابع الهندال متحدثاً عن مناخات رواية “مدن ملوّنة” “تتناول الرواية حياة الفرد المبدع في بلد لا تعنيه العلوم والثقافة بقدر ما تعنيه الحياة الاستهلاكية، فيسعى من خلال عمله إلى أن يدمج استهلاكية المجتمع في الاهتمام بالعلوم والثقافة وترجمة كل ما هو مهم في حياة الأجيال. تدور أحداث الرواية في ثلاثة بلدان، وهي الكويت وباريس ولشبونة، وتطرح هموم المثقف في عمل اتصال مباشر مع من سبقوه، لا يمجدهم ولا يريد منهم اعترافاً، بل ليدفع بمجتمعه عبرهم، هو يدرك أن الوعي يأتي بالتراكم الكمي وبمرور الزمن ينتج عنه تراكم نوعي، ويوصل رسالة حتى وإن كانت المشهد السردي الآن يعيش أفضل حالاته، أما في ما يتعلق بالقصة القصيرة فهناك تراجع كبير على حساب الرواية متأخرة مفادها أن بالعمل الدؤوب والتركيز على ما هو ناجع تتطور الأمم لتبني قاعدة يتكئ عليها الجيل الشاب، ولا يكون تحقيق الهدف إلا بفضل الطريق الممهد له وهو العلم”. ويضيف ضيفنا في الشأن ذاته “تدور الرواية حول الشخصية الرئيسية أحمد الذي يعمل محرراً في إحدى دور النشر، ومن ثم يتجه إلى الترجمة والكتابة. وهو أيضا مكتشف كتّاب وبلدان. أما صديقه خالد فيعمل في مجال العلوم ومختص بمجال الترجمة وعمل على ترجمات متخصصة مع أحمد أثناء عملهما مع ثلاثة أصدقاء آخرين تنتهي علاقتهم بالثلاثة بعد ترجمة عدة أعمال علمية. تتتابع أحداث الرواية لتكشف أن انشغالات الآخرين تترك فيهم عزما على تحقيق حلمهم سوية، فيتم اختيارهم لتنظيم مسابقة قصة بعد أن شاركوا في صياغة برنامج ثقافي بإحدى دورات معرض الكتاب في الكويت. ضمن هذا الفضاء أُقيمت الحبكة على مصير الثنائي حينما يفكران كمجموعة، أو كأفراد، فما الذي يمكن تحقيقه من أهداف وما هي العوائق حينها؟ الرواية تدور في ثلاثة فصول، تنتمي إلى أدب الفنتازيا الواقعية، حيث السرد يتكئ أساسا على الحوار والصورة السينمائية، وتدور أحداث الرواية في عدد من مدن العالم وتنطلق من الكويت”. لم يلتزم الهندال في رواية “مدن ملوّنة” بمنهج سردي واضح، الأمر الذي جعلها أقرب إلى المشاهد السريالية المتفككة منها إلى الرواية المتماسكة. وعن ذلك يعلّق قائلا “برأيي لم تكن بحاجة إلى منهج سردي واحد، لأنها في كل رحلة وعالم لم أطل المكوث فيه، ولم أرغب في إضافة عالم كامل كما نقرأ في الرواية العربية، بل رغبت في كتابة مغايرة للسائد. هل وفقت أم فشلت؟ هذا الأمر متروك للقارئ فهو من يحكم في النهاية. وللأمانة كتبت بعض الفصول في البداية بمنهج واحد، ومن ثم غيرته. أحببت أن أكتب رواية بشكل جديد كليا، ومن السهل أن أكتب على الغلاف ‘قصص’ وينتهى الأمر، لكني أحببت المغامرة ومضيت بها إلى النشر”.رواية تدور في ثلاثة فصول، تنتمي إلى أدب الفنتازيا الواقعية، حيث يتكئ السرد أساسا على الحوار والصورة السينمائية استمرار القصة النتيجة التي وصل إليها إبراهيم الهندال قادتني ّإلى سؤاله عن رأيه في العوالم التي يفترض أن يقتحمها القاص أو الروائي الكويتي في هذه المرحلة الزمنية المسكونة بالحرب وبأزمة الحريات والتعبير عن الرأي. وضمن هذا السياق يعتقد الكاتب أن الفرق بين كاتب القصة وكاتب الرواية فرق واحد أساسي، وهو أن الروائي يجب أن يبتعد عن المؤثرات من حوله وأن يصفي ذهنه للعالم الذي يكتبه لأنه من الضروري أن يخلص لعمله وأي تأثير خارجي سيفسد العمل ويؤخره كثيرا ويغيره ويبعده عن الفكرة الأولى. أما في موضوع القصة، فعلى القاص أن ينتبه للأخبار والحوادث من حوله وأن يكتبها على طريقته. وإثر سؤال ختامي عن الهم الذي يحمله الجيل القصصي والروائي الشبابي في الكويت، وكيف يقرأ المشهد السردي المعاصر، بالأخص القصة القصيرة، يجيب الهندال “المشهد السردي بشكل عام الآن يعيش أفضل حالاته، أما في ما يتعلق بالقصة القصيرة تحديداً فهناك تراجع كبير على حساب الرواية طبعا”. ويضيف “هناك كتابات مثيرة للانتباه من هنا وهناك. لكنها تختفي بسرعة. والأسباب كثيرة أولها عدم جدية صناعة القصة، وعدم اهتمام دور النشر الكويتية بنشر القصة أو حتى عمل ورش إبداعية لها، وحتى المؤسسات التي تهتم بالكتابة بشكل عام هي مهتمة بجنس أدبي واحد ولا تعير باقي الأجناس الأدبية مثل القصة اهتماماً. ودائماً يشار إلى أن قيمة القصة مقابل الرواية لا تساوي شيئا على الإطلاق. وحينما ينشر قاص مجموعة قصصية يقال له ‘اترك الصور واكتب الحياة‘ إشارة إلى أن القصص عبارة عن صورة لا أكثر، حالها كحال الصور المنشورة بمواقع التواصل الاجتماعي، لا يعلم صاحبنا أن القصة هي الكتابة السردية الوحيدة القادرة على الاستمرار في ظل ضيق الوقت، المشكلة إذا كان القارئ مدربا على قراءة جنس أدبي وحيد”.
مشاركة :