عندما نعت الصحافة الأدبية في العالم العربي الأسبوع الماضي الشاعر الكبير سليمان أحمد العيسى وجدتُ أن أكثرها ذهبت إلى تقليده أوسمة شاعر الأطفال. وقلت في نفسي إنها أوبعضها لم يُنصفه، فعلى أكثر من نصف قرن أعطى أكثر من اثني عشر ديوانا من الشعر القومي، منذ نشيد "بلاد العرب أوطاني". نعم كان مُتشبثا بالأطفال، ففي قصيدته "صيحة الرواد" التي ألقاها في العام 1958 في القاهرة وجدناه في ثالث أو رابع بيت من القصيدة التي كانت بمناسبة مهرجان الكواكبي يقول: أغرودة الوحدة الكبرى خُذي كبدي عبر الزمان تسابيحا لها وفما قرأتُ في أعين الأطفال طلعتها إني لألمح شلاّل الضحى أمما وسليمان برنامج لقاءات أدب مُتنقّل. فإن نزل في مسقط (عُمان) يجد برنامجا جاهزا أعدهُ محبو شعره، بين استقبال وأمسيات. وجاء إلى المملكة العربية السعودية ضمن نشاط الجنادرية واجتمع مريدوه حول مائدة صديقه الحميم أ.د. راشد المبارك (أبي بسام) والقى قصائد بصوته الجهوري، واحتاجت الجلسة – أذكر – إلى مقاعد إضافية لتحتضن نُخبا مثل المرحوم عبدالعزيز الرويس ود. حمزة المزيني وحسن ظاظا (رحمه الله) ومحمد نصرالله وجيمس زغبي. وعلي عقله عرسان. أعتز بوريقات رسائل شخصية منه، وأحرص على حضور لقاءاته الشعرية ومناسباته، إذا وجدتُ أنني في مدينه تستقبل زياراته، وما أكثرها. وواضح لي كواحد من مثمّني شاعريته أنه فعلا انصرف بنسبة كبيرة من نشاطه إلى أدب الطفل. وأكثر منه بعد نكسة حزيران. لكن الشعر الوطني والشكوى من الحال العربية ظلت ملازمة لكل نبرة، تشدّه إلى الصحراء، وتضخ الأمل قي قوافيه وتُطعم قيثارته. فمن قصيدة ألقاها في الجزائر عام 85م سمعناه يقول: هبينا انطفأنا، سوف أرفع إصبعي وأنذر باليسرى توابيتي اليمنى لسوف أغنّي، رُبّما سقط الدّجى قتيلا على إصرار مُحتضَرٍ غنّى رحم الله سليمان فقد كان علما.
مشاركة :