إن ما يحدث من تلاعب في أسعار حليب الأطفال من قبل بعض الشركات المتخصصة أو الصيدليات والمستشفيات إضافة إلى منافذ البيع الأخرى، يتطلب تدخلا حازما من قبل وزارة التجارة لكشف كافة التفاصيل والتداعيات التي ساهمت في رفع الأسعار بشكل مفاجئ. وما قامت به «التجارة» من تقص للحقائق حول أسباب الأزمة مع كبار الشركات المستوردة لحليب الرضع كإجراء اتخذته للوقوف على كافة الملابسات، ليس هو المأمول والمنتظر، فالمواطن يدفع ضريبة الأزمة مهما كانت تداعياتها، بل وترغمه الحاجة الملحة على شراء عبوات الحليب بأسعار مرتفعة ومتفاوتة من مكان إلى آخر، ويظل هذا الإجراء لا يؤدي إلى نتائج حقيقية على أرض الواقع ويتلمسها المواطن والمستهلك. على الوزارة دور كبير لحسم ملف الارتفاعات المتتالية والأزمات المفتعلة من بعض الشركات لتحقيق عائدات مالية وأرباح خيالية على حساب المستهلك، وأن لا تكتفي بالإعلانات التي تتصدر الصحف بالغرامات المالية التي تتحملها الشركات المخالفة، فهي لن تتوانى في البحث عن تعويض خسائرها في رفع أسعار سلع أخرى، وهو ليس بالأمر الصعب على بعض الشركات، والسوق السعودي يشهد حالات متعددة ونماذج متنوعة لأزمات السلع الغذائية. ولوضع حد نهائي لهذا التلاعب لابد من التشديد والرقابة على هذه الشركات ومن تثبت مخالفتها تطبق في حقها أقصى العقوبات حتى لو استدعى الأمر استبعادها من الأسواق لردع كل من يحاول التلاعب بالأمن الغذائي. في المقابل تظل الوزارة مطالبة أن تقف بكامل مسؤوليتها وحزمها وقوتها للتصدي لكل عمل من شأنه إحداث أزمة اقتصادية داخل الوطن دون مبررات، وأن تسعى إلى تذليل كافة المعوقات التي قد تواجه شركات التموين بعد أن استمعت إلى مبرراتهم، وأخيرا ما جاء عبر مجلس المنافسة على أن تقدم الشركات المستوردة كل ما لديها من حجج ساهمت في إحداث الأزمة، والعمل على تطبيق قرارها الأخير والذي يلزم الشركات بالبيع بأسعار موحدة لا تتجاوز الـ29 ريالا للعبوة ذات الحجم الصغير، والتأكد من التزام كافة منافذ البيع بهذه الأسعار، وأن تلزم الشركات المستوردة مستقبلا بوضع الأسعار على العبوات مباشرة لضمان عدم التلاعب في أسعارها مستقبلا، فالوزارة أمام المواطن الدرع الواقي الذي يحميه من الاستغلال والجشع.
مشاركة :